واشنطن تنأى عن العملية التركية وقلقة على مصير التحالف ضد «داعش»

دخان يتصاعد من تل أبيض بعد قصف تركي أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد من تل أبيض بعد قصف تركي أمس (أ.ب)
TT

واشنطن تنأى عن العملية التركية وقلقة على مصير التحالف ضد «داعش»

دخان يتصاعد من تل أبيض بعد قصف تركي أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد من تل أبيض بعد قصف تركي أمس (أ.ب)

مع استمرار الإدانات الدولية للعملية التركية المتواصلة في شمال شرقي سوريا مستهدفة الأكراد، حرصت واشنطن على التمسك بخطابها الرسمي الذي يؤكد أنها لم تعطِ أنقرة «الضوء الأخضر» لتلك العملية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الوزير مارك إسبر أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي خلوصي أكار، أبلغه فيه معارضة واشنطن للعملية التركية الجارية في شمال شرقي سوريا، لأنها تعرض الحرب ضد «داعش» للخطر. وأضاف إسبر أنه يشجع تركيا على وقف هجومها والدخول في عملية سياسية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، محذراً إياها من عواقب وخيمة جراء توغلها في تلك المنطقة. كما أكد إسبر حرص بلاده وتمسكها وتقديرها للعلاقات الاستراتيجية مع تركيا.
إلى ذلك، جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إظهار تمسكه بموقف حيادي بين تركيا والأكراد، وأعلن في تغريدة جديدة له أن أمامه 3 خيارات للتعامل مع ما يجري.
وقال: «لقد هزمنا بنسبة 100 في المائة خلافة (داعش)، ولم يعد لدينا أي قوات في المنطقة التي تتعرض للهجوم من قبل تركيا في سوريا. لقد قمنا بعملنا تماماً! الآن تهاجم تركيا الأكراد الذين يقاتل بعضهم بعضاً منذ 200 عام. لدينا واحد من 3 خيارات: إرسال الآلاف من القوات والفوز عسكرياً، أو ضرب تركيا بشدة مالياً وعقوبات؛ أو التوسط في صفقة بين تركيا والأكراد».
تصريحات ترمب كانت مدخلاً لمداخلة هاتفية أجريت مساء الخميس مع مسؤولين في وزارة الخارجية في نيويورك، لم يفصحا عن اسميهما لتقديم موجز سياسي عن الحرب المندلعة بين الأتراك والأكراد.
ووصف المسؤولان الوضع بشديد الخطورة، لكنهما حرصا على تبرير قرار الرئيس ترمب سحب الوحدات الأميركية من المناطق التي تشن تركيا هجومها عليها، قائلين إنه جاء منعاً لتعرضها للخطر بعدما أعلن الرئيس التركي أن الآلية الأمنية لا تلبي مخاوف بلاده ومصالحها الأمنية.
وأكد المسؤولان أن المفاوضات مع تركيا كانت مستمرة منذ سنوات وأن واشنطن كانت تبحث عن شريك محلي لها في الحرب ضد تنظيم «داعش»، وهو ما عثرت عليه مع قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري. وقالا إن ذلك كان المشكلة الحقيقية لتركيا، التي عانت من هجمات إرهابية مروعة من هذا الحزب منذ 35 عاماً (منذ عام 1984).
وأضافا: «لذا فإن تركيا لديها مخاوف أمنية مشروعة، وهو ما أشار إليه الرئيس مراراً وتكراراً، لكن الشعب في تلك المنطقة، بما في ذلك السكان الأكراد، لديهم مخاوفهم الخاصة، ولدينا مجموعة مهمة للغاية من المصالح الأمنية في شمال شرقي سوريا».
وأكد المسؤولان أن واشنطن فاوضت تركيا حول الآلية الأمنية ونفذت دوريات مشتركة على الأرض وفي الجو، لضمان الأمن في منطقة بعرض 30 كيلومتراً. لكن تركيا اعتبرت الأمر غير كافٍ وبحث رئيسها مع الرئيس ترمب هذا الأمر في مكالمته الهاتفية التي أصر فيها على أن بلاده ستقوم بضمان مصالحها بنفسها.
وأضافا أن سيطرة تركيا على تلك المنطقة ووصولها إلى خط الطريق السريعة مع العراق، يعني أنها ستكون المسؤولة مباشرة عن الأمن وأشياء أخرى مختلفة، فضلاً عن إعادة اللاجئين إلى المنطقة وإسكانهم فيها والحصول على دعم أوروبي لتقديم المساعدات، وهو ما لم يقم به الأوروبيون.
وأكدا أن الولايات المتحدة لن تؤيد الغزو التركي الذي وصفه ترمب بالقرار السيئ، ولن تعطيها أي نوع من الغطاء السياسي أو تعتقد بأي حال من الأحوال أنها فكرة جيدة، لأنه يعرض حلفاءنا قوات سوريا الديمقراطية ومعظمهم من المنطقة للخطر في الحرب ضد الإرهاب. وقالا إنهم ليسوا أعضاء في حزب العمال الكردستاني فعلياً، لكنهم سيقاتلون من أجل وطنهم.
كما أكدا أن الهجوم التركي يقوض جهود الولايات المتحدة لهزيمة «داعش» من خلال سحب قوات سوريا الديمقراطية وإجبار القوات الأميركية على التركيز على الجوانب العسكرية للغزو، ما يخلق انعدام أمن هائلاً للمنطقة بأسرها.
وأوضح المسؤولان أن واشنطن لن تقدم أي دعم عسكري لأنقرة التي طلبت مثل هذه المساعدة بالفعل، إلّا أنهما أكدا بشكل واضح أن الولايات المتحدة «لن تعارض العملية التركية عسكرياً، فتركيا حليفة في الناتو، ونتفهم مخاوفها الأمنية لكننا نعتقد أنها ترتكب خطأ كبيراً للغاية بهذه العملية، وأنها لن ترفع مستوى أمنهم أو أمننا أو أي شخص آخر في المنطقة».
وكرر المسؤولان تهديدات الرئيس ترمب، قائلين إنه إذا تصرفت تركيا بطريقة غير متناسبة أو غير إنسانية، أو تجاوزت الحدود التي رسمها الرئيس، فإن الولايات المتحدة مستعدة لفرض تكاليف كبيرة عليها. وأشارا إلى أنه سبق له وقام بذلك خلال المفاوضات مع تركيا لإطلاق سراح القس بارسون برونسون عام 2018، التي كان لها تأثير كبير على الاقتصاد التركي، بحسب قولهما.
وأعلنا أن ترمب يركز على الجانب التفاوضي ويسعى إلى محاولة إيجاد أرضية مشتركة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وكذلك التوصل إلى وسيلة لسد الفجوة بين الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب مع تركيا التي تفاوضت معه لسنوات، كما تفاوضت أيضاً مع حزب العمال الكردستاني.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.