نيويورك تايمز: 4 أسئلة حول مستقبل سوريا في ظل الهجوم العسكري التركي

آثار لمواجهات عسكرية بشمال شرق سوريا (رويترز)
آثار لمواجهات عسكرية بشمال شرق سوريا (رويترز)
TT

نيويورك تايمز: 4 أسئلة حول مستقبل سوريا في ظل الهجوم العسكري التركي

آثار لمواجهات عسكرية بشمال شرق سوريا (رويترز)
آثار لمواجهات عسكرية بشمال شرق سوريا (رويترز)

أثار بدء الهجوم التركي على شمال سوريا، وانخراط قوات النظام السوري في الأيام الأخيرة في النزاع الدائر، أسئلة كثيرة حول انعكاسات ذلك على هذه المنطقة، ومستقبل الأكراد في ظل استمرار التوغل التركي، ونزوح آلاف من المدنيين.
في التقرير التالي المنشور بـ«نيويورك تايمز» الأميركية، تُجيب الصحيفة عن بعض الأسئلة المثارة، واحتمالات تطور الأوضاع مستقبلياً، وانعكاساتها على الأكراد وكافة الفاعلين في الأزمة السورية.
من سيكون متحكماً بالشمال السوري عقب توقف الهجوم التركي؟
كانت منطقة الشمال السوري، قبل وقوع الهجمة العسكرية التركية، خاضعة لسيطرة ثلاث قوى عسكرية مختلفة على شمال شرقي سوريا، الذي يُقدر مساحته بنحو ثلث البلاد. والجهات الثلاث هُي أميركا وقوات سوريا الديمقراطية وتركيا.
ومع انسحاب القوات الأميركية، وبدء الغزو التركي، بات الحضور التركي أكثر تأثيراً؛ لتتنافس تركيا، العضو في الناتو، على الأراضي مع الحكومة السورية المدعومة من روسيا، على المدن القريبة من الحدود.
وبدأت قوات الحكومة في سوريا الزحف شمالي البلاد بعد اتفاقها على مساعدة المسلحين الأكراد في مواجهة التوغل التركي.
ويثير هذا احتمال نشوب صراع بين الناتو وروسيا، لكن بعض الخبراء والمراقبين على أرض الواقع يعتقدون أن تركيا وروسيا لديهما اتفاق لوضع الخريطة. لقد عملا معاً بشكل متزايد على سوريا ولتهيئة الأوضاع فيها بما يلائم مصالح البلدين.
كيف سينعكس هذا الهجوم على أكراد سوريا؟
يواجه الأكراد ضربة هائلة لآمالهم في الحفاظ على درجة من الحكم الذاتي؛ بعدما فقدوا نفوذهم العسكري والسياسي؛ ما سينعكس على أي صفقة مستقبلية مع تركيا أو الحكومة السورية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية، التي لم تقاتل قوات النظام السوري أو حلفاءها على الإطلاق، قد أعلنت توصلها لاتفاق مع القوات الحكومية يتضمن السماح للقوات السورية بدخول مناطقها ورفع العلم السوري، لردع تركيا عن الهجوم، فيما ذكرت أنها ستحتفظ بهيكلها العسكري وسيطرتها على مجالس الحكم المحلي.
لكن الحكومة السورية قالت إن قوات سوريا الديمقراطية مطالبة بحل مقاتليها ووضعهم في تشكيلات قتال سورية مثل الفرقة الخامسة، التي استوعبت المتمردين السوريين المستسلمين من أجزاء أخرى من البلاد.
كيف تأثر المدنيون بالهجوم العسكري التركي على مناطقهم؟
فر نحو 100000 مدني من المنطقة الحدودية التي تهاجمها تركيا. ويزيد من صعوبة الفرار انسداد الطرق خارج المدن الرئيسية، وحظر الطرق المؤدية لتركيا، والأسر المحتجزة في سيارات تخبر المراسلين أنهم ليس لديهم أي فكرة عن أين يذهبون. تم حظر الطرق المؤدية إلى تركيا.
يحاول البعض الفرار إلى المنطقة الكردية في العراق، والبعض الآخر إلى أراضي القوات الديمقراطية السورية في الجنوب، فيما يقول مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية إنهم ينقلون الضحايا لبعض مخيمات اللاجئين.
هل سيعود «داعش» من جديد؟
أثار الهجوم التركي قلقاً واسعاً حول مصير آلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» وأفراد عائلاتهم المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، بالتزامن مع بدء الهجوم التركي على شمال سوريا.
ويرتبط هذا التخوف بتمكن بعض من هؤلاء من الفرار؛ خصوصاً في ظل وجودهم في أبنية غير «مضبوطة أمنياً»، ووقوع حوادث اعتداء وفوضى بينهم في مخيم الهول، وهو أكبر المخيمات التي يوجدون فيها، على مدار الأسابيع الأخيرة.
وبحسب تصريح سابق لرئيس «دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية» لشمال سوريا وشرقها عبد الكريم عمر، لـ«الشرق الأوسط»، فإن نحو 6 آلاف «داعشي»، بينهم ألف من دول غربية، محتجزون شرق الفرات. وهناك إلى جانب هؤلاء نحو 12 ألف امرأة وطفل في المخيمات، يتحدرون من دول أجنبية، من بينهم 4 آلاف امرأة و8 آلاف طفل من جنسيات أوروبية وأجنبية، بحسب عمر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.