اشتباكات عنيفة بين القوات الكردية والتركية في مناطق سورية حدودية

مع استمرار القصف الصاروخي

معدات عسكرية تركية في شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
معدات عسكرية تركية في شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات عنيفة بين القوات الكردية والتركية في مناطق سورية حدودية

معدات عسكرية تركية في شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
معدات عسكرية تركية في شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)

تخوض «قوات سوريا الديمقراطية» اليوم (الجمعة) اشتباكات عنيفة ضد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في شمال شرقي سوريا، وفق ما أورد مصدر قيادي فيها والمرصد السوري لحقوق الإنسان، في محاولة لصدّ هجوم بدأته أنقرة قبل يومين، أجبر عشرات آلاف المدنيين على النزوح.
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن عن «اشتباكات عنيفة مستمرة بين (قوات سوريا الديمقراطية) من جهة، والقوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة أخرى، تتركز على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين (الحسكة) حتى تل أبيض (الرقة)»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتترافق المواجهات مع قصف صاروخي مكثف وغارات شنتها الطائرات التركية على قرى عدة.
وقال مصدر في «قوات سوريا الديمقراطية» من داخل رأس العين، عبر الهاتف: «تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا، لكن قواتنا تتصدى لهم».
وأضاف: «دخلوا أمس أطراف المدينة (...) ونقوم حالياً بقصف نقاط تمركزهم، مستخدمين الأسلحة الثقيلة كافة»، لافتاً إلى «اشتباكات عنيفة على الخط الحدودي».
وغداة سيطرة الجيش التركي والفصائل على 11 قرية حدودية، معظمها قرب تل أبيض، تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية»، وفق المرصد، من استعادة السيطرة على قريتين ليلاً.
وتستخدم هذه القوات وفق عبد الرحمن «أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشن هجمات مضادة وإعاقة تقدم» خصومها. وأفاد عن تعزيزات عسكرية كردية تصل تباعاً إلى الشريط الحدودي.
واستهدف المقاتلون الأكراد ليلاً مخافر حدود تركية عدة قرب مدينة كوباني (عين العرب) بحسب المرصد.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، مقتل أول جندي تركي، وإصابة 3 آخرين خلال المواجهات، في إطار عملية «نبع السلام» التي بدأتها الأربعاء ضد المقاتلين الأكراد، وتهدف إلى إقامة «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً، لإعادة قسم كبير من 3.6 مليون سوري لجأوا إلى أراضيها.
وتسبب الهجوم منذ أول من أمس (الأربعاء) بمقتل 10 مدنيين و29 عنصراً من «قوات سوريا الديمقراطية»، وفق المرصد.
وأعلنت السلطات التركية أمس (الخميس) مقتل 6 مدنيين، بينهم رضيع سوري وطفلة جراء قذائف اتهمت مقاتلين أكراد بإطلاقها على مناطق تركية حدودية.
وأحصت الأمم المتحدة نزوح 70 ألف مدني من الشريط الحدودي باتجاه مناطق لا يشملها القصف، أبرزها مدينة الحسكة والبلدات المحيطة بها.
وتُناقش الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من الولايات المتحدة، بياناً يدعو تركيا إلى العودة للدبلوماسيّة، وفق ما قالت مصادر أمس.
وكلّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي بدأ سحب قوات أميركية الاثنين الماضي من نقاط حدودية في شمال سوريا، بمثابة ضوء أخضر لتركيا للمضي قدماً في هجومها، دبلوماسيّين أميركيّين ليل الخميس (الجمعة) التوسّط في «وقف لإطلاق النار» بين أنقرة والأكراد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.