الحكومة العراقية تشكّل لجنة للتحقيق في قمع المظاهرات

TT

الحكومة العراقية تشكّل لجنة للتحقيق في قمع المظاهرات

أعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس، عن تشكيل لجنة تحقيقية عليا للوصول إلى نتائج «موضوعية وأكيدة» بخصوص ما وقع من اعتداءات جسيمة على المتظاهرين أودت بحياة 165 شخصاً وأصابت أكثر من 6 آلاف شخص، ضمنهم عدد من عناصر الأمن، حسب إحصاءات جديدة تحدث عنها ناشطون ومنظمات حقوقية.
وجاء تشكيل اللجنة استجابةً لخطبة مرجعية النجف الدينية، الجمعة الماضية، حسب بيان مكتب رئيس الوزراء. وكانت مرجعية النجف قد حمّلت الحكومة المسؤولية الكاملة عن الاعتداءات التي وقعت في أثناء المظاهرات والضحايا التي نجمت عنها وطالبتها بكشف المتورطين فيها. وأضاف بيان رئاسة الوزراء: «استكمالاً للتحقيقات الجارية قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان للوصول إلى نتائج موضوعية وأكيدة لإحالة المتسببين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل». وشدد بيان الحكومة على «عدم التواني في ملاحقتهم (المتهمين) واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم».
وحسب مصادر قضائية، فإن مهمة اللجنة المؤقتة التي يرأسها وزير التخطيط نوري الدليمي، ستُجري «تحقيقاً يشمل الذين قاموا بالاعتداء من عناصر الأمن والمتظاهرين الذين ما زال 286 منهم رهن الاعتقال والإجراءات القضائية». وتشير المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اللجنة مفوضة من طرف رئيس الحكومة. وتستمد صلاحيتها منه، ولها صلاحيات النظر فيما يتعلق بنوعية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال الكشف عنها ودراستها وتحليلها وإصدار النتائج المناسبة في شأن حالاتها خلال مدة محددة». كذلك «ستعمل على تحديد موقع الضحايا المفقودين الذين اختفوا قسراً أو قُتلوا بالفوضى، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان من خلال جمع وتصنيف وتدقيق الأدلة».
وبعيداً عن طبيعة لجنة تقصي الحقائق ومهامها، تشكك أطراف غير قليلة بفاعلية اللجنة وقدرتها على كشف المتورطين في أعمال العنف ضد المتظاهرين، نظراً إلى الظروف المعقدة في البلاد وارتباط من قام بتلك الاعتداءات بجهات نافذة في الدولة.
وفي هذا الإطار، يرى النائب عن تحالف «سائرون» الصدري أمجد العقابي أن «رئيس الوزراء بات على المحك هذه المرة ولا يمكنه التنصل عن مسؤوليته في كشف الجناة خصوصاً مع تشديد مرجعية النجف على ذلك».
ونظراً إلى عدم ظهور غالبية نتائج اللجان التحقيقية السابقة في أحداث كثيرة ومماثلة، فإن العقابي لا يستبعد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «يخفق رئيس الوزراء هذه المرة أيضاً في الإعلان عن الجناة وقتلة المتظاهرين». وذكر العقابي أن «من قام بعمليات القتل مشخص ومعروف لدى الحكومة وما لم تتم محاسبتهم والاقتصاص العادل لآلاف الجرحى والقتلى، فإن إقالة رئيس الحكومة ستكون من واجب جميع القوى السياسية».
كان رئيس تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم، قد ضم، أمس، صوته إلى صوت المرجعية الدينية العليا التي طالبت بوضع حد للذين يُقتلون بلا رقيب. وطالب الحكيم «القضاء العراقي والحكومة العراقية بكشف ومحاسبة المقصرين خلال المدة التي حددتها المرجعية الدينية، وضرورة خضوع الجميع لسلطة القانون، وعدم تسويف نتائج التحقيق».
كما أعلن تحالف «النصر» الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تأييده لمطلب مرجعية النجف بخصوص إجراء التحقيق العاجل في الأحداث الدامية التي شهدتها المظاهرات، وذكر في بيان أمس، أن «مصداقية الحكومة والقوى السياسية على المحك، ولا يمكن الاطمئنان لمسارات النظام السياسي مع التخوين والتخويف والقمع للأصوات المطالبة بالحقوق».
وتعددت الروايات حول الجهات التي أصدرت الأوامر باستهداف المتظاهرين، وبرزت في اليومين الأخيرين اتهامات لقادة كبار في جهازي مكافحة الشعب وقوات طوارئ بغداد، وكشف بعض المصادر العسكرية عن صدور أوامر بإيقافهم عن العمل، كذلك أشار بعض الاتهامات إلى عناصر محسوبة على «الحشد الشعبي»، وثمة مَن أشار إلى شركات الحماية الأمنية الأجنبية.
بدوره، يرى القيادي في تيار «الحكمة» فادي الشمري، أن «ما حدث من عنف مفرط ضد المتظاهرين عبر القناصين والأسلحة المختلفة وتدخل عناصر ميليشياوية أمر مقلق ويدعو لوقفة حقيقية وتشكيل لجنة للتحقيق في ذلك مسألة مهمة جداً». ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «لكن السؤال هو: كيف تحقق الحكومة في مسألة متهمة هي بها، وكان يجدر أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بذلك، وبمشاركة جهات مستقلة وبعض الناشطين والصحافيين لضمان دقة التحقيقات».
وذكر الشمري أن «اتهام الشركات الأمنية بالضلوع في قنص المتظاهرين مسألة لا تستحق الرد، وإن حدث ذلك على سبيل الافتراض، فهو يوسّع من دائرة مسؤولية الحكومة ومستشارية الأمن الوطني ووزارة الداخلية المسؤولتين عن تلك الشركات». ويميل الشمري إلى الاعتقاد بأن «الحكومة لم تكن قادرة على إعلان نتائج حقيقية، نظراً لأن المتورطين في الانتهاكات شخصيات قوية ونافذة داخل جسد الدولة وسيصعب على الحكومة الكشف عنهم بشكل صريح». ويرى الشمري أن «ما طالبت به المرجعية الدينية هو إيقاف نفوذ الدولة الموازية التي يقودها بعض الجماعات وتكريس مفهوم الدولة الواحدة المسؤولة عن حماية وأمن المواطنين».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.