فيلم كاباديا الوثائقي... محاولة لتحرير اللاعب الإنسان من قيود مارادونا الأسطورة

يظهر {كاباديا} لنا مارادونا مرتعداً... رجل سمح لأسطورته بأن تستنزف حياته وتقضي عليه نهاية الأمر
يظهر {كاباديا} لنا مارادونا مرتعداً... رجل سمح لأسطورته بأن تستنزف حياته وتقضي عليه نهاية الأمر
TT

فيلم كاباديا الوثائقي... محاولة لتحرير اللاعب الإنسان من قيود مارادونا الأسطورة

يظهر {كاباديا} لنا مارادونا مرتعداً... رجل سمح لأسطورته بأن تستنزف حياته وتقضي عليه نهاية الأمر
يظهر {كاباديا} لنا مارادونا مرتعداً... رجل سمح لأسطورته بأن تستنزف حياته وتقضي عليه نهاية الأمر

بمرور السنوات، تحولت حياة دييغو أرماندو مارادونا إلى قصة يحفظها الجميع عن ظهر قلب ونموذج حي على الصعود إلى الثراء البائس. بدأ مارادونا حياته صبياً فقيراً لا يحظى بمظلة تحميه من بطش الحياة، ونجح الدافع القوي بداخله ومهارته الكامنة في دفعه نحو المجد، قبل سقوطه المفاجئ. ولو تسنت الفرصة للمخرج الأميركي الشهير آندي ورهول بمشاهدة هذا الفيلم، أثق أنه كان سيشعر بقدر كبير من الإثارة.
قدم آصف كاباديا، الحائز جائزة أوسكار عن فيلم «آمي»، فيلماً وثائقياً جديداً عن موهبة متلألئة سقطت سقوطاً مدوياً بالنهاية: مارادونا. يحمل الفيلم اسم «مارادونا»، ويعمد كاباديا خلاله إلى تشريح أسطورة دييغو مارادونا، في محاولة لتحرير اللاعب الإنسان من قيود مارادونا الأسطورة. وبعد عرضه في دور السينما لفترة محدودة، من المقرر أن تنقل قناة «إتش بي أو» الفيلم إلى الجمهور الأميركي، قريباً.
الملاحظ أن أميركا فاتها رؤية مارادونا الأسطورة، وربما لحقت به في أدنى حالاته، عندما تعرض للطرد من بطولة كأس العالم عام 1994 لإخفاقه في اجتياز اختبار التأكد من عدم تعاطي المخدرات. داخل الولايات المتحدة، كان مارادونا بطلاً في أعين قلة قليلة ـ كنت أنا واحداً منهم. وعندما كنت في عمر المراهقة، كنت مهاجراً أرجنتينياً يعيش بالولايات المتحدة مطلع الألفية الجديدة، يناضل من أجل التوصل لمصالحة بين هويته الثقافية ووطنه الجديد. وفي خضم كل ذلك، تشبثت بمارادونا.
كان مارادونا بمثابة تجسيد للهوية الأرجنتينية الأفلاطونية من وجهة نظري، ووجدت في أسطورته جميع الإجابات التي سعيت خلفها. وكان المجد الذي بلغه مارادونا قمة تستحق النضال بدأب للوصول إليها، وبدا دأبه قيمة جديرة بالمحاكاة. وخلال المراهقة، رأيت في مارادونا إجابات عما تعنيه الرجولة «أن يكون المرء قوياً ويعمل بدأب ويتولى زمام القيادة» وما يعنيه أن يكون المرء رياضياً «دعونا ننس هذا الأمر».
وبالتأكيد، تحمل مسيرة أي رياضي عالمي دروساً يمكن الاستفادة منها، لكن مع ماردونا جاءت هذه الدروس جميعاً مغلفة بهالة من المشاعر الوطنية، فقد كان نجاحه نجاحاً للأرجنتين، ولي أنا شخصياً باعتباري أحد أبناء الأرجنتين يعيش بعيداً عن وطنه الأصلي. ورأيت في أهدافه الرائعة ومهاراته المذهلة والجوائز التي حصدها ونجاحه بمفرده حرفياً في دك صفوف المنتخب الإنجليزي عام 1986 نجاحات لي أنا أيضاً. ورأيت في ماردونا دليلاً يؤكد صحة مشاعر التبجيل والتوقير التي أكنّها تجاه ثقافة انفصلت عنها، ومنحني قصة حب تمكنت من التشارك فيها مع المراهق الأرجنتيني الوحيد الآخر بالحي الذي كنت أسكنه وكانت غالبية سكانه تنتمي إلى أصول فنزويلية وكولومبية.
عندما كنت صبياً، تغافلت عن مسألة إدمانه المخدرات وتورطه مع عصابات المافيا. والآن أصبح ماضي مارادونا الذي نجح كاباديا في إحيائه من جديد بمهارة فائقة، حقيقة لا يمكن إنكارها. أما حاضر مارادونا، فيثير عدداً أكبر من التساؤلات المثيرة للقلق. الآن وبعد عقد من الغياب، يعود مارادونا إلى دائرة الضوء في الأرجنتين لبدء فصل جديد في مسيرته، وذلك بتوليه مهمة تدريب نادي غيمناسيا لابلاتا المترنح والذي يصارع قرب قاع بطولة الدوري الأرجنتيني الممتاز. وتشعر جماهير غيمناسيا لابلاتا بإثارة بالغة تجاه هذا الأمر.
إلا أنه رغم إصراره على أنه عاد إلى الأرجنتين من أجل العمل (سبق وأن قال للجماهير خلال أحد المؤتمرات «أنا لست بساحر»)، تبقى الدوافع الحقيقية وراء عودة مارادونا غامضة. ويرى البعض أنه ليس من قبيل المصادفة أن مارادونا يستغل شهرته في جذب الأنظار إلى النادي، على خطى تقليد أرجنتيني معروف باستغلال كرة القدم وسيلةَ إلهاءٍ في فترات الاضطراب السياسي.
جدير بالذكر، أن غيزيل فيرنانديز، المرشحة حالياً لمنصب نائب الرئيس عن حزب «فرنتي بارا تودوس» الأرجنتيني المعارض، وشقيقة الرئيسة السابقة كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، منحت مارادونا هدية عبارة عن سبحة بها مدلاة بداخلها صورة والدتها. المعروف أن مارادونا مؤيد قوي لتوجهات كيرشنر، في الوقت الذي تعتبر فيرنانديز واحدة من أكثر مشجعي غيمناسيا لابلاتا حماساً.
حتى هذه اللحظة، من غير الواضح حجم الروابط التجارية القائمة بين عائلة فيرنانديز والنادي ـ حالة وجود مثل هذه الروابط من الأساس ـ لكن مجلة «نوتيسياس» الأرجنتينية الأسبوعية أفادت بأن النادي يتوقع جني 3 ملايين دولار هذا الموسم من عقود الرعاية. وفي غضون 10 أيام من صدور هذا المقال، باع النادي قمصان بقيمة 6 ملايين بيزو (105.000 دولار أميركي).
والآن، ربما يكون لاعب كرة القدم الذي أعانني على عشق بلادي ربما يكون أداة طيعة لتشتيت أنظار مواطني الأرجنتين عن الانتخابات الحرجة المقبلة. أو ربما يخوض النادي فحسب رهاناً كبيراً على أنه سيحقق ذات النجاح الذي حققه لاعباً. في الفيلم الوثائقي، يظهر كاباديا لنا مارادونا مرتعداً ـ رجل سمح لأسطورته بأن تستنزف حياته، وتقضي عليه نهاية الأمر. والسؤال الآن: هل يلقي مارادونا بنفسه في حفرة جديدة يخلق فيها صلة بينه وبين السلطة من أجل إشباع رغبته في أن يكون محبوباً ليقطع خطواته الأخيرة نحو الأفول النهائي؟ وهل يعي من الأساس حقيقة ما يفعله؟
رغم هذا، تبقى هناك دروس يمكن استخلاصها من مارادونا الذي أحبه ـ مثابرته وقوة عزيمته. أما السمات الأخرى السلبية، فألقيت بها جانباً. ومع مرور الوقت، ستستمر أسطورة مارادونا في التغير والتبدل. أما الأمر الوحيد المؤكد، فهو أن الصورة التي نحملها لمارادونا هي ذاتها التي نحملها لمارلين مونرو: خيال، ويمكننا الاستفادة منهما بتعلم الدروس التي نريدها أو نتركها.


مقالات ذات صلة

«البريمرليغ»: تشيلسي يهزم ولفرهامبتون ويستعيد المركز الرابع

رياضة عالمية الاسباني مارك كوكوريّا تألق في فوز تشيلسي على الولفز (رويترز)

«البريمرليغ»: تشيلسي يهزم ولفرهامبتون ويستعيد المركز الرابع

استعاد تشلسي المركز الرابع من مانشستر سيتي حامل اللقب الذي يلتقيه تاليا، بعد فوزه على ضيفه ولفرهامبتون 3-1.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فرحة لاعبي كومو بالفوز الكبير على أودينيزي (أ.ب)

«الدوري الإيطالي»: أودينيزي يسقط أمام كومو لأول مرة منذ 1986

مني أودينيزي بهزيمته الأولى أمام كومو منذ 1986، بسقوطه الكبير خارج الديار 1-4 الإثنين.

«الشرق الأوسط» (كومو)
رياضة عالمية نوري شاهين مدرب بروسيا دورتموند (رويترز)

شاهين: أنا متفائل بفرص دورتموند في دوري الأبطال

قال نوري شاهين مدرب بروسيا دورتموند الذي يتعرض لضغوط، إنه لا يزال متفائلا قبل مباراة فريقه في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمام بولونيا.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية تشابي ألونسو مدرب باير ليفركوزن (د.ب.أ)

ألونسو: يجب أن نهزم أتلتيكو

قال تشابي ألونسو، مدرب باير ليفركوزن، إن فريقه بحاجة إلى اللعب بشراسة للفوز على مضيفه أتلتيكو مدريد.

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية تياغو موتا مدرب يوفنتوس (رويترز)

موتا: أثق في شبان اليوفي قبل مواجهة بروج

أثنى تياغو موتا مدرب يوفنتوس على بعض لاعبيه الشبان، قبل مواجهة مضيفه كلوب بروج في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (تورينو)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.