أنقرة تؤكد اكتمال استعداداتها لـ«عملية عسكرية» في شرق الفرات

وزارة الدفاع التركية تعلن نيتها إقامة «ممر للسلام» شمال سوريا

TT

أنقرة تؤكد اكتمال استعداداتها لـ«عملية عسكرية» في شرق الفرات

أكدت تركيا انتهاءها من جميع الاستعدادات للعملية العسكرية المحتملة التي تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شرق الفرات قائلة إنها دولة لا تخضع للتهديد بينما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إخراجها من برنامج العمليات الجوية المشتركة في شمال سوريا.
وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان أمس (الثلاثاء) إنها أتمت استعداداتها للعملية العسكرية في شمال شرقي سوريا بعدما بدأت الولايات المتحدة سحب قوات قرب حدود تركيا.
جاء ذلك بعد تحذير شديد اللهجة وجهه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تركيا حال تجاوزت حدودها في سوريا، مهددا أنه «سيدمر ويمحو تماما» اقتصاد تركيا إذا أقدمت على شيء في سوريا يعتبره «متجاوزا للحدود» في أعقاب قراره الذي أعلنه فجر أول من أمس بسحب 50 من القوات الخاصة الأميركية من المنطقة الحدودية، وعدم التدخل في عملية عسكرية تركية محتملة تستهدف القوات الكردية التي تعد حليفا لواشنطن في سوريا.
وقالت وزارة الدفاع التركية: «لن تقبل القوات المسلحة التركية أبدا بتأسيس ممر للإرهاب على حدودنا. اكتملت جميع استعداداتنا للعملية».
وأضافت «من المهم إقامة منطقة آمنة (ممر سلام) للمساهمة في سلام واستقرار منطقتنا وحتى يعيش السوريون حياة آمنة».
في السياق ذاته، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي إن بلاده دولة لا ترضخ للتهديدات ولا تتحرك بإملاءات الآخرين، ورسالتنا للمجتمع الدولي واضحة في هذا الصدد.
وأضاف أوكطاي، في كلمة في غازي عنتاب (جنوب)، أمس، «تركيا ستوقف (الإرهابيين) الذين يهددون حدودها الجنوبية عند حدهم، وستوفر الفرصة لعودة اللاجئين إلى بلادهم بشكل طوعي».
وجاء تحذير ترمب لتركيا لإرضاء منتقديه الذين اتهموه بالتخلي عن الأكراد السوريين من خلال سحب القوات الأميركية، ومنهم زعماء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومن مجلسي الكونغرس.
وقال ترمب على «تويتر»: «أكرر ما أكدته من قبل، أنه إذا فعلت تركيا أي شيء اعتبره، بحكمتي العظيمة التي لا تضاهى، متجاوزا للحدود فسأدمر الاقتصاد التركي وأمحوه تماما... لقد فعلت ذلك من قبل».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، إن بلاده لها حق أصيل في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية أمنها القومي في مواجهة «تهديدات الإرهاب» القادمة من سوريا.
وأضاف، في بيان ليل الاثنين - الثلاثاء «تركيا مصممة على تطهير شرق الفرات من الإرهابيين وحماية أمنها وبقائها في الوقت الذي تقيم فيه منطقة آمنة بهدف تحقيق السلام والاستقرار».
وبدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن العملية العسكرية المُزمعة في سوريا «ليست هجوماً على الأكراد أو غزواً للمناطق السورية».
وأضاف، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية «أُشدد على أن هذا ليس هجوماً على أكراد سوريا أو غزواً على أي جزء من سوريا... هذه لم تكن نيتنا أبدا وليست مسار عملنا إطلاقا. وأعتقد أن إجراءاتنا حتى الآن تعكس ذلك بشكل أكبر بكثير».
واعتبر أن العملية العسكرية تهدف إلى تطهير الحدود مما سماه «العناصر الإرهابية» وعودة اللاجئين بشكل آمن إلى سوريا في إطار وحدة الأراضي السورية، موضحاً أنها مسؤولية تقع على عاتق الجميع. وقال: «رفض الأوروبيون أخذ مقاتلي وإرهابيي (داعش) المُعتقلين، فمن سيتحمل مسؤوليتهم؟ أعتقد أن لدينا القدرة للقيام بالأمر وسنقوم بذلك مع الأوروبيين وأميركا وغيرهم، بدعمهم وتعاونهم. وأعتقد أنه إذا كانت هناك عزيمة وحكمة وقيادة كافية فيمكننا حتماً إنجاز الأمر. سنعمل على التفاصيل»، وذلك لإنهاء الوجود الداعشي الذي وصفه بـ«الواقعة الفظيعة في تاريخ الشرق الأوسط وسوريا الحديث».
وواصلت تركيا إرسال المزيد من التعزيزات لوحداتها العسكرية على الحدود السورية، أمس وأول من أمس. ووصلت أمس 4 حافلات تقل جنودا إلى منطقة أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا الحدودية مع سوريا. كما أرسل الجيش التركي، مساء أول من أمس، مزيدا من التعزيزات إلى وحداتها المتركزة على الحدود السورية، ضمت قوات خاصة وناقلات جند ومدرعات عسكرية، توجهت إلى الحدود السورية عبر ولاية كليس (جنوب).
وشنت القوات التركية هجوما على مواقع للقوات الكردية في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، تضمنت مواقع قرب معبر سيمالكا على الحدود السورية العراقية، وتل طويل في ريف المالكية، التي توجد فيها «قوات سوريا الديمقراطية»، مشيرة إلى عدم وقوع خسائر بشرية.
وقالت وكالة «سبوتنيك» الروسية إن طائرات تركية شنت غارات على مقرات القوات الكردية في تل طويل، ما أسفر عن وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة ضمن صفوف «قسد».
وقالت مواقع كردية إن قصفاً مدفعياً تركياً طال مواقع الوحدات الكردية في بلدة المالكية الحدودية مع تركيا.
وقال مصدر في الجيش السوري الحر إن نحو 8 آلاف مقاتل من فصائل المعارضة، إضافة إلى قوات من الجيش التركي معزَّزة بمئات الآليات العسكرية التي تضمّ دبابات ومدرعات، عَبَرت من بوابة كاراكميش التركية إلى مدينة جرابلس الحدودية بريف حلب الشمالي الشرقي، وتوجّهت إلى جنوب مدينة جرابلس باتجاه خط الجبهة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)على أطراف مدينة منبج.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية: «هذه الدفعة الأولى من قوات الجيش الوطني التي سوف تشارك الجيش التركي المعارك ضد قسد في معارك شرق الفرات».
وأكَّد المصدر: «بعد وصول تلك التعزيزات العسكرية، إضافة إلى القوات المرابطة على خطوط الجبهة مع قسد في شمال مدينة منبج، فإنَّ هذه القوات تنتظر ساعة الصفر للتحرُّك باتجاه مدينة منبج».
كانت تركيا جمعت قادة فصائل المعارضة في الجيش الحر والجبهة الوطنية للتحرير، وأعلنت، الجمعة، اندماج جميع القوات في الجيش الذي سوف يشارك في معارك شرق الفرات.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.