أنقرة تؤكد مواصلة هجومها في شرق الفرات وتقترب من منبج

TT

أنقرة تؤكد مواصلة هجومها في شرق الفرات وتقترب من منبج

أكدت تركيا أنها ستواصل عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات حتى تحقيق أهدافها، في وقت تواصلت فيه الاشتباكات العنيفة أمس (الاثنين) على محاور مختلفة بين القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري المتحالفة معها من جانب وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جانب آخر.
وقصفت تركيا مواقع في ريف رأس العين السورية، وسمع دوي الانفجارات والاشتباكات الجارية في المنطقة، من قضاء جيلان بينار بولاية شانلي أورفا التركية الحدودية جنوب تركيا. وقالت مصادر إن فصائل الجيش الوطني السوري سيطرت على بلدات كاجو وناح والمدائن غرب ريف رأس العين في محافظة الحسكة.
وذكرت تقارير أن الجيشين الوطني السوري والتركي، بدآ أمس، عملا عسكريا على مدينة منبج بريف حلب الشمالي في غرب الفرات، في إطار عملية «نبع السلام»، وبدأت غارات جوية تركية وقصف مدفعي من قبل الجيشين الوطني والتركي تمهيدا للتقدم البري والزحف باتجاه مدينة منبج. وأن اشتباكات عنيفة بدأت على محور السكرية غرب منبج.
كان أكثر من 4 آلاف مقاتل من الجيش الوطني وألف من القوات الخاصة التركية، وصلوا إلى جبهات منبج صباح أمس، تمهيدا لبدء المعركة، بعد ساعات من إعلان عن اتفاق بين «قسد» والنظام السوري، على تسليم المدينة للنظام.
وعقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اجتماعا مع رئيس الأركان العامة للجيش يشار جولار ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان وقادة القوات المسلحة، فجر أمس، لتقييم آخر التطورات في العملية العسكرية وفي المنطقة بعد الاتفاق بين قسد والنظام. وتم إجراء اتصالات بالفيديو مع القادة العسكريين في مختلف المناطق وتقييم جميع التحركات العسكرية في الميدان، وتبادل معلومات مع الجانبين الروسي والأميركي لضمان تحقيق العملية العسكرية بشكل آمن.
واقتربت قوات النظام السوري من الحدود التركية إلى مسافة 6 كيلومترات، ودخلت تل تمر في ريف الحسكة بالقرب من رأس العين، بعد الاتفاق مع «قسد» على نشر قوات النظام على الحدود السورية التركية.
ودخلت وحدات من الجيش السوري مدينتي منبج وعين العرب بريف حلب، كما انتشرت قوات في الدرباسية ورأس العين شمال الحسكة.
وعلق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الاثنين، على موضوع الاتفاق بين النظام السوري وروسيا و«قسد» وانتشار قوات النظام وروسيا في مدينتي منبج وعين العرب (كوباني)، قائلا إنه لا يوجد أي خلاف مع روسيا وسياستها الإيجابية بشأن عين العرب كما لا يوجد خلافات مع الولايات المتحدة حول مدينة منبج، وإن تركيا في مرحلة تنفيذ قراراتها حاليا من خلال عملية «نبع السلام».
وأضاف، في مؤتمر صحافي أمس لدى توجهه إلى أذربيجان للمشاركة في مؤتمر للدول الناطقة بالتركية، أنه لن تحدث أي مشاكل في هاتين المنطقتين، ويبدو أنه هناك الكثير من الشائعات حولهما، مشيراً إلى أنَّه عند «تحرير» مدينة منبج، فإنَّ أصحابها الحقيقيين هم من سيدخلونها. ولفت إردوغان إلى أنَّه على دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن تواجه الإرهاب وتقف إلى جانب تركيا العضو بالحلف.
وقال إن تركيا تتلقى رسائل من أهالي منطقة منبج شمالي سوريا لتخليص منطقتهم من التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن العرب يشكلون ما يزيد على 85 في المائة من سكان المنطقة. وشدد على أن تركيا ستواصل العملية العسكرية كما خططت لها.
من جانبه، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أن عملية «نبع السلام» الجارية ضد الإرهابيين شرق الفرات بسوريا، لن تتوقف لحين تحقيق أهدافها.
واتهمت «قسد» الجيش التركي والفصائل السورية المتحالفة معه باستهداف قافلة مدنيين من سكان شمال شرقي سوريا كانوا قد توجهوا أول من أمس إلى مدينة رأس العين للتعبير عن رفضهم للغزو التركي فأوقعت عشرات الضحايا المدنيين قتلى وجرحى.
وقالت قسد في بيان إن «القافلة، التي كان يرافقها الكثير من الصحافيين من وسائل الإعلام وبحماية أفراد من قوى الأمن الداخلي، تم استهدافها بشكل مباشر ووحشي يعبر عما تخطط له تركيا حقيقة ويكشف نواياها الحقيقية بحق أهلنا في شمال وشرق سوريا... جريمة نكراء ترتكبها تركيا أمام أنظار العالم ضاربة بعرض الحائط كل القيم والأعراف الدولية والإنسانية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».