تصعيد حوثي في الحديدة يستبق وصول كبير المراقبين إلى المدينة

«الشرعية» تتمسك بقوائم ما قبل الانقلاب في ملفي الأمن والسلطة المحلية

TT

تصعيد حوثي في الحديدة يستبق وصول كبير المراقبين إلى المدينة

استبقت الميليشيات الحوثية الموالية لإيران وصول الرئيس الجديد لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة وكبير المراقبين الجنرال الهندي ابهيجيت جوها، بتصعيد واسع في مناطق شتى من المحافظة الساحلية (غرب).
وفي حين أكدت مصادر عسكرية يمنية قيام القوات المشتركة بالتصدي للهجمات الحوثية، كان الجنرال الهندي المعيّن خلفاً للجنرال مايكل لوليسغارد، قد وصل إلى صنعاء أمس، في طريقه إلى الحديدة.
واستهل جوها مهمته الأممية قبل أيام من العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى أعضاء الفريق الحكومي اليمني في اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية منصور بجاش، كما التقى وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير.
في غضون ذلك أكد وزير الخارجية اليمنية محمد الحضرمي، خلال لقائه في الرياض، أمس، سفيرة جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى اليمن كارولا مولر هولتكمبر، تمسك الحكومة اليمنية بالمرجعيات الثلاث والانخراط في عملية السلام، معبراً عن دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن مارتن غريفيث. وعن رؤية الحكومة الشرعية للخروج من معضلة الخلاف مع الميليشيات الحوثية بشأن ملفات الأمن والسلطة المحلية في الحديدة، أشار الحضرمي إلى أن موضوع قوات الأمن والسلطة المحلية المرتكز على العودة لقوائم قوات الأمن قبل انقلاب 2014 من شأنه أن يكون مدخلاً ومفتاحاً لتنفيذ اتفاق الحديدة.
وشدد الوزير اليمني على أن الذهاب إلى مشاورات جديدة دون تنفيذ الاتفاق في الحديدة سيشجع ميليشيات الحوثي على عدم تنفيذ أي اتفاقيات مستقبلية وتكرار سيناريو تهربها من تنفيذ التزاماتها.
وأوضح أن الحكومة الشرعية تسعى جاهدةً إلى التوصل إلى تحقيق السلام في اليمن ولكن السلام الشامل والمستدام وليس السلام المؤقت الملغوم بالثغرات، داعياً المجتمع الدولي إلى مواصلة الضغط على ميليشيات الحوثيين لتنفيذ التزاماتهم.
وزعمت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية أن فريقها في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التقى في صنعاء، أمس، الجنرال الهندي جوها، وأبلغ الأخير بأن الجماعة حريصة «على التعاون معه لدعم اتفاق الحديدة وستكون عوناً له لتسهيل مهامه».
ونسبت المصادر الحوثية إلى قادة الجماعة في لجنة تنسيق إعادة الانتشار أنهم أثنوا على جهود رئيس بعثة المراقبين السابق الجنرال لوليسغارد، وذكروا أنه «عمل بكل حيادية ومهنية وشخّص المشكلة اليمنية تشخيصاً واقعياً دون القبول بأي إملاءات»، على حد زعمهم.
وكان جوها في أثناء لقائه الأول التعارفي في الرياض مع أعضاء الفريق الحكومي اليمني قد أشار إلى أنه سيحدد لاحقاً أول لقاء مشترك للجنة تنسيق إعادة الانتشار من أجل استكمال النقاش حول تنفيذ الاتفاق. ويعد جوها الرئيس الثالث للبعثة الأممية في الحديدة منذ إعلان اتفاق السويد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك بعد كلٍّ من الجنرال الهولندي باتريك كومارت والدنماركي مايكل لوليسغارد.
واستطاعت لجنة إعادة الانتشار المشتركة برئاسة الأمم المتحدة في الحديدة أن تجمع الطرفين خلال ست جولات من اللقاءات من أجل تنفيذ الاتفاق، غير أنها لم تقطع أي شوط يعتدّ به باستثناء الهدنة الهشة التي رافقتها آلاف الخروق منذ سريانها في 18 ديسمبر الماضي.
كانت الأمم المتحدة قد أعلنت الشهر الماضي تعيين الجنرال الهندي في المنصب بعد انتهاء فترة الدنماركي لوليسغارد، أملاً أن ينجح في استكمال تنفيذ الاتفاق وتثبيت وقف إطلاق النار وإنجاز المرحلة الثانية من إعادة الانتشار وصولاً إلى تحقيق اختراق في الملفات الأكثر تعقيداً وهي: الأمن والموارد والسلطة المحلية.
وتزعم الميليشيات الحوثية أنها أنهت أكثر من 90% من التزاماتها المتعلقة باتفاق الحديدة، فيما يخص إعادة الانتشار في المرحلة الأولى، إلا أن الحكومة الشرعية تؤكد أن انسحاب الجماعة من موانئ الحديدة الثلاثة المعلن عنه كان صورياً فقط نظراً إلى أن الجماعة قامت بتسليم الموانئ لعناصرها أنفسهم بعد أن ألبستهم زي قوات خفر السواحل.
وتمثل ملفات السلطة المحلية وقوات الأمن المحلية وموارد الموانئ أهم أبرز ثلاث نقاط حالت حتى الآن دون تحقيق أي تقدم ملموس لتنفيذ اتفاق الحديدة المتعثر منذ ديسمبر الماضي.
وفي أحدث اجتماع مشترك للجنة الثلاثية المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار، الشهر الماضي، كانت اللجنة قد أعلنت الاتفاق على إنشاء مركز للعمليات المشتركة لمراقبة التهدئة ووقف إطلاق النار.
وأكدت اللجنة المشتركة التي تقودها الأمم المتحدة وتضم ممثلين عن الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية أنها قامت بتفعيل آلية التهدئة وتعزيز وقف إطلاق النار، التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع السابق للجنة خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وأوضحت في بيان رسمي أنه تم بناءً على ذلك «إنشاء وتشغيل مركز للعمليات المشتركة في مقر البعثة الأممية في الحديدة، ويضم ضباط ارتباط وتنسيق من الطرفين، بالإضافة إلى ضباط تنسيق وارتباط من الأمم المتحدة».
ميدانياً، أفادت المصادر العسكرية اليمنية بأن القوات المشتركة أحبطت هجوماً واسعاً شنه مسلحو الحوثي بمحافظة الحديدة ليل الثلاثاء، على مواقع القوات المشتركة في منطقة الفازة جنوبي محافظة الحديدة من عدة اتجاهات.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.