مسؤول الخارجية الأوروبية: لست مستعداً للقبول بالسياسة القائمة

خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية في جلسة استجواب وإحاطة قبل تثبيته في منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خلفاً للإيطالية فيديريكا موغيريني، انتقد وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل جمود السياسة الخارجية الأوروبية وإخضاع قراراتها للتصويت في المجلس الأوروبي والاتفاق على موقف موّحد من القضايا والأزمات الدولية، وتعهد بدفع وزراء الخارجية إلى التحرك بمزيد من السرعة والحزم، وقال: «سأكون جاهزاً للمجازفة عند اتخاذ القرار، ومستعداً أن تُرفض مقترحاتي من الأكثرية، لكن أوروبا تحتاج لسياسة خارجية مختلفة». وأوضح بوريل، الذي سبق له أن رأس البرلمان الأوروبي، أنه ليس مستعدّاً للقبول بالوضع القائم، وأنه لن يقبل بسهولة التعليمات التي تصدر عن المجلس الأوروبي، ويُفترض أنها غير قابلة للنقاش من أعضاء المفوضية.
كما أظهر في إجاباته على أسئلة أعضاء اللجنة، ما اعتبره البعض بادرة تمرد على رئيسة المفوضية أورسولا فان در لاين، التي كانت قد وجّهت رسالة إلى كل من أعضاء اللجنة تحدّد لهم فيها هامش التصرف المنفرد، وبخاصة فيما يتعلّق بالممثل الأعلى للسياسة الخارجية التي يسرب مقربون منها عزمها على وضعها تحت مراقبتها وإشرافها المباشر، ما ينذر بتوتّر أكيد في العلاقات مع بوريل الذي علّق على الرسالة بقوله: «المادة الثامنة عشرة من معاهدة الاتحاد الأوروبي تكلّفني بتنسيق السياسة الخارجية، ولست بحاجة لأي رسالة تحدد لي طبيعة مهمتي». وشدّد بوريل، لدى مثوله أمام البرلمان الأوروبي، على ضرورة أن يسخّر الاتحاد لسياسته الخارجية كل الأسلحة والأدوات التي في متناوله، من التجارة إلى التنمية واليورو، وانتقد عدم التنسيق والنزوع نحو الإفراط في الحرص على الصلاحيات الفردية. ودعا إلى إلغاء حق النقض، الفيتو، للعواصم الأوروبية في تحديد المواقف الدولية للاتحاد، وحصره في المسائل المتعلقة بالعقوبات، وحقوق الإنسان، وإرسال قوات أوروبية إلى الخارج.
ولم يتردّد بوريل، الذي يبدأ مهامه مطلع الشهر المقبل، في توجيه تحذير من مغبّة قرار الإدارة الأميركية الأخير بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا كي تقوم بعملية عسكرية داخل الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا. ويذكر أن بوريل سبق له أن وصف سياسة واشنطن من الأزمة الفنزويلية بأنها «سياسة رعاة البقر»، عندما كان المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون يهدّد باللجوء إلى استخدام القوة لإسقاط نظام مادورو.
وفي شأن متصل، أكّد بوريل أن المواطنين الإسبان المعتقلين في مخيمات اللاجئين في سوريا سيعودون قريباً إلى إسبانيا، مبدّداً بذلك الشكوك التي تحوم منذ أشهر حول موقف حكومة مدريد من مصير 4 مواطنات إسبانيات، زوجات لمقاتلين في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، وأولادهن الـ17. وجاءت تصريحات بوريل، وهي الأولى لمسؤول إسباني حول هذا الموضوع، ردّاً على سؤال وجّهه إليه نائب في البرلمان الأوروبي عن حزب «إعادة التجمع الوطني» الفرنسي اليميني المتطرف. ولم يحدّد الوزير الإسباني عدد الذين سيشملهم هذا القرار ولا شروط استعادتهم، لكن مصادر رسمية إسبانية أكّدت أن التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية والقضائية أثبتت ضلوع النساء الأربع في أنشطة إرهابية متنوّعة، وأن مذكرات توقيف قد صدرت بحقهّن، ما يعني أنهن سيدخلن السجن حال عودتهن من سوريا. وأضافت المصادر أن السلطات المختصّة ما زالت تبحث في مصير الأطفال القاصرين بعد إحالة الأمهات إلى السجن رهن المحاكمة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسبانية ماطلت طويلاً في بتّ مصير مواطنيها المعتقلين في سوريا منذ أن تأكّد وجودهم في مخيمات الجهاديين شمال سوريا، وذلك بسبب من الأزمة التي أدّت إلى استقالة الحكومة والإعلان عن انتخابات مسبقة في العاشر من الشهر المقبل. وكانت ثلاث من الأمهات الأربع قد أعلَنّ عن رغبتهن في العودة إلى إسبانيا في حديث مع إحدى وسائل الإعلام الإسبانية أواخر أبريل (نيسان) الفائت.
ولدى سؤاله عن موقفه من الأزمة الانفصالية في كاتالونيا، تحاشى بوريل، وهو كاتالوني معروف بموقفه الرافض للانفصال، الخوض في الموضوع، وقال: «لي موقفي العام من الحركات الشعبوية في العالم، وأنا على يقين من أن الأزمات الجيوسياسية تنشأ محلياً ثم تتغذّى من الظروف السوسيولوجية. لكن من موقعي كممثل أعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، لن أعلّق على المشكلات الداخلية للبلدان الأعضاء».