بعد 6 أشهر... الحرب على طرابلس تراوح مكانها

TT

بعد 6 أشهر... الحرب على طرابلس تراوح مكانها

بعد 6 أشهر ونيف على بدء العملية العسكرية في طرابلس، يؤكد متابعون من قلب الميدان أن الحرب التي اندلعت في 4 أبريل (نيسان) الماضي بالضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية، لا تزال تراوح مكانها. لكن كلا الفريقين المتقاتلين يظهران النصر على «الخصم»، ويؤكد أنه في طريقه لحسم المعركة، وقطع رقبة «العدو».
فعلى الأرض سددت مقاتلات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، ضربات عدة إلى قوات حكومة «الوفاق»، واستطاعت الوصول إلى قلب مدينة طرابلس، بل اتجهت شرقاً وشنّت ضربات جوية على أهداف بالكلية الجوية في مصراتة، وصفها المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بـ«الموجعة على قوات (الوفاق) وتمركزاتها، وأماكن خروج الطائرات التركية المسيرة في أكثر من موقع على امتداد الجبهة». وفي هذا السياق، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم قوات القيادة العامة، خلال مؤتمرات صحافية عدة، إن قوات «الجيش الوطني» تحاصر الميليشيات والجماعات الإرهابية في طرابلس، وتكبدها خسائر كبيرة، مؤكداً أنها اقتربت من حسم المعركة، لكنها تسير بخطوات ثابتة حفاظاً على مواطني طرابلس.
ودافع ساسة ليبيون من شرق ليبيا عن العملية العسكرية، وتحركات «الجيش الوطني»، مشيرين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحرب فُرضت عليهم لأسباب عدة، منها تغوّل الميليشيات المسلحة في العاصمة، بينما يرى أقرانهم في غرب البلاد أن حرب طرابلس «تخفي وراءها أغراضاً سياسية».
ومنذ الأشهر الأولى للعملية العسكرية، وغرفة عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، تقول في المقابل إنها مسيطرة على جميع محاور القتال لرد «العدوان»، المتمثل في قوات «الجيش الوطني» على العاصمة. وقد أعلنت الغرفة، مساء أول من أمس، أن قوات «الوفاق» أحكمت السيطرة الكاملة على المنطقة الممتدة من العزيزية إلى السبيعة جنوب طرابلس، بعدما قالت إن قوات «الجيش الوطني» فرت منها.
وعدّدت الغرفة، في بيان نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»، المكاسب التي تحصلت عليها من «العدو»، ومنها آليات وذخائر، كما أسرت 9 جنود، بعد معارك طاحنة في محور السبيعة والطويشة، ومنطقة «تليس» شرق العزيزية، وفي عين زارة.
وفي سياق تبادل الاتهامات بين القوتين المتحاربتين باستخدام المرتزقة في العملية العسكرية، كررت قوات «الوفاق» اتهاماتها لـ«الجيش الوطني» بالدفع بما سمتهم «جنوداً روسيين تابعين لعصابات الفاغنر»، ما تسبب في مقتل عدد منهم على يد قواتها خلال الأيام الماضية.
وفي ظل ما تعدده قوات «الوفاق» من «انتصارات» على «العدو»، اتهم المجلس البلدي لبلدية مصراتة، التي تعد قواتها القوة الضاربة في حرب طرابلس، المجلس الرئاسي بـ«التقصير في دعم الدفاعات الجوية وتطويرها»، وذهبت إلى أن الحرب الدائرة على تخوم العاصمة «لا يمكن أن نتوقع فيها إلا مزيداً من التهور والتصعيد، ما يتطلب أخذ الأمر بجدية وحزم أكبر للمحافظة على أرواح أبنائنا».
لكن القيادات المحلية لمصراتة، التي توصف بأنها المحطة الثانية لـ«الجيش الوطني» بعد «تحرير» طرابلس، كشفت عن اختراقٍ أَحدَثَه الجيش، تمثل في تواصله مع بعض مكوناتها الاجتماعية، ما دفع مجلسها البلدي للقول: «أي تواصل مع حفتر من أي من أبناء مصراتة، يُعد تصرفاً فردياً يحسب على صاحبه، ولا يمت للمدينة بأي صلة».
وقضى أكثر من 1200 شخصاً في الحرب الدائرة بين «الجيش الوطني» وقوات تابعة لحكومة «الوفاق». كما أصيب نحو 6 آلاف آخرين، بالإضافة إلى نزوح 24 ألف أسرة من مناطق الاشتباكات إلى مناطق أكثر أمناً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.