فريق دبلوماسي أميركي يغادر شمال شرقي سوريا

واشنطن تدرس سحب معظم قواتها من شرق الفرات خلال أيام

دبابات أميركية في منبج السورية (أ.ف.ب)
دبابات أميركية في منبج السورية (أ.ف.ب)
TT

فريق دبلوماسي أميركي يغادر شمال شرقي سوريا

دبابات أميركية في منبج السورية (أ.ف.ب)
دبابات أميركية في منبج السورية (أ.ف.ب)

قال مسؤول أميركي اليوم (الاثنين)، إن فريقا دبلوماسيا أميركيا كان يعمل في مشروعات إرساء الاستقرار شمال شرقي سوريا غادر البلاد بعد يوم من إعلان واشنطن أنها تعتزم سحب ألف جندي من سوريا.
وأشار المسؤول، بحسب وكالة «رويترز» إلى أن القوات الأميركية لا تزال في سوريا لكن المراحل المبكرة من الانسحاب بدأت، دون ذكر تفاصيل.
إلى ذلك، قال مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» اليوم (الأحد)، إن الولايات المتحدة تدرس خططاً لسحب معظم قواتها من شمال سوريا خلال أيام، وذلك في جدول زمني أسرع مما كان متوقعاً للانسحاب الأميركي في ظل تصعيد الهجوم التركي على المنطقة.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في وقت سابق اليوم، أنه يعمل، بناء على أوامر من الرئيس دونالد ترمب، على بدء تنفيذ انسحاب القوات من شمال سوريا حيث يوجد نحو ألف جندي أميركي.
ولم يحدد إسبر موعداً للانسحاب، واكتفى بالقول إنه يريد تنفيذه «بأمان وفي أسرع وقت ممكن». وقال إسبر في مقابلة تلفزيونية إنه يتوقع أن يسعى الأكراد السوريون إلى ضمان بقائهم باللجوء إلى منافسي الولايات المتحدة في الصراع السوري؛ وهما روسيا وبشار الأسد. وقال إسبر: «نتوقع بشدة أن يبرم الأكراد السوريون اتفاقاً مع القوات السورية والروسية».
وقال المسؤولان الأميركيان، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، لوكالة «رويترز»، إن الولايات المتحدة تبحث خيارات عدة، لكنهما أضافا أن الجيش الأميركي سيسحب على الأرجح معظم قواته خلال أيام وليس أسابيع.
وقال أحدهما إن الانسحاب الكامل ربما يستغرق أسبوعين أو أكثر، غير أن ذلك ربما يتم بوتيرة أسرع من المتوقع.
ويأتي الكشف عن قرار الانسحاب السريع بعد أحداث سياسية متسارعة خلال الأيام الماضية في سوريا. وبدأت التطورات الأخيرة يوم الأحد الماضي، حين قرر ترمب أثناء اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نقل عدد قليل من الجنود الأميركيين من شمال شرقي سوريا. وانتقد معارضو ترمب هذا القرار قائلين إنه مهد الطريق بعدها بثلاثة أيام لهجوم تركي على المقاتلين الأكراد المتحالفين مع واشنطن.
وقالت الولايات المتحدة إنها لن تدافع عن المقاتلين الأكراد السوريين في مواجهة تركيا والقوات التي تدعمها أنقرة، رغم أن الأكراد قاتلوا إلى جانب القوات الأميركية ضد تنظيم «داعش» ويحرسون حالياً السجون التي يوجد بها عشرات الآلاف من المتشددين.
وقال إسبر إن من المتوقع «أن يبرم الأكراد السوريون اتفاقاً مع قوات النظام وروسيا».
وفي مؤشر محتمل على ذلك، قالت وسائل إعلام رسمية تابعة للنظام السوري أمس (الأحد)، إن الجيش السوري بدأ في تحريك قواته إلى جبهات القتال في شمال شرقي البلاد «لمواجهة العدوان التركي على الأراضي السورية».
وبدا ترمب، في تغريدات على «تويتر»، مدافعاً عن نهجه العسكري الذي آثر الابتعاد عن طريق التوغل التركي، لكنه أكد إمكانية فرض عقوبات على أنقرة. وأشار الرئيس الأميركي إلى أن تركيا وأكراد سوريا «يتقاتلون منذ سنوات كثيرة». وتابع: «ربما يود آخرون في المجيء والقتال لصالح طرف أو آخر... دعهم! نحن نراقب الموقف عن كثب. إنها حروب لا تنتهي».
وتعتبر تركيا أكراد سوريا المدعومين من واشنطن امتداداً لمتمردين أكراد تقاتلهم على أرضها. وسيترك الانسحاب من سوريا وقطع العلاقات الكامل مع قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد الولايات المتحدة دون وجود على الأرض في وجه تهديد «داعش» في شمال سوريا.
وعبر بريت ماكجورك، الذي كان أكبر دبلوماسي بإدارة ترمب في التحالف الذي قادته واشنطن ضد التنظيم المتطرف حتى استقالته العام الماضي، عن أسفه لتفكك السياسة الأميركية في سوريا بعد سنوات من المكاسب ضد التنظيم.
وقال ماكجورك على «تويتر»: «القوات المسلحة الأميركية تنسحب من شمال شرقي سوريا حيث كانت خلافة داعش. هذا كله دون تفكير أو تجهيز أو تخطيط». وأضاف: «ستكون لذلك تداعيات خطيرة على أمننا القومي يتجاوز سوريا. الآن نتمنى أن يخرج رجالنا سالمين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».