قمة هندية ـ صينية غير رسمية... لكن الأجواء المحيطة بها «لا تبدو واعدة»

الصين والهند، اللتان تضمان معاً ثلث عدد سكان العالم، تريد كلتاهما مجالاً أوسع في الأسواق. وهنا تبرز مبادرة بكين «الحزام والطريق»، وهي برنامج ضخم للبنية التحتية يتضمن مشروعا كبيرا يمر في الشطر الذي تديره باكستان من كشمير، التي تطالب بها نيودلهي، كواحدة من أبرز قضايا البلدين الخلافية، إضافة إلى قضايا أخرى تخص تحالفاتهما الجيوسياسية والحدود والسيادة في بعض مناطق النزاع بينهما.
أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، أمس الأربعاء، أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ سوف يلتقيان يومي الجمعة والسبت المقبلين في قمة غير رسمية بمدينة تشيناي بجنوب الهند. وقالت مصادر دبلوماسية إنه من المتوقع مناقشة القضايا الحدودية والتجارة والإرهاب خلال المباحثات. وقالت وزارة الخارجية الهندية في بيان «القمة غير الرسمية المقبلة في تشيناي ستتيح فرصة للزعيمين لمواصلة مباحثاتهما بشأن‭‭‬‬مختلف القضايا التي تهم البلدين والمنطقة والعالم ولتبادل الآراء بشأن تعزيز الشراكة بين الهند والصين في مجال التنمية». وتطالب كل من الهند والصين بالسيادة على أراض على امتداد جبال الهيمالايا وخاضا حربا حدودية وجيزة في 1962».
وأضافت أن المباحثات سوف تتطرق إلى «القضايا ذات الاهتمام الثنائي والإقليمي والدولي»، بالإضافة إلى تبادل الآراء حول تعزيز شراكة من أجل التنمية.
ومن غير المتوقع أن تشهد القمة توقيع أي وثائق. ويأتي التأكيد الرسمي لانعقاد القمة من الجانبين قبل يومين من انعقادها وعلى خلفية سلسلة من التوترات في العلاقات بين الدولتين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية غينغ شوانغ: «منذ اللقاء بين الزعيمين العام الماضي، تطورت العلاقة بين الهند والصين بوتيرة جيدة. وشجع الطرفان بصورة مطردة على التعاون في مجالات مختلفة وتعاملا مع الخلافات والمسائل الحساسة على نحو سليم». وقال أستاذ العلاقات الدولية في كينغز كولدج بجامعة لندن هارش بنت لوكالة الصحافة الفرنسية «بصراحة، فإن الأجواء المحيطة بهذه الزيارة لا تبدو واعدة في هذه اللحظة»، مضيفاً «بل إن الدينامية المحيطة بها باتت أكثر تضاربا».
ومن بين المسائل الخلافية بين البلدين، استياء بكين من خطوة الهند في أغسطس (آب) تجزئة ولاية جامو وكشمير إلى شطرين، وإجراء الجيش الهندي تدريبات في ولاية أروناشال براديش التي تطالب بكين بجزء منها.
وأزعجت الصين الهند في دعمها الدبلوماسي الأخير لباكستان. وأعرب وزير الخارجية الصيني في أغسطس عن غضب بلاده بعد الإجراءات التي اتخذتها نيودلهي في كشمير. وتنص على أن تصبح منطقة لاداخ في جامو وكشمير منطقة إدارية هندية منفصلة. واعتبر أن الهند «تواصل تقويض سيادة الصين الإقليمية عبر تغيير قوانين محلية بشكل أحادي الجانب».
وخاضت الهند وباكستان حربين ومناوشات متعددة حول كشمير، آخرها مواجهة جوية في فبراير (شباط). وتتهم نيودلهي إسلام آباد بدعم تمرد مسلح في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من المنطقة. وقدمت الصين دعماً دبلوماسيا لباكستان في الأمم المتحدة بشأن ملف كشمير.
وقال شنغ كزياوهي من قسم السياسات الدولية في جامعة رنمين إن «الصين تتعاطف مع باكستان وتدعمها في ظل الوضع الذي تواجهه» في ملف كشمير، ولذلك «في الوقت الحالي، العلاقة بين الصين والهند وصلت لنقطة شديدة الحساسية».
وتطالب الصين بالسيادة على أجزاء من لاداخ ذات الغالبية البوذية، والواقعة في منطقة الهيمالايا، تحدّها من الشمال ولاية شينجيانغ الصينية المضطربة، ومن الشرق التيبت.
وتقول الهند أيضاً إن الجزء الذي تسيطر عليه الصين من لاداخ تابع لها.
ودخلت القوات الهندية والصينية فيما سمته وسائل الإعلام الهندية «شجار» في لاداخ على ضفاف بحيرة يانغونغ تسو التي تسيطر الصين على ثلثيها.
وتراشق عسكريون بالحجارة في هذه المنطقة نفسها في أغسطس 2017. وتزامن الخلاف حينها مع مواجهة أكثر جدية في هضبة دوكلام في الهيمالايا التي يطالب البلدان أيضاً بالسيادة عليها، عندما بدأ عسكريون صينيون ببناء طريق في المنطقة وأرسلت الهند قواتها لردعهم. واستمرت المواجهة في دوكلام بين القوتين النوويتين اللتين خاضتا حرباً عام 1962 لشهرين قبل أن يسحب كل من الطرفين قواته. ورفعت الهند مؤخراً من مستوى مشاركتها في مجموعة «كواد» المكونة من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان، والتي تريد واشنطن من خلالها التصدي للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وفي مدينة ووهان الصينية في أبريل (نيسان) 2018، حاول شي جينبينغ ومودي إصلاح العلاقة بين بلديهما. ويعتبر اللقاء المرتقب بعد يومين خطوة جديدة للأمام في إطار لقاء ووهان.
ومن المتوقع أن يطالب شي مودي بالسماح لشركة هواوي الصينية بأن تكون جزءاً من التجارب المتعلقة بشبكة الجيل الخامس للإنترنت، وهو أمر ضغطت بدورها واشنطن على نيودلهي لعدم السماح به لأسباب أمنية. ومن المقرر أن يزور شي النيبال السبت والأحد، وهو أول رئيس صيني يزور النيبال منذ أكثر من عقدين. والهند قلقة أيضاً من خسارة نفوذها في هذا البلد على حساب الصين.
ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الرئيس شي جين بينغ قال أمس الأربعاء إنه يراقب الوضع في إقليم كشمير ويدعم باكستان في القضايا التي تمس مصالحها الأساسية. وقال شي لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان خلال اجتماع في بكين إن الصواب والخطأ واضحان في هذا الوضع. وأضاف شي أنه يتعين على الأطراف المعنية حل النزاع عبر الحوار السلمي.