الاحتجاجات الحاشدة تجبر رئيس الإكوادور على التراجع عن مواقفه

مورينو يعلن العودة إلى كيتو وقبوله وساطة دولية لفتح حوار مع السكان الأصليين

متظاهرون يحملون أعلام غواياكيل التي اختارها الرئيس عاصمة مؤقتة بدلا من كيتو خلال «مسيرة بيضاء» تطالب بالحوار والسلام (رويترز)
متظاهرون يحملون أعلام غواياكيل التي اختارها الرئيس عاصمة مؤقتة بدلا من كيتو خلال «مسيرة بيضاء» تطالب بالحوار والسلام (رويترز)
TT

الاحتجاجات الحاشدة تجبر رئيس الإكوادور على التراجع عن مواقفه

متظاهرون يحملون أعلام غواياكيل التي اختارها الرئيس عاصمة مؤقتة بدلا من كيتو خلال «مسيرة بيضاء» تطالب بالحوار والسلام (رويترز)
متظاهرون يحملون أعلام غواياكيل التي اختارها الرئيس عاصمة مؤقتة بدلا من كيتو خلال «مسيرة بيضاء» تطالب بالحوار والسلام (رويترز)

بعد أسبوع من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة والإضرابات التي شلّت حركة النقل وأوقفت إنتاج النفط في البلاد، تراجع رئيس الإكوادور لينين مورينو عن مواقفه المتشددة التي كان أعلنها مطلع هذا الأسبوع عندما أعلن حالة الطوارئ وفرض حظر التجول حول المباني الرسمية ونقل العاصمة بصورة مؤقتة إلى مدينة غواياكيل الساحلية. ومع تصاعد المشاركة الشعبية الواسعة في معظم المدن الرئيسية في الإضراب العام أول من أمس الأربعاء، قرر مورينو العودة إلى العاصمة كيتو وأعلن قبوله وساطة الأمم المتحدة والكنيسة الكاثوليكية لفتح حوار مع السكّان الأصليين الذين أطلقوا شرارة الاحتجاجات رفضاً للتدابير الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة مطلع الأسبوع الماضي.
وكان عشرات الآلاف من المتظاهرين قد ساروا نحو الوسط العاصمة مطالبين باستقالة مورينو، تتقدّمهم مجموعات من السكّان الأصليين والطلاب والنقابيين، وتصدّت لهم قوات الأمن والشرطة حيث وقعت مواجهات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات بجراح، ما دفع اللجنة الأميركية لحقوق الإنسان إلى الإعراب عن عميق قلقها من تطورات الأزمة الإكوادورية التي أدّت حتى الآن إلى سقوط مئات الجرحى وأربعة قتلى بين المدنيين.
وأعلن ناطق باسم الحكومة عن خطة من ستة محاور للسكان الأصليين بهدف استيعاب تداعيات ارتفاع الأسعار على أوضاعهم المعيشية وأنشطتهم الإنتاجية في المناطق الريفية التي يعيشون فيها. وتشمل هذه المحاور إعادة جدولة الديون المترتبة على التعاونيات الزراعية أو شطب بعضها، وإعادة هيكلة نظام توزيع مياه الري وضمان التأمين الزراعي في حال وقوع كوارث طبيعية أو ظروف مناخية قاسية، إضافة إلى استحداث مراكز لتجميع المواد الزراعية التي ينتجها السكان الأصليون لتوزيعها، وزيادة عدد المدارس المخصصة لهم باللغتين الإسبانية والأصلية (كيتشوا).
وخرج المحتجين حاملين أعلاما وعصيا إلى وسط المدينة القديمة وهتفوا «لا يمكن أبدا التغلب على شعب متحد»، وقدرت وسائل إعلام محلية عدد المتظاهرين بـ18 ألفا. ونظم عمال يلوحون بالأعلام الحمراء مظاهرة منفصلة واشتبكوا مع الشرطة، التي حاولت تفريقهم بالغاز المسيل للدموع، حسب وسائل إعلام محلية. كما قام المتظاهرون بإغلاق الشوارع في المدينة.
وفرض رئيس الإكوادور لينين مورينو الأربعاء حظرا للتجوال حول المناطق والمباني الاستراتيجية. وقال مورينو في مرسوم تنفيذي: «لن يتم السماح بالتجوال من الساعة الثامنة مساء حتى الخامسة صباحا من يوم الاثنين إلى الأحد في المناطق المحيطة بالمباني والمواقع الاستراتيجية». وسيكون حظر التجوال ساريا طوال مدة حالة الطوارئ التي أعلنها مورينو الخميس الماضي. وجاء في المرسوم أن الحكومة والشرطة الوطنية ستديران حظر التجوال عند الضرورة «للحفاظ على النظام العام».
وفور عودته إلى العاصمة وجّه مورينو إلى مواطنيه رسالة متلفزة قال فيها «جئت إلى كيتو لأمد يدي وأقول لكم إن فرصة الحوار أصبحت في متناولنا. نحن أهل سلم أيها الأصدقاء، والطريق ممهّد أمام الحوار مع أشقائنا الأصليين. هذه الأزمة أوشكت على نهايتها لأن الكل يحرص على احترام الدستور وصون السلم والديمقراطية». وأضاف «أنا لم أقصد أبدا إهانة الإخوة من السكان الأصليين، بل عاملتهم دائما بمودة واحترام، وهذا ما اعتزم القيام به مجدداً».
ورأى مراقبون في تصريحات مورينو تراجعاً واضحاً في موقفه وضعفاً أمام المتظاهرين وتصعيد الاحتجاجات الشعبية، فيما أعلن رئيس اتحاد مجموعات السكّان الأصليين «أن النضال مستمر في الشارع حتى تحقيق كل المطالب». وجدّد مورينو انتقاداته للرئيس السابق رافايل كورّيا الذي اتهمه بالوقوف وراء الاحتجاجات، وأشار إلى «دور بارز للنظام الفنزويلي في تحريكها». وكانت قوات الشرطة قد أعلنت أنها اعتقلت «عشرات الأجانب» بين العناصر التي كانت تقوم بأعمال تخريبية خلال المظاهرات، لكنها لم تقدّم أي أدلة على جنسياتهم أو على ضلوع جهات أجنبية في الحركة الاحتجاجية.
وكانت الحكومة قد أعلنت مطلع الأسبوع الماضي مجموعة من التدابير الاقتصادية، أهمها إلغاء الدعم على أسعار المحروقات ما آثار موجة غضب واحتجاجات بين السلكان الأصليين الذين يشكّلون الطبقة الأفقر وينشط معظمهم في قطاع الزراعة حيث يعتمدون بشكل أساسي على المحروقات لتشغيل آلياتهم الزراعية. كما شملت التدابير الحكومية خفض الضرائب على استيراد السلع الإلكترونية والمنتوجات المعلوماتية وخفض الرواتب في القطاع العام، الأمر الذي زاد من استياء السكّان الأصليين الذين أطلقوا الاحتجاجات مطلبين باستقالة رئيس الجمهورية.
وبلغت حدّة الاحتجاجات والمواجهة في بعض مناطق السكّان الأصليين إعلان قياداتهم ما يعادل «حالة حرب» مع الأجهزة الأمنية، إذ هددت «أفراد الجيش والشرطة الذين يقتربون من أراضينا، باعتقالهم وإحالتهم أمام عدالة السكان الأصليين»، كما حصل في الأسبوع الفائت لخمسين من عناصر القوات المسلحة الذين ما زالوا محتجزين لدى إحدى المجموعات الأصلية رهن المحاكمة.
وتجدر الإشارة أن السكّان الأصليين الذين يقودون عادة الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، بغض النظر عن اتجاهها السياسي، كانوا وراء سقوط نظام الرئيس الأسبق جميل معوّض، المتحدر من أصل لبناني، مطلع الثمانينات من القرن الماضي.



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.