امرأة غير مرئية

مذكرات «إيميلي دو» الأميركية ذات الأصول الآسيوية

امرأة غير مرئية
TT

امرأة غير مرئية

امرأة غير مرئية

طرحت «شانيل ميللر»، وهو اسمها الحقيقي، في مذكراتها رؤية جديدة للمعاملة التي شهدتها من النظام القانوني الأميركي. وتقول إن تخفيها وراء اسم مستعار أتاح الفرصة أمام الجميع لكي يشهدوا حقيقة أنفسهم عبر ثنايا قصتها.
عندما نشر بيان «إيميلي دو» الضحية على موقع «باز - فيد» في يونيو (حزيران) من عام 2016، تمكنت من قراءته في عجالة. وفي اليوم السابق، كانت قد قرأت بيانها بنفسها في جلسة النطق بالحكم على بروك تيرنر، الذي أدين باتهامات ثلاثة على جناية الاعتداء الجنسي، من هيئة المحلفين في ولاية كاليفورنيا. والعقوبة القصوى لمثل هذه الجريمة تبلغ 14 عاماً من السجن. غير أن القاضي آرون بيرسكي حكم على السيد تيرنر بستة أشهر فقط في سجن المقاطعة. ولقد أمضى منها ثلاثة أشهر فقط.
لقد انتشر بيان «إيميلي دو» انتشار النار في الهشيم، وتمت قراءته بصوت مرتفع على أرضية مجلس النواب، كما أُذيع على شبكة «سي إن إن» الإخبارية، وأثار سخط الرأي العام الأميركي بشأن الحكم القضائي المخفف للغاية على السيد تيرنر. وفي وقت لاحق من ذلك العام، فرضت ولاية كاليفورنيا عقوبات الحد الأدنى الإلزامية على جرائم الاعتداء الجنسي.
خلال الشهر الجاري، كشف السيدة شانيل ميللر عن نفسها لتكون هي «إيميلي دو» الضحية الحقيقية التي نشرت مذكراتها عن الحادثة تحت عنوان «اعرفوا اسمي».
عندما عرفت أن السيدة ميللر بيضاء البشرة وأنها أميركية من أصول صينية، أدركت على الفور أن افتراضي الأول لشخصية «إيميلي دو» المستعارة أنها امرأة بيضاء البشرة كان صائباً. وتمثل السيدة ميللر أكثر مما يعكسه لون بشرتها أو هويتها العرقية وحدها، غير أن معرفة أنها مواطنة أميركية من أصول آسيوية تستدعي فهماً جديداً لما مرت به والطريقة التي استوعب الناس بها قضيتها، كامرأة ملونة البشرة، فهي ليست ناصعة البياض، تتعرض لاعتداء من رجل أبيض، ثم تحاول نيل حقها وإحقاق العدالة في قاعة للمحكمة يترأسها قاضٍ ذو بشرة بيضاء.
عند إصدار الحكم على بروك تيرنر، الذي كان طالباً جامعياً في جامعة ستانفورد في أثناء المحاكمة، وضع النظام القانوني في حسبانه إنجازات المتهم الرياضية والأكاديمية. وفي بيانها، تحدّت السيدة ميللر هذا المنهج وقالت: «إذا وُجِّهت الاتهامات الثلاثة إلى أحد الجناة من ذوي الخلفيات المتواضعة والذي لم يكن مسؤولاً مسؤولية كاملة عن أفعاله بخلاف تناول الكحوليات، فماذا سوف تكون عقوبته؟».
تحولت معاملة بروك تيرنر في أثناء سريان المحاكمة، إلى جانب الحكم المخفف للغاية الذي ناله، إلى رمز للامتيازات التي يحظى بها العديد من نخبة الذكور البيض في المجتمع الأميركي. ووُجهت الانتقادات إلى القاضي بيرسكي، وهو نفسه من خريجي جامعة ستانفورد، لأنه أعرب عن اعتقاده في الإنجازات الواعدة التي يمكن لبروك تيرنر تحقيقها في مستقبله المهني. وعلى النقيض من ذلك، فإن السيدة ميللر، التي لم تتخرج في جامعة ستانفورد، لم يلقِ أحد بالاً إلى إنجازاتها الشخصية وتعرضت حياتها السابقة للهجوم الشديد، ولم يلتفت أحد إلى «إمكاناتها الضائعة» في قاعة المحكمة.
كتبت السيدة ميللر تقول في مذكراتها، كيف أن نشأتها الأميركية الآسيوية جعلتها تعتاد الشعور بأنها إنسانة غير مرئية، وغير معروف وجودها بالأساس. ولم تدرك أنها قد تكون مناصِرة لقضية ما في يوم من الأيام. تتداخل حياة النساء الأميركيات من الأصول الآسيوية مع العنصرية، والتمييز الجنسي بطرق تتشارك فيها النساء من أعراق أخرى وبطريقة فريدة من نوعها للغاية. ومن المحال الاعتراف بنزع الصفة الإنسانية عن وممارسة العنف ضد النساء الآسيويات –بما في ذلك الإفراط في الممارسات الجنسية، والغواية، والإيذاء الجنسي– من دون ربط ذلك على الفور بتاريخ طويل من الاستعمار الأميركي السياسي والعسكري للبلدان الآسيوية المختلفة. العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الجنسي يقعان على الدوام ضمن خطوط عرقية وإثنية متقاطعة، فضلاً عن وجودها بشكل شائع داخل المجتمعات العرقية نفسها.
كشفت دراسة أجراها «معهد آسيا والمحيط الهادئ» حول العنف القائم على النوع، أن هناك نسبة تتراوح بين 21 و55% من النساء الأميركيات الآسيويات يعانين من تجارب العنف البدني أو الجنسي من الشريك الحميم، كما خلصنا إلى أن الإبلاغ عن حوادث الاغتصاب وسواها من أنماط العنف الجنسي يكون أقل لدى النساء من الأعراق والأقليات الأخرى. ويمثل الافتقار إلى الموارد المالية فضلاً عن الصدمات النفسية المريعة، ووضعية الهجرة، ومخاوف التغريب والإقصاء من العائلات والطوائف، إلى جانب فقدان الثقة بنظام العدالة الجنائية... بعض الأسباب التي تدفع المرء إلى التزام الصمت وعدم الإبلاغ عن حوادث الاعتداء أو الإعلان عن شخصية المعتدي على الملأ.
لكن على العكس من الصور النمطية المعهودة للمواطنين الأميركيين من أصول آسيوية بالتزامهم الصمت والإذعان للأمر الواقع، لا نزال نواصل الحديث ضد العنف الجنسي، من السيدات شانيل ميللر، وأماندا نغوين، وليه لاكشمي، وإيما سولكوفيتش، إلى شخصيات بارزة من أمثال كوني تشونغ، والكثير من الناجيات الأخريات، داخل الولايات المتحدة وخارجها، والذين يفتقرون إلى المنصة العامة المناسبة.
اعتمد النظام القانوني والمؤسسات الأكاديمية الأميركية، من الناحية التاريخية، على حماية الأثرياء وتفوق العنصر الأبيض، وسيادة النزعة الأبوية الحاكمة على مجريات الأمور. والنساء، من صغار السن أو المتحولات جنسياً، يتأثرن بصورة غير متناسبة بحوادث العنف الجنسي. وفي حين أنه يتم الإبلاغ عن الغالبية العظمى من حالات الاغتصاب في الولايات المتحدة من جانب النساء البيض، فإن النساء الأخريات من صاحبات البشرة الملونة، ولا سيما الأميركيات من أصول أفريقية، أكثر عرضة للاعتداء والعنف. وبصفة عامة، لم يتم إبلاغ الأجهزة القانونية في البلاد عن كل ثلاث من أصل أربع حالات اعتداء جنسي، وعلى الرغم من أن السجن ليس مرادفاً للعدالة، أو المساءلة، أو إعادة التأهيل في مثل هذه الجرائم، فإن خمسة فقط من كل ألف جانٍ ينالون عقوبة السجن الرادعة على جرائمهم.
ويفشل الناجون من حوادث العنف الجنسي، خصوصاً المنتمين إلى الفئات المهمشة من المجتمع، في الحصول على العدالة من النظام القانوني والمجتمعي المتحيز ضدهم منذ البداية. ويقول نصف الذين أبلغوا عن هذه الجرائم إنهم يعانون بعد ذلك من الصدمات النفسية الشديدة من جانب المؤسسات القانونية التي تلقي باللائمة عليهم في الاعتداءات التي وقعت بحقهم.
تقول السيدة شانيل ميللر إنها تمكنت من خلال خلق هوية «إيميلي دو» المستعارة من إيجاد «مساحة فارغة» لالتئام الجروح والتعافي النفسي، وخلق مكان متاح للناجين للحديث بصوت مرتفع والصراخ بصوت عالٍ عن حقائقهن الثقيلة للغاية، ولإعادة النظر في مراحل من ماضي حياتهن، بصرف النظر تماماً عن الخلفيات الاجتماعية: كيف يمكن أن تأتي بعدي أو قبلي والأمطار تتساقط على رؤوسنا جميعاً؟
يتعين علينا مواصلة الاستماع إلى الناجيات، بغض النظر عن هوياتهن المختلفة، وسواء اخترن الإعلان عن مصابهن أو التزمن الصمت المطبق. يجب علينا الدعم، والمواجهة، والعمل معاً للقضاء على النزعات الممنهجة للذكورية السامة، وثقافة الاغتصاب، والعنف الجنسي، والتي يعمل على تكريسها واستدامتها حتى أولئك القابعون خلف أسوار البيت الأبيض والمحكمة العليا الأميركية.
تقول السيدة ميللر في مذكراتها: «لست أنا ضحية بروك تيرنر. ولا أمثل له أي شيء. إنني لا أنتمي إليه. كما أنني نصف صينية ونصف أميركية. واسمي الصيني هو شانغ شياو شيا، والذي يعني في اللغة الإنجليزية الصيف البسيط». وعبر التذكير بهويتها وبنفسها، تفرض السيدة ميللر شروطها الخاصة على سرد قصتها مع إفساح مساحة أكبر للآخرين الذين يختارون أن يحذوا حذوها. فهي لم تعد مستعارة الهوية، وتكمن قوة ذلك في خلق شعور راسخ بالتضامن مع الذات ومع الجميع.

* خدمة: «نيويورك تايمز»



«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
TT

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة»، حيث تصدر الفيلم شباك التذاكر بعد اليوم الثامن لعرضه في مصر، محققاً إيرادات تقارب الـ45 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.78 جنيه مصري).

وينافس «الحريفة 2» على إيرادات شباك التذاكر بجانب 7 أفلام تعرض حالياً في السينمات، هي: «الهوى سلطان»، و«مين يصدق»، و«اللعب مع العيال»، و«وداعاً حمدي»، و«المخفي»، و«الفستان الأبيض»، و«ولاد رزق 3» والأخير تم طرحه قبل 6 أشهر.

وأزاح فيلم «الحريفة 2» الذي تقوم ببطولته مجموعة من الشباب، فيلم «الهوى سلطان»، الذي يعدّ أول بطولة مطلقة للفنانة المصرية منة شلبي في السينما، وكان يتصدر إيرادات شباك التذاكر منذ بداية عرضه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويعد الجزء الثاني من الفيلم «الحريفة» هو التجربة الإخراجية الأولى للمونتير المصري كريم سعد، ومن تأليف إياد صالح، وبطولة نور النبوي، وأحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، كما يشهد الفيلم ظهور مشاهير عدة خلال الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو «ضيوف شرف» من بينهم آسر ياسين، وأحمد فهمي.

لقطة من فيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي اجتماعي شبابي، حول المنافسة في مسابقات خاصة بكرة القدم، كما يسلط الضوء على العلاقات المتشابكة بين أبطال العمل من الشباب.

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي ترجع سبب تصدر فيلم «الحريفة 2» لإيرادات شباك التذاكر إلى أن «أحداثه تدور في إطار كوميدي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الشباب الذين يشكلون الفئة الكبرى من جمهور السينما في حاجة لهذه الجرعة المكثفة من الكوميديا».

كما أكدت متبولي أن «سر الإقبال على (الحريفة 2) يعود أيضاً لتقديمه حكاية من حكايات عالم كرة القدم المحبب لدى الكثيرين»، لافتة إلى أن «هذا العالم يمثل حالة خاصة ونجاحه مضمون، وتاريخ السينما يشهد على ذلك، حيث تم تقديم مثل هذه النوعية من قبل وحققت نجاحاً لافتاً في أفلام مثل (الحريف) و(رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام، وكذلك فيلم (سيد العاطفي)، من بطولة تامر حسني وعبلة كامل».

ونوهت متبولي إلى أن الفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة» يعد من أهم عوامل نجاح الفيلم؛ نظراً لتمتعه بقبول جماهيري كبير، مشيرة إلى أن «السينما المصرية بشكل عام تشهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً في الموسم الحالي، وأن هذه الحالة اللافتة لم نلمسها منذ فترة طويلة».

وتضيف: «رواج السينما وانتعاشها يتطلب دائماً المزيد من الوجوه الجديدة والشباب الذين يضفون عليها طابعاً مختلفاً عبر حكايات متنوعة، وهو ما تحقق في (الحريفة 2)».

الملصق الترويجي لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن «الإيرادات اللافتة للفيلم شملت أيام الأسبوع كافة، ولم تقتصر على يوم الإجازة الأسبوعية فقط، وذلك يعد مؤشراً إيجابياً لانتعاش السينما المصرية».

وبجانب الأفلام المعروضة حالياً تشهد السينمات المصرية طرح عدد من الأفلام الجديدة قبيل نهاية العام الحالي 2024، واستقبال موسم «رأس السنة»، من بينها أفلام «الهنا اللي أنا فيه» بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، و«بضع ساعات في يوم ما» بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بطولة عصام عمر، و«المستريحة»، بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد.