ما المركز الأفضل لغريزمان مع برشلونة؟

سُئل النجم الفرنسي أنطوان غريزمان عشية مباراة برشلونة أمام إنتر ميلان الإيطالي في دوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي، عما إذا كان سيلعب بشكل أفضل لو لعب في مركز الجناح الأيمن، فرد قائلاً: «هذا سؤال جيد». وفي الحقيقة، كان هذا السؤال مهماً، كما أن ما حدث بعده ربما كان أكثر إفادة من إجابة المهاجم الفرنسي نفسها. ففي الليلة التالية، شارك غريزمان في التشكيلة الأساسية للمباراة لكنه خرج بعد مرور 60 دقيقة. وبعد 4 أيام، جلس غريزمان على مقاعد البدلاء في مباراة برشلونة أمام إشبيلية في الدوري الإسباني الممتاز. لقد دفع برشلونة 120 مليون يورو للحصول على خدمات غريزمان، لكنه أبقاه على مقاعد البدلاء في أول مرة يكون فيها جميع مهاجمي الفريق لائقين من الناحيتين الفنية والبدنية، حيث تم الدفع بالثلاثي الهجومي المكون من ليونيل ميسي ولويس سواريز وعثمان ديمبيلي.
وبعد فوز برشلونة على فياريال الشهر الماضي، وهي المباراة التي سجل فيها غريزمان الهدف الأول، قال اللاعب الفرنسي: «3 أهداف ليست سيئة، أليس كذلك؟»، من المؤكد أن إحراز 3 أهداف يعد أمراً جيداً، لكن الشيء السيئ بالنسبة لغريزمان يتمثل في صعوبة إيجاد مكان له في التشكيلة الأساسية للفريق الكاتالوني.
وفي أول ظهور له مع برشلونة على ملعب «كامب نو»، في مباراة الفريق أمام ريال بيتيس في أغسطس (آب) الماضي، سجل غريزمان هدفين، وقال عن الهدف الجميل الذي أحرزه في تلك المباراة: «لقد أحرزت الهدف بهذه الطريقة بعدما رأيت ميسي يفعل ذلك في التدريبات».
في الحقيقة، كان يبدو أن الهدف من هذا التصريح هو التودد لمجلس إدارة النادي ولنجم الفريق ليونيل ميسي، خصوصاً أن غريزمان كان يعلم أن انضمامه لبرشلونة لم يكن يحظى بشعبية كبيرة بعد أن رفضه اللاعب الفرنسي في الصيف السابق قبل أن يعود ويوقّع لبرشلونة، وهو القرار الذي تمت الإشارة إليه في فيلم وثائقي تلفزيوني. وقال اللاعب الفرنسي: «إذا كان علي أن أقول آسف، فسأفعل ذلك على أرض الملعب»، لكن ذلك لم يكن سهلاً على الإطلاق. وخلال الأسبوع الماضي، اعترف غريزمان بأنه هو وميسي هادئان ولا يتحدثان كثيراً، وقال: «ليس من السهل علينا التحدث معاً». ويوم الخميس الماضي، نفى ميسي التلميحات التي تشير إلى أنه لم يكن يرغب في قدوم غريزمان إلى «كامب نو».
لكن في الوقت الذي وصف فيه ميسي الحديث عن عدم رغبته في قدوم غريزمان بأنه «كذب»، فإنه اعترف بأنه كان يريد أن يتعاقد برشلونة مع النجم البرازيلي نيمار. ومن المعروف أن نيمار يلعب في المركز نفسه الذي يلعب فيه غريزمان في الوقت الحالي، أو بالأحرى في المركز الذي يجب أن يلعب فيه غريزمان. أما بالنسبة للاعبين الآخرين في هذا المثلث الهجومي (ميسي وسواريز)، فإنهما يلعبان في المركز الذي يفضل غريزمان أن يلعب به.
وعندما كان غريزمان في صفوف ريال سوسيداد، فإنه كان يلعب ناحية اليسار في خط هجوم مكون من 3 لاعبين، لكن ذلك كان قبل 5 سنوات من الآن. وعندما انتقل إلى أتلتيكو مدريد وأصبح واحداً من أفضل اللاعبين في العالم، فإنه كان يلعب في مركز من اثنين، أو حتى في المركزين في الوقت نفسه: كجناح أيمن أو كمهاجم ينطلق من خط الوسط. وبمعنى آخر، فإنه كان يلعب في المركزين اللذين يلعب بهما الآن ميسي أو سواريز. وقد لعب غريزمان بدلاً من ميسي عندما كان النجم الأرجنتيني لا يشارك بسبب الإصابة، لكن عندما عاد ميسي انتقل غريزمان لكي يلعب ناحية اليسار، وهو المركز الذي لا يساعده في تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب.
وتوقع غريزمان أن تكون بدايته مع برشلونة صعبة، لكن مشوار المهاجم الفرنسي الدولي والفائز ببطولة العالم مع الفريق الكاتالوني ما زال بحاجة إلى إثبات الجدارة في فريق يعج بالنجوم. وقال غريزمان: «نوعية كرة القدم في برشلونة مختلفة، ألعب في مركز جديد عرفت أن التأقلم معه سيكون صعباً».
وتابع: «أشعر بأني أتحسن في كل مباراة. 3 أهداف ليست سيئة، أليس كذلك؟ يمكنني القيام بأفضل من ذلك، لكني وصلت للتو. أعمل من أجل الفريق، وإذا سجلت أو مررت كرات حاسمة سيكون أفضل. يتعين علي أن أغير تحركاتي وأن أتحسن. أحتاج للدخول في المباريات بشكل أكبر، وأن أتطور أكثر فيما يتعلق باللعب على الأطراف. يريد زملائي مني أن أقدم أفضل ما لدي، والأمر نفسه بالنسبة لي، فأنا أريد أن أساعدهم في تقديم أفضل ما لديهم».
من المؤكد أن غريزمان مهاجم ذكي للغاية ولديه قدرات فنية ومهارية رائعة، ومستعد لكي يضحي بنفسه من أجل الآخرين، ويمكنه أن يطوع تلك المهارات والإمكانات للتألق في مركز جديد، لكن المؤكد أيضاً أنه بحاجة لبعض الوقت من أجل التأقلم مع الفريق. وربما يكون غريزمان بحاجة إلى تشكيل جديد بالكامل يناسب طريقة لعبه، وهو الأمر الذي يصعب حدوثه لأنه قد يجعل الأمور أسوأ. وقد يتطلب الأمر اتخاذ قرارات صعبة أيضاً. وإذا لم يتألق غريزمان ناحية اليسار، فما الذي يمكن القيام به؟ هل يمكن أن يلعب على حساب ميسي أو سواريز؟ بالطبع من شبه المستحيل حدوث ذلك!
يملك الفريق بعض البدائل بالتأكيد، وإذا كان هناك شيء أسوأ من اللعب في مركز آخر غير مركزه الأصلي، فهو عدم اللعب على الإطلاق. وقد ظهر الفريق بشكل جيد من دونه. وربما تتمثل الأخبار الجيدة بالنسبة لغريزمان الآن في أن ديمبيلي قد حصل على البطاقة الحمراء أمام إشبيلية بسبب وصفه لحكم المباراة بأنه «سيئ جداً»، وتم إيقافه مباراتين، بما في ذلك مباراة الكلاسيكو أمام ريال مدريد. ولا توجد فرصة أفضل من ذلك لكي يثبت غريزمان أنه يستحق مكاناً في التشكيلة الأساسية للفريق، لكن هل يمكنه أن يقدم أداء جيداً في مركز الجناح؟ وتتمثل المشكلة الآن في أن غريزمان قد لا يشارك في التشكيلة الأساسية للفريق حتى في ظل غياب ديمبيلي، لأن المدير الفني لبرشلونة، أرنستو فالفيردي، قد يفضل الدفع بالنجم الشاب الصاعد بسرعة الصاروخ أنسو فاتي.
لعب غريزمان حتى الآن في عدة مراكز؛ 3 مرات رأس حربة و5 على الجهة اليسرى من المثلث الهجومي. في مبارياته الثماني، كان هناك 6 تركيبات هجومية، فتنوّع الثنائي المرافق له بين الأوروغوياني لويس سواريز، والفرنسي عثمان ديمبيلي، والبرازيلي رافينيا، وكارليس بيريز، وانسو فاتي (غينيا بيساو) وميسي.
وعلق المدرب فالفيردي على ذلك قائلاً: «غريزمان لاعب قادر على شغل عدة مراكز. علينا أن نرى من القادر على اللعب، لكن من الواضح أن النظام يجب أن يستوعب (كل) اللاعبين».
وعندما سُئل فالفيردي قبل مباراة برشلونة أمام إنتر ميلان: «ما المركز الذي تعتقد أن غريزمان يلعب فيه بشكل أفضل؟»، رد بسرعة: «في الخط الأمامي. أعتقد أنه يبدو جيداً على اليسار، ويمكنه أن يلعب هناك. لا أعتقد أنها فكرة سيئة بالنسبة له أن يلعب على اليسار أو في الوسط». وواصل فالفيردي حديثه بسخرية قائلاً: «لكنني سأفكر في الدفع به ناحية اليمين!»