جوشوا كينغ: ليس من العدل تحميل بوغبا مسؤولية تعثر مانشستر يونايتد

أجريت حواراً مع المهاجم النرويجي جوشوا كينغ لمدة نصف ساعة، تحدث خلالها عن كل شيء، بدءاً من المعايير الصارمة التي يضعها المدير الفني إيدي هاو، مروراً بالحديث عن النجم النرويجي الشاب إيرلينغ براوت هالاند، وعن مدى تأثره بالمدير الفني النرويجي، أولي غونار سولسكاير، عندما كان يلعب تحت قيادته في فريق الرديف بنادي مانشستر يونايتد. لكن أكثر ما جذبني في الحوار مع المهاجم النرويجي هو حديثه عن أهمية الوشم الأسود الذي يغطي ظهره!
ويغطي كينغ ظهره بوشم لكل من مارتن لوثر كينغ، ونيلسون مانديلا، وبوب مارلي، ومالكولم إكس، وغيرهم. يقول كينغ: «إنني أضع على ظهري وشماً لروزا باركس أيضاً. إنني أضع صورتها في المرة الأولى التي سُمح لها فيها بالجلوس في مقدمة الحافلة، عندما تم تغيير القانون، التي قاتلت باركس من أجله، ورفضت الانتقال من مكانها وحُكم عليها بالسجن. إنهم أبطال قاتلوا من أجل أن يكون الجميع متساوين. إنه وشم كبير وأنا فخور للغاية به». (أصبحت باركس رمزاً هاماً من رموز حركة الحقوق المدنية، ورمزاً دولياً لمقاومة الفصل العنصري)
وشدد كينغ على أنه لا يرغب في تضخيم الأمور فيما يتعلق بالحديث الدائر عن النجم الفرنسي بول بوغبا، ويقول: «عندما يكون بوغبا في أفضل حالاته، فربما يكون أحد أفضل خمسة لاعبين في خط وسط في العالم. لكن الأنظار دائماً ما تكون موجهة نحوه، بسبب ما يفعله داخل الملعب، فلو لم يقم بواجبه الدفاعي كما ينبغي وسجل لاعب الفريق المنافس هدفاً فإن جميع الأنظار تتجه نحوه. وعندما يحدث أي شيء في مانشستر يونايتد فإن الجميع يتحدث عن بول بوغبا. فهل من العدل القيام بذلك، وتحميله مسؤولية كل شيء يحدث في النادي؟ ربما لا يكون من الإنصاف القيام بذلك، لكن ربما يكون هذا منطقياً أيضاً عندما نعلم أن بوغبا كلف خزينة النادي 89 مليون جنيه إسترليني».
ويتحدث كينغ، الذي يؤكد على أنه قائد بالفطرة، بكل لطف وهدوء وصراحة. ويرى كينغ، الذي ولد لأب من غامبيا في منطقة رومسا بمدينة أوسلو، أن أولئك الذين توجد صورهم على ظهره يمثلون مصدر إلهام كبير بالنسبة له، ويقول: «إنني أضع صورة للملاكم محمد علي أيضاً. إنهم ليسوا أشخاصاً عاديين، لكنهم أبطال بالنسبة لنا. لقد شهدت كرة القدم بعض الأحداث العنصرية في الآونة الأخيرة، وفي الحقيقة لا يمكنني أن أتفهم الدوافع وراء ذلك. إننا في عام 2019. ولا يزال هذا الأمر مستمراً، لكن على أي حال هذا هو العالم الذي نعيش فيه. وبصفتنا لاعبي كرة قدم محترفين، يتعين علينا أن نكون قدوة للأطفال وأن نتصرف بالطريقة الصحيحة. وبالتالي، فإنه ليس من الجيد أن نسمع الهتافات العنصرية توجه للاعبين من أمثال بول بوغبا وروميلو لوكاكو. أعتقد أن هذا غير مقبول».
وعندما كان كينغ في المرحلة العمرية بين عامين و16 عاماً - وهو السن الذي انضم فيه إلى مانشستر يونايتد ولم يلعب معه سوى مبارتين فقط قبل انتقاله إلى بلاكبيرن - كان والده يأخذه لزيارة عائلته بالقرب من بانجول، عاصمة غامبيا، كل عام. ويروي كينغ أنه في فترة أعياد الميلاد، عندما كان في الثامنة من عمره تقريباً، كانت إحدى عماته المقيمات في أفريقيا تشعر بسعادة غامرة عندما تلقت هدية عبارة عن علبة مملوءة بفحم الكوك!
ويقول عن ذلك: «لقد جعلني ذلك أقول لنفسي: كيف يمكننا بعد ذلك أن نشكو من أي شيء يحدث لنا في النرويج؟ لقد أراد والدي أن يجعلني أفهم أن لدي عائلة في غامبيا، وأن هذه هي أسرتي، وهذا هو المكان الذي أتيت منه، وهؤلاء هم أولاد أخي وأبناء عمومتي. عندما تولد في النرويج فإن كل شيء يكون رائعا بالنسبة لك، خاصة أن النرويج تعد أحد أفضل الأماكن التي يمكن أن تنشأ فيها على الإطلاق، من حيث المستشفيات وأطباء الأسنان والأمن، وغير ذلك».
ويعتزم كينغ أن يأخذ نجله، نوح، البالغ من العمر ثلاثة أعوام، إلى غامبيا ذات يوم لكي يعلمه نفس الدروس التي تعلمها من والده. يقول كينغ: «يعتقد نجلي أنه من السهل الحصول على أي شيء يريده، لكنني كنت يوماً ما في نفس موقفه وأعلم تماماً ما يفكر به. إنني أعتزم اصطحابه إلى أفريقيا لكي يعرف من أين أتينا وكيف قاتلت من أجلي عائلتي، وأنني ما أزلت أحاول تحقيق المزيد لأسرتي، وأن الأشياء لا تتحقق بالسهولة التي يتخيلها. يتعين عليه أن يعرف أنه يجب عليه أن يعمل بكل قوة، وآمل أن يكبر ويكون رجلاً عظيماً».
ويضيف: «سأكون دائماً فخوراً به، بغض النظر عما سيحدث. إذا كان يريد أن يكون لاعب كرة قدم أو لاعب تنس، أو إذا كان يريد أن يكون مهندساً معمارياً أو محامياً - بغض النظر عما يريد أن يكون عليه في المستقبل - فسأظل دائما فخوراً به، لكن الشيء الوحيد الذي لا يمكنه القيام به هو خداعي».
ويضيف كينغ مبتسماً: «عندما أعود للمنزل فإنه يريد أن يلعب كرة القدم، لكن لا يمكنه اللعب بمفرده. عندما أكون في الحديقة، فإنه يحب أن يلعب معي، لكن المشكلة تتمثل في أنني أكون عائداً للتو من التدريبات، لذلك ألعب معه لبعض الوقت، لكنه لا يتعب من اللعب ولا يفهم أن هناك وقتاً معيناً يجب التوقف فيه عن اللعب. ودون أي مبالغة، فإنه يمكنه الركض داخل الحديقة لمدة ساعتين متواصلتين، لكنني لا أملك الطاقة أو القوة للقيام بذلك، لأنه يكون لدي مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز يوم السبت من كل أسبوع. إنه طفل جيد للغاية، وأفضل شيء في حياتي على الإطلاق».
وكان بورنموث قد تعاقد مع كينغ مقابل مليون جنيه إسترليني قادماً من نادي بلاكبيرن قبل أربع سنوات من الآن، وهو ما يعد استثماراً رائعاً بالنسبة لنادي بورنموث بكل تأكيد. أما بالنسبة للفترة التي لعبها في مانشستر يونايتد، فيتحدث كينغ عن عدد من اللاعبين بما في ذلك بول بوغبا وجيسي لينغارد، لكن عندما سُئل عن اللاعب الأبرز من بين مجموعة اللاعبين الذين لعب معهم، قال حتى قبل أن أنتهي من طرح سؤالي بالكامل: «إنه رافيل موريسون بكل تأكيد. هذا هو أسهل سؤال وجهته لي. وإذا سألت أي لاعب في مانشستر يونايتد في ذلك الوقت عن اللاعب الأفضل فسيقول لك من دون تردد إنه رافيل، لأنه كان في مستوى آخر عن باقي اللاعبين. كان بمقدور رافيل أن يقدم مستويات تقترب من مستوى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو». ويضيف: «لقد كان سيئ الحظ، لكنه كان يمتلك قلباً طيباً للغاية. ربما يأخذ الناس انطباعاً سيئاً عنه، لكن عندما يكبر المرء فإن الأمور تزداد صعوبة وربما لا يتمكن من التحكم في سير الأحداث من حوله، لكنه كان طيباً للغاية، وأؤكد على أنه أكثر لاعب موهوب لعبت معه طوال حياتي».
ويبلغ كينغ من العمر 27 عاماً، وبالتالي فهو واحد من كبار اللاعبين في نادي بورنموث ومنتخب النرويج، الذي يشهد تألق اللاعب الشاب إيرلينغ هالاند، والذي يقول عنه كينغ: «أعتقد أن إيرلينغ سوف يذهب بعيداً للغاية بسبب الطريقة التي يفكر بها. يمكنك بكل سهولة أن ترى شغفه بكرة القدم وعمله بكل قوة وإرادة. إنه لاعب صغير في السن، وأشعر أن وسائل الإعلام النرويجية تضع كثيراً من الضغوط على كاهل اللاعبين الصغار، وهو ما حدث مع لاعب مثل مارتن أوديغارد على سبيل المثال. ويمكننا الآن أن نرى ما بدأ في تحقيقه، لكنه لا يزال في العشرين من عمره وما زال أمامه الكثير ليقدمه».
ويأمل كينغ أن يقود بورنموث لاحتلال أحد المراكز العشرة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. أما على المدى الطويل، فيرى أنه لا يوجد أي سبب يمنع النادي من المنافسة على التأهل لبطولة الدوري الأوروبي، خاصة أن الفريق يمتلك مديراً فنياً رائعاً مثل إيدي هاو. ويقول: «المدير الفني يريد من كل لاعب أن يقدم أفضل ما لديه، بداية من عمليات الإحماء ووصولاً إلى الاستحواذ على الكرة والتمرير الدقيق وبذل أقصى جهد ممكن خلال المباريات. يمكن للاعبين أن يمزحوا مع بعضهم بعضاً بعد نهاية التدريبات، لكن عندما نكون داخل الملعب فإننا نتعامل مع كافة الأمور بمنتهى الجدية. الشيء الوحيد الذي يطلبه المدير الفني من اللاعبين هو بذل أقصى جهد ممكن. وإذا فعلت ذلك - حتى لو لم تؤت الأمور الأخرى ثمارها - فإنه سوف يساندك بكل قوة».