اهتمام واسع بأول منتدى اقتصادي روسي ـ أفريقي

بوتين وجه رسالة ترحيب مبكراً... و«المركزي» سكّ «عملة تذكارية» للحدث

تستعد مدينة سوتشي لاستقبال القمة الروسية - الأفريقية الأولى من نوعها الأسبوع المقبل (رويترز)
تستعد مدينة سوتشي لاستقبال القمة الروسية - الأفريقية الأولى من نوعها الأسبوع المقبل (رويترز)
TT

اهتمام واسع بأول منتدى اقتصادي روسي ـ أفريقي

تستعد مدينة سوتشي لاستقبال القمة الروسية - الأفريقية الأولى من نوعها الأسبوع المقبل (رويترز)
تستعد مدينة سوتشي لاستقبال القمة الروسية - الأفريقية الأولى من نوعها الأسبوع المقبل (رويترز)

عكست طبيعة التحضيرات المكثفة من جانب مختلف المؤسسات الروسية حجم اهتمام موسكو بالقمة الروسية - الأفريقية؛ الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين روسيا ودول أفريقيا. وإلى جانب تقارير «تمهيدية» للقمة حول طبيعة وحجم التبادل التجاري بين روسيا ودول أفريقيا، أعلن البنك المركزي الروسي عن سكّ عملة معدنية تذكارية فئة «3 روبل» مكرسة لهذا الحدث التاريخي، بينما نشرت المؤسسة المنظمة على الموقع الرسمي للقمة كلمة ترحيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمشاركين والمنظمين وضيوف القمة، التي سينعقد خلالها أيضاً أول منتدى اقتصادي روسي - أفريقي.
وتستضيف مدينة سوتشي على البحر الأسود قمة «روسيا - أفريقيا» يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، برئاسة مشتركة من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري، رئيس الاتحاد الأفريقي، عبد الفتاح السيسي. وتمت توجيه الدعوة لقادة ورؤساء 54 دولة أفريقية، أكدت 40 منها المشاركة، وفق ما ذكرت وكالة «تاس». والقمة أول حدث على هذا المستوى في تاريخ العلاقات الروسية - الأفريقية، وسيولي المشاركون فيها اهتماماً بمجمل الملفات، بما في ذلك سيبحثون آفاق التعاون في المجال الاقتصادي، حيث ستشهد القمة انعقاد المنتدى الاقتصادي الروسي - الأفريقي الأول، بمشاركة رؤساء الدول المشاركة في القمة، فضلاً عن ممثلي الأعمال من الجانبين، والمؤسسات التكاملية النشطة في القارة الأفريقية.
الاهتمام بالجانب الاقتصادي من القمة برز في الكلمة الترحيبية التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبكراً «إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي الروسي - الأفريقي»، ونشرها المنظمون على الموقع الرسمي للقمة. ويقول بوتين في مقدمتها: «لم يسبق أن شهد التاريخ الغني للعلاقات الروسية - الأفريقية مثل هذا الحدث المهم، حيث سيجتمع ممثلو المؤسسات الحكومية ودوائر الأعمال والخبراء من بلداننا لمناقشة الوضع الراهن وآفاق التعاون، بالإضافة إلى كثير من المسائل الملحة للاقتصاد العالمي». وأشار إلى أن «الدول الأفريقية اليوم في طريقها الثابت نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتقنية، وتلعب دورا مهماً في الشؤون الدولية، كما يجري إنشاء عمليات تكامل متبادل المنفعة في إطار الاتحاد الأفريقي ومختلف المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية للقارة».
وفي الجزء الثاني من كلمة الترحيب انتقل الرئيس الروسي إلى العلاقات الثنائية، وقال إنها «ودية وموثوقة بطبيعتها»، لافتاً إلى «دينامية إيجابية في حجم التجارة وتدفقات الاستثمار»، فضلاً عن «مشروعات مشتركة يجري تطويرها في مجالات الصناعة الاستخراجية والزراعة والرعاية الصحية والتعليم»، وأكد أن «الشركات الروسية جاهزة لتزويد شركائها الأفارقة بإنجازاتها العلمية والتكنولوجية وخبراتها في تحديث البنية التحتية للطاقة والنقل والاتصالات»، وعبر عن أمله في الختام بأن «يتم من خلال المنتدى تحديد اتجاهات وأشكال التعاون الجديدة، وطرح المبادرات المشتركة الواعدة التي سترفع التعاون الحالي بين روسيا وأفريقيا إلى مستوى نوعي جديد وستؤدي إلى تنمية اقتصادات بلداننا ورفاهية شعوبنا».
وسيناقش المشاركون في المنتدى طيفاً واسعاً من القضايا الاقتصادية خلال جلسات يتحدث فيها رؤساء شركات رائدة وخبراء ووزراء. ومن أهم الأحداث المتوقعة، جلسة بعنوان: «اتجاهات وآفاق تطوير عمليات التكامل والتعاون»، مكرسة لبحث تبادل تجربة التكامل، وإمكانات تطوير التعاون متبادل المنفعة. كما سيناقش المشاركون الفرص التجارية في البلدان الأفريقية؛ إذ يتوقع الخبراء حدوث زيادة كبيرة في إمكانات الأسواق الأفريقية في المستقبل القريب. وقال خبراء في تقرير نشره الموقع الرسمي للقمة إن «القارة الأفريقية واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم. ويوجد كثير من الشركات العالمية بالفعل في أفريقيا، وهناك صراع نشط بينها من أجل مجالات النفوذ. بطبيعة الحال، فإن القيام بالأعمال التجارية هناك اليوم ليس مجرد فرص وآفاق، ولكن أيضاً مخاطر كبيرة». وستكون هذه القضية رئيسية في النقاشات بالمنتدى الدولي «روسيا - أفريقيا» في إطار جلسة «ممارسة الأعمال التجارية في أفريقيا: الفرص والظروف والمخاطر».
تعبيراً عن تقديره أهمية انعقاد المنتدى الاقتصادي «روسيا - أفريقيا»، أعلن البنك المركزي الروسي عن سكّ «قطعة عملة نقدية» تذكارية، من تلك العملات التي يسكّها عادة في مناسبات تاريخية كبرى، منها مثلاً العملة بمناسبة الألعاب الأولمبية في الاتحاد السوفياتي عام 1980، والألعاب الأولمبية الشتوية في روسيا عام 2014. وجاءت القطعة النقدية المكرسة لمناسبة المنتدى الاقتصادي الروسي - الأفريقي، من فئة «3 روبل»، وقال «المركزي» إنه سكّ 3 آلاف قطعة منها. وتم نقش شعار روسيا الاتحادية على جانب منها، وعلى الجانب الآخر شعار القمة، وفي الجزء العلوي صورة ملونة لروسيا الاتحادية، وفي الجزء السفلي القارة الأفريقية، وعلى اليسار نُقش اسم مدينة «سوتشي» التي تستضيف القمة، وعلى اليمين «2019» العام الذي تنعقد فيه القمة والمنتدى.
إلى ذلك؛ عرضت وزارة التنمية الاقتصادية طبيعة وحجم الصادرات الروسية إلى القارة الأفريقية حالياً. وفي تقرير أعده قسم تطوير التعاون الثنائي أشارت الوزارة إلى «نمو حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول أفريقيا منذ عام 2016»، وأضافت: «وفق بيانات دائرة الجمارك الفيدرالية الروسية، نما التبادل التجاري عام 2018 بنسبة 1.7 في المائة، وبلغت قيمته 20.4 مليار دولار. ونمت الصادرات الروسية بنسبة 18.2 في المائة، حتى 17.5 مليار دولار، بينما نمت الواردات بنسبة 11.5 في المائة، حتى 2.9 مليار دولار. وبلغ الفائض التجاري لروسيا 14.6 مليار دولار».
وتقول الوزارة إن نمو التبادل التجاري عام 2018 مقارنة بالعام السابق، يعود بالدرجة الأولى إلى نمو صادرات المنتجات الغذائية الروسية والمنتجات الأولية للإنتاج الزراعي بنسبة 27.8 في المائة، حتى 4.6 مليار دولار، والمنتجات المعدنية والخامات بنسبة 63.2 في المائة حتى 3.1 مليار دولار. وعلى الجانب الآخر نمو واردات المنتجات المعدنية الأفريقية بنسبة 78.1 في المائة، حتى 367.7 مليون دولار، ومنتجات الصناعات الكيميائية بمرتين ونصف، حتى 254.2 مليون دولار.



«السيادي» السعودي يجمع مليار دولار من بيع حصة 2 % في «إس تي سي»

جناح شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» في مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)
جناح شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» في مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

«السيادي» السعودي يجمع مليار دولار من بيع حصة 2 % في «إس تي سي»

جناح شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» في مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)
جناح شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» في مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)

جمع «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي 3.86 مليار ريال (1.03 مليار دولار) من بيع 2 في المائة من أسهم شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي» خلال أكبر عملية بناء سجل أوامر مسرّع في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتم تحديد السعر النهائي لبيع 100 مليون سهم عند 38.6 ريال للسهم الواحد.

وذكر الصندوق، في بيان، أن الطرح شهد إقبالاً واسعاً من المستثمرين من المؤسسات المحلية والدولية في ضوء اللائحة «S» من قانون الأوراق المالية الأميركي لعام 1933، وأن طلبات المستثمرين تجاوزت الحجم الكلي للطرح الذي يمثّل أكبر عملية بناء سجل أوامر مسرع في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ مما يعكس جاذبية السوق المالية السعودية وثقة المستثمرين بها.

بينما نقلت «رويترز» عن شخص مطلع على الأمر، أن الطرح الذي اقتصر على المؤسسات المحلية والأجنبية جرت تغطيته 5 مرات؛ حيث تم تخصيص 40 في المائة من الأسهم المعروضة للمستثمرين الدوليين.

وسيحتفظ «صندوق الاستثمارات العامة» الذي باع 6 في المائة من شركة الاتصالات السعودية مقابل 3.2 مليار دولار في عام 2021، بحصة تبلغ 62 في المائة في أكبر شركة اتصالات في البلاد، بعد الطرح الذي أعلنته البنوك التي تدير الصفقة في وقت متأخر من يوم الأربعاء.

وتولى إدارة بناء سجل الأوامر المسرّع «غولدمان ساكس العربية السعودية» و«الأهلي المالية».

وقال الصندوق: «هذه الصفقة تتماشى مع استراتيجية (صندوق الاستثمارات العامة) لإعادة تدوير رأسماله والاستثمار في القطاعات الناشئة والواعدة في الاقتصاد المحلي».

ووصف خبراء ماليون واقتصاديون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، هذه الخطوة بأنها ضمن الخطط الاستراتيجية لـ«السيادي» السعودي في تسييل وتدوير جزء من استثماراته، وإتاحة المجال للمستثمرين الأجانب للتملك في الشركات القيادية في السوق المحلية، وكذلك توظيف هذه السيولة في استثمارات أخرى جديدة، وتحقيق عوائد أكبر وأسرع وتمويل مشروعاته الاستثمارية الأخرى؛ مما سيدعم جهود الصندوق في الوصول للمرتبة الثالثة بين الصناديق السيادية العالمية، بحجم استثمارات يتجاوز أكثر من تريليون دولار.

وقال رئيس إدارة الأصول في «رصانة المالية»، ثامر السعيد، إن هذه الخطوة تندرج ضمن استراتيجية وضعها الصندوق لتسييل جزء من استثماراته والاستفادة من توظيفها في استثمارات أخرى يرى الصندوق أنها تحقّق عائداً أفضل وأسرع وتمكّنه من تمويل مشروعاته الأخرى، مضيفاً أنها «لن تؤثر في أعمال شركة (إس تي سي) بأي شكل من الأشكال».

وأرجع السعيد الإقبال الواسع من المستثمرين على هذا الطرح وتجاوز طلبات المستثمرين الحجم الكلي للطرح، إلى التوزيعات النقدية الثابتة والمستقرة للشركة، ونضج أعمالها، وهو ما يجعلها جذابة للمستثمرين، مضيفاً أن الحصة المبيعة من أسهم «إس تي سي» والمقدرة بـ2 في المائة ستضيف فائدة إضافية إلى الشركة تُضاف إلى وزنها في السوق السعودية ومؤشرات الأسواق الناشئة، وبالتالي ستشهد تدفق سيولة إضافية لسهم الشركة من المستثمرين الأجانب والمحليين الباحثين عن توزيعات نقدية مستمرة.

من جهته، أوضح المحلل المالي عبد الله الجبلي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطوة تأتي امتداداً لسياسات الصندوق في تدوير الاستثمار وفق الاستراتيجية وإتاحة المجال للمستثمرين الأجانب للتملك والاستثمار في الشركات القيادية في السوق السعودية.

وأفاد الخبير الاقتصادي، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، الدكتور سليمان الخالدي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إس تي سي» تبقى محط أنظار واهتمام من المستثمرين كافّة، وأن سهم الشركة يُتداول بمناطق جذابة للمستثمرين الباحثين عن عائد مجزٍ أو حتى مضاربة آمنة.

وأضاف أن غالبية المؤسسات المالية ستحتفظ بأسهمها بعد تنفيذ الصفقة، «حتى لو كانت نياتهم مضاربية»، وسيكون بيعهم لأي أسهم بشكل مرحلي وبمناطق ومستويات بيع أعلى.

‏ويرى الدكتور الخالدي أن هذه الخطوة سوف تصبّ في مصلحة الاقتصاد السعودي، وتدعم جهود الصندوق في الوصول للمرتبة الثالثة بين الصناديق السيادية العالمية، بحجم استثمارات أكثر من تريليون دولار.

وحسب الخالدي، فإن حجم استثمارات الصندوق في الفترة الحالية يصل إلى 925 مليار دولار، وأن جهوده المتواصلة أسهمت في تقدمه إلى المرتبة الخامسة عالمياً، وبهذه الصفقات سيتوسّع الصندوق في استثماراته الداخلية بشكل أكبر.

وتوقع أن يطرح الصندوق في الفترة المقبلة شركات أخرى، وينشئ ويستحوذ على عدد منها، بالإضافة إلى استثماره في مشروع الذكاء الاصطناعي بأكثر من 100 مليار دولار؛ مما سيعزّز من مكانته العالمية.