أدنى توقعات نمو عالمي منذ الأزمة المالية

صندوق النقد: العالم يشهد تباطؤاً منسقاً... ولا مجال لارتكاب أخطاء

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان توقعات صندوق النقد الدولي أمس (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان توقعات صندوق النقد الدولي أمس (أ.ف.ب)
TT

أدنى توقعات نمو عالمي منذ الأزمة المالية

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان توقعات صندوق النقد الدولي أمس (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان توقعات صندوق النقد الدولي أمس (أ.ف.ب)

أعلن صندوق النقد الدولي الثلاثاء، أن الاقتصاد العالمي يسجل تباطؤاً هو الأكثر ضعفاً منذ الأزمة المالية، وسط استمرار النزاعات التجارية التي أثرت على الثقة بالأعمال والاستثمار.
وفي تقريره «آفاق الاقتصاد العالمي»، خفض صندوق النقد توقعاته لعام 2019، إلى مستوى 3 في المائة فقط، ولعام 2020 إلى 3.4 في المائة. وتعد هذه هي المرة الخامسة التي يخفض فيها الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام، وحذر التقرير من أن الاقتصاد العالمي يشهد «تباطؤاً منسقاً وانتعاشاً غير مؤكد».
وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى صندوق النقد غيتا غوبيناث، إن «التوقعات العالمية لا تزال غير مستقرة»، محذرة من أن «لا مجال لارتكاب أخطاء في السياسات». وخلال العام الحالي، خفض صندوق النقد كل 3 أشهر توقعات النمو لعام 2019 وسط تفاقم النزاعات التجارية.
والنزاعات التجارية، إضافة إلى تباطؤ مبيعات السيارات عالمياً، تعني أن نمو التجارة سجل تباطؤاً بشكل حاد، متراجعاً في النصف الأول من العام إلى أضعف مستوى له منذ 2012، مع ارتفاع يقدر بنحو 1.1 في المائة فقط هذا العام، بعد ارتفاع بنسبة 3.6 في المائة في 2018. وأضاف التقرير أن هناك بعض العوامل الهيكلية مثل انخفاض نمو الإنتاجية والشيخوخة السكانية في الاقتصادات المتقدمة.
وأضافت غوبيناث أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصادات المتقدمة إلى 1.7 في المائة في عامي 2019 و2020. بينما يتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية انتعاش نمو من 3.9 في المائة في عام 2019، إلى 4.6 في المائة في عام 2020.
وأشارت إلى أنه من السمات البارزة للنمو في عام 2019؛ التباطؤ الحاد وواسع النطاق في التصنيع والتجارة العالمية، في ظل بعض العوامل التي تقود هذا، مثل ارتفاع الرسوم الجمركية عالمياً وعدم اليقين المطول المحيط بالسياسة التجارية، مروراً بانخفاض الاستثمار والطلب على السلع الرأسمالية، فيما يستمر تباطؤ صناعة السيارات بسبب استمرار التكيف مع معايير الانبعاثات الجديدة في منطقة اليورو والصين، منوهة بأن معدل نمو التجارة العالمية في النصف الأول من العام الحالي بلغ 1 في المائة، وهو أضعف مستوى منذ عام 2012.
وحول اقتصاد الولايات المتحدة، قالت غوبيناث إن لحالة عدم اليقين حول آفاق التجارة آثاراً سلبية على الاستثمار، بينما واصلت سوق العمل نموها القوي وكذلك معدل الاستهلاك الخاص، بدعم من السياسات النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي).
وأشارت إلى أن عدم وجود ضغوط تضخمية حول العالم يدعم اتجاه البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة وتوفير برامج للتحفيز النقدي للحد من المخاطر السلبية على النمو ومنع تراجع توقعات التضخم، وبالتالي دعم الظروف المالية المزدهرة، لافتة إلى أن تقديرات خبراء الصندوق وجدت أنه في حال عدم وجود مثل هذا التحفيز النقدي، سيكون النمو العالمي أقل بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال عامي 2019 و2020.
وأكدت كبيرة اقتصاديي صندوق النقد الدولي، أن التحفيز ساعد على تعويض التأثير السلبي للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي يقدر أنها ستقلل بشكل متراكم مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 بنسبة 0.8 في المائة.
وقدر صندوق النقد الدولي، في تقريره، أن ينمو اقتصاد الولايات المتحدة بواقع 2.4 في المائة خلال العام الحالي، بانخفاض 0.2 في المائة عن توقعات سابقة، على أن يتباطأ إلى 2.1 في المائة في 2020.
وذكر تقرير صندوق النقد الدولي أن الثقة في الأعمال التجارية وتوترات متنامية بين الولايات المتحدة والصين بشأن التجارة والتكنولوجيا كانت بمثابة عائق كبير للاقتصاد العالمي. ودعا الصندوق مرة أخرى إلى حل سريع للحرب التجارية بين القوى الاقتصادية العظمى في العالم، محذراً من أن النزاع الذي طال أمده قد يؤدي إلى انخفاض 0.8 في المائة عن النمو العالمي العام المقبل.
وفي منطقة اليورو، خفض الصندوق توقعاته لمعدل النمو بواقع 0.1 في المائة إلى 1.2 في المائة في 2019، وبواقع 0.2 في المائة إلى 1.4 في المائة في 2020، بسبب ضعف الصادرات، في حين تستمر حالة عدم اليقين المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إضعاف النمو في المملكة المتحدة.
ويتوقع أن يسجل اقتصاد المملكة المتحدة نمواً يصل إلى 1.2 في المائة في 2019، و1.4 في المائة في 2020. وفي ألمانيا خفض الصندوق توقعات النمو بواقع 0.2 في المائة في 2019 إلى 0.5 في المائة، لكن يعود إلى الارتفاع إلى 1.2 في المائة في 2020. وتوقع أن يسجل الاقتصاد الفرنسي نمواً يصل إلى 1.2 في المائة في 2019، و1.3 في المائة في 2020.
كما خفّض الصندوق بشكل حاد توقّعاته للنمو في إيران على خلفية العقوبات الأميركية، متوقعاً أن ينكمش اقتصادها في 2019 بنسبة 9.5 في المائة بعدما كان توقع في أبريل (نيسان) انكماشاً بنسبة 6 في المائة، وهذا أسوأ أداء متوقع للاقتصاد الإيراني منذ 1984، حين كانت إيران في حرب مع العراق.
وفي الصين، خفض الصندوق توقعات النمو للعام الحالي بواقع 0.1 في المائة إلى 6.1 في المائة، و0.2 في المائة لعام 2020 إلى 5.8 في المائة. وقال الصندوق إن «خفض معدل النمو في الصين لا يعكس آثار تصاعد التعريفة الجمركية فحسب؛ بل يؤدي أيضاً إلى تباطؤ الطلب المحلي في أعقاب التدابير اللازمة لكبح جماح الديون».
وبحسب الصندوق، فإن «من المهم أن نضع في حسباننا أن هذا النمو المنخفض يحدث بالتزامن مع السياسة النقدية التيسيرية التي تتخذها البلدان المتقدمة والناشئة». وقال إن اختفاء الضغوط التضخمية قاد البنوك المركزية للتحرك بشكل استباقي للحد من مخاطر الجانب السلبي للنمو.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.