عراقي يعود لأسرته بعد انتهاء مراسم دفنه وعزائه

أصيب برصاصة قناص وعائلته تسلمت جثة متظاهر آخر

TT

عراقي يعود لأسرته بعد انتهاء مراسم دفنه وعزائه

خلّفت المظاهرات الاحتجاجية التي انطلقت مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وراءها مئات وربما آلاف المآسي والقصص المؤلمة وحالات الفقد الناجمة عن الاستهداف المتعمد وبالرصاص الحي للشباب المتظاهرين، من قبل القوات الأمنية ومجاميع القناصين الذين تحقق الحكومة حتى الآن في الجهات التابعين لها.
وما زالت مراسم العزاء قائمة في منازل الشباب الذين سقطوا، وما زالت الأحاديث الحزينة متواصلة عن عمليات الفتك والقنص التي طالت رؤوس وصدور المحتجين العارية. وحتى هذه اللحظة ثمة عوائل غير قليلة تبحث عن أبنائها المفقودين، في المستشفيات ودوائر الطب العدلي وأقبية السجون للدوائر الأمنية المختلفة على أمل معرفة مصير أبنائهم.
وتتفاعل منذ نحو أسبوع قضية الاختطاف من قبل جهة مجهولة التي تعرض لها اختصاصي الأمراض الجلدية الدكتور ميثم الحلو دون أسباب واضحة، كذلك قضية اعتقال المهندس وعضو مجلس السلم والتضامن عقيل التميمي، رغم عدم مشاركتهما الفاعلة في الاحتجاجات. ولعل من بين أغرب القصص التي خلفتها احتجاجات العراق وما نجم عنها من حالات قتل وإصابة زادت على الستة آلاف حالة، قصة الشاب المراهق ذي السبعة عشر ربيعاً؛ مسلم عباس زاير، الذي يسكن مع عائلته في حي الأمين الشعبي بمنطقة بغداد الجديدة شرق العاصمة؛ إذ إنه عاد إلى الحياة بعد أن أتمت عائلته مراسم الدفن والعزاء!
أما كيف حدث ذلك، فبحسب فلاح حسن زاير، عمّ المراهق مسلم، الذي روى القصة الكاملة لـ«الشرق الأوسط»، فإن مسلم المنقطع عن الدراسة ويعمل على عربة «توك توك» صمم على الالتحاق بالمتظاهرين يوم الجمعة الموافق 4 اكتوبر (تشرين الأول) الحالي وسط غياب والده الملتحق بوحدته العسكرية وعدم قبول عمه، إلا إن مسلم كان متحمساً، وقد أجاب عمه الرافض لذهابه... وبالفعل توجه مسلم برفقة بعض أصدقائه بعد ظهر الجمعة، للالتحاق بالمظاهرات التي انطلقت، وعند الساعة السابعة مساءً وبعد تواتر الأنباء عن القوة المفرطة التي جوبه بها المتظاهرون من قبل الأجهزة الأمنية، تلقت عائلة مسلم خبر وفاته بعد تعرضه لرصاصة قناص في الرأس.
هرعت العائلة، والكلام للعم فلاح حسن زاير، إلى مستشفى «الكندي» العام لقربه من ساحة المظاهرات واحتمال وجود جثمان مسلم فيه، ويضيف: «كان مشهداً رهيباً... عشرات العوائل تبحث عن أبنائها، وسيارات الإسعاف لم تتوقف عن نقل الجرحى والقتلى، حتى إننا علقنا داخل المستشفى ولم نتمكن من الخروج إلا بصعوبة بعد أن فشلنا في إيجاد جثمان مسلم».
بعد ذلك «تلقينا اتصالاً من أبناء عمومته القريبين من مدينة الطب التي تقع على ضفاف نهر دجلة، وأبلغونا خلاله بأنهم تمكنوا من العثور على جثمان مسلم وهو مهشم الرأس في مدينة الطب، فهرعنا إلى هناك في حدود الساعة العاشرة مساءً».
في تلك الأثناء كان أبو مسلم قد عاد من مقر وحدته العسكرية بعد سماعه نبأ وفاة ابنه، وكان حاضراً في الإجراءات الضرورية في المستشفى لاستخراج شهادة الوفاة وتسلم الجثة وما إليها.
تسلمت العائلة الجثمان وعادت به فجر اليوم التالي إلى المنزل تمهيداً لتشييعه ثم نقله إلى مقابر النجف ليدفن هناك. ويضيف العم: «كان أبواه يقبلان يديه ورجليه في المغتسل، ولم يخطر على بال أحد أن الجثة ليست لمسلم. كانت لحظات عصيبة، غيب الحزن الشديد فيها لحظة التبصر المفترضة للتأكد من الجثمان بصورة دقيقة، لكن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالوجه والرأس لم تترك لنا فرصة للتعرف على مسلم، ثم إن أجساد المراهقين تتشابه وأغلبهم لا يحملون بطاقة تعريف الهوية». بعد ذلك، عادت العائلة بجميع أحزانها إلى بغداد عقب إتمام مراسم الدفن، وباشرت بإقامة مجلس العزاء.
استمر استقبال المعزين من أصدقاء وأبناء قبيلة مياح الضخمة التي تنتمي إليها أسرة المراهق الفقيد المفترض، في اليومين التاليين، وقبل لحظات من انتهاء مراسم التعزية مساء يوم الأحد، جاء أحد الشباب ليخبرهم بأن مسلم على قيد الحياة وما زال يتلقى العلاج في مدينة الطب!
يقول فلاح زاير: «كانت لحظات لا توصف، وبين مصدقين وغير مصدقين ومندهشين من سماع الخبر هرعنا مسرعين إلى مدينة الطب».
وجدوا مسلم بشحمه ولحمه هناك! بعد أن كان غائباً عن الوعي 3 أيام نتيجة عيار ناري اخترق أذنه واستقر في منطقة قريبة من الفك. ما زال مسلم يتلقى العلاج في المستشفى وبات قادراً على السير والتكلم ببطء. عائلة الضحية الأصلي التقت بعائلة مسلم وعرفت أنهم دفنوه في النجف بعد أن شرحوا لهم أوصافه وأعطوهم الصور التي التقطوها له أثناء مراسم الغسل وقبل الدفن.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.