المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية يوصي بـ«الاستدامة» في الاستراتيجيات

دعا لتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار الشامل لتكون جزءاً لا يتجزأ من أسلوب تخطيط وتنمية المدن العربية

الحقيل وزير الإسكان السعودي خلال مشاركته في الجلسة الحوارية ضمن المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية  الذي اختتم أعماله أمس في دبي (وام)
الحقيل وزير الإسكان السعودي خلال مشاركته في الجلسة الحوارية ضمن المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية الذي اختتم أعماله أمس في دبي (وام)
TT

المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية يوصي بـ«الاستدامة» في الاستراتيجيات

الحقيل وزير الإسكان السعودي خلال مشاركته في الجلسة الحوارية ضمن المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية  الذي اختتم أعماله أمس في دبي (وام)
الحقيل وزير الإسكان السعودي خلال مشاركته في الجلسة الحوارية ضمن المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية الذي اختتم أعماله أمس في دبي (وام)

أوصى المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية بأهمية وضع الاستدامة الحضرية في صميم الخطط الاستراتيجية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول العربية، من خلال نهج حكومي متكامل يدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية في عملية صنع القرار، وذلك عبر القطاعات والمستويات المتعددة للحكومات كافة، ويحقق الترابط الشامل بين مختلف السياسات، تماشياً مع الطابع الشمولي العالمي للمبادئ الأساسية لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 والخطة الحضرية الجديدة.
كما أوصى المنتدى بتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار الشامل، لتكون جزءاً لا يتجزأ من أسلوب تخطيط وتنمية المدن العربية، وبلورة السياسات والقوانين المتعلقة بالتنمية الحضرية، فضلاً عن إيلاء المزيد من الاهتمام لدور المجتمعات المحلية والفئات المهمشة في عملية الابتكار، وخلق المنصات المحلية والوطنية والإقليمية التي تسلط الضوء على قدرات الابتكار الفعالة، وتزيد من الاستفادة منها في تحفيز جهود التنمية المستدامة في الدول العربية.
وأكد وزراء الإسكان والتعمير العرب المشاركون في المنتدى أن الدورة الثالثة للمنتدى، التي أقيمت تحت شعار «استشراف المستقبل في الإسكان والتنمية الحضرية»، تعد أول اجتماع إقليمي منذ اعتماد الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة في القمة الاقتصادية لجامعة الدول العربية في مارس (آذار) 2019، حيث تم اغتنام فرصة هذا المنتدى لتعزيز التعاون من أجل تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة في البلدان العربية على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية، لافتين إلى أن المنطقة العربية هي من بين أكثر المناطق التي تشهد توسعاً حضرياً في العالم، وأن التنمية تمثل محركاً أساسياً للتوصل إلى تنمية مستدامة شاملة، إذا ما تمت إدارتها والتخطيط لها بشكل جيد.
وعبر المشاركون عن خالص امتنانهم وتقديرهم للإمارات على الجهود المبذولة في استضافة وعقد الدورة الثالثة من هذا الحدث الذي أقيم تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ما يعكس رؤية والتزام الإمارات بحشد الجهود العربية نحو تحقيق التنمية المستدامة بشكل عام، والتنمية الحضرية المستدامة على وجه الخصوص، لتحقيق غايات وأهداف الاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة 2030، التي أقرت في القمة العربية بنواكشوط عام 2016، ورؤيتها التي تهدف إلى إقامة مناطق حضرية بشرية متكاملة مستدامة قادرة على المجابهة والمنافسة، وتوفر مستوى حياة أفضل في المنطقة العربية.
ودعا المنتدى إلى ضرورة تعزيز مبادئ البناء الأخضر وإرسائها في قوانين وسياسات البناء كافة في الدول العربية، ودعم تطبيقها عبر المشاريع الاستثمارية والتنموية كافة، تماشياً مع المستجدات العلمية، بما يقلل من الأثر السلبي للأبنية والعمران على البيئة، ويزيد من فرصة العمل والمنافع الاقتصادية، مع التركيز على مشاريع إعادة الإعمار في الدول العربية المتضررة من الحروب، لضمان إعادة البناء بشكل أفضل يساهم في الحفاظ على البيئة، وتوفير الطاقة، وتقديم حياة أفضل للمواطنين.
وتمت خلال المنتدى دعوة الدول العربية إلى تحديد نقاط اتصال وطنية لرصد التقدم في تنفيذ الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية 2030، وعرض التطورات ومدى اتساق أولوياتها وخططها الوطنية مع الأولويات ورؤى التنمية الحضرية الإقليمية والعالمية على اللجنة العلمية الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب.
وتضمنت التوصيات كذلك ضرورة تبني المزيد من المبادرات الإقليمية لزيادة تبادل المعلومات والخبرات الجيدة والدروس المستفادة، وبناء الشراكات بين الدول العربية، بالتعاون مع السلطات المحلية وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين، بما يزيد من فرص التعاون الإقليمي المثمر البناء، وتضافر الجهود، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المحدودة، بما يؤكد أهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات المشتركة.
وهذا إضافة إلى إشراك أطياف المجتمع الحضري كافة في صياغة البرامج والمشاريع التنفيذية، فضلاً عن خلق البيئة المواتية لزيادة استثمارات القطاع الخاص في الإسكان، وتوفير البنية التحتية والتنمية الحضرية من خلال السياسات والقوانين الملائمة، مع ضمان التزام القطاع الخاص بمراعاة الفئات الاجتماعية المهمشة ومحدودة الدخل والمعرضة للمخاطر في مشاريعها، بما يضمن تحقيق النمو المستدام العادل الشامل المتوازن والعدالة الاجتماعية.
وشملت توصيات المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية دعوة المؤسسات المالية إلى الابتكار في أساليب وخدمات الاقتراض للحصول على المسكن، وتطوير الخدمات البلدية لهوامش المدن والمراكز العمرانية الصغيرة لتخفيف الضغط على المدن، ودعوة المنظمات المانحة العربية والدولية إلى دعم الدول المتضررة لإعادة إعمارها، والترحيب بالخطة الاستراتيجية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية 2020-2030، التي أقرت في الجمعية الأولى للبرنامج بنيروبي، والتأكيد على استمرار التعاون معه في إطار دعم التنمية الحضرية المستدامة.
وناقش المنتدى، الذي تنظمه وزارة تطوير البنية التحتية الإماراتية وبرنامج الشيخ زايد للإسكان، بالتعاون مع مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب والمكتب الإقليمي للدول العربية التابع لمنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، آلية العمل على تطوير الممارسات الحكومية، وتبادل التجارب والخبرات، واستشراف التحديات المستقبلية، وضمان مستقبل أفضل للشعوب العربية، وطرح حلول عربية مبتكرة جديدة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وقال الدكتور عبد الله النعيمي، خلال كلمته في افتتاح المنتدى، إن «انعقاده (المنتدى) يعـد مكونـاً أساسياً لإعــداد أجنــدة عربيــة متكاملــة لدعــم اتجــاه المنطقة فــي تطويــر رؤيــة مشـتركة، وتعزيز الشـراكات وســبل التعـاون لتحقيـق تنميـة مسـتدامة لمسـتقبل عربـي أفضـل، حيـث يمثـل الإسـكان والتنميـة الحضريـة الموضوعيـن الرئيسـيين اللذيـن ركز عليهمـا المنتـدى، بوصفهمـا مـن المجـالات المهمـة التـي تخـدم تطلعـات المواطـن العربـي الحريـص علـى المسـتقبل، وتحقـق نمـواً وتطـوراً شـاملاً فـي مختلـف مجـالات الحيـاة، وكذلـك دورهمـا فـي تحقيـق السـعادة، ورفـع مسـتوى المعيشـة لمجتمعاتنـا».
وأضاف: «إن قطاع التشييد والبناء يعد واحداً من أهم القطاعات التي تواجه التحديات، مما يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الأطراف المعنية بالقطاع لمواجهة التحديات الحاليــة والمســتقبلية، وطـرح رؤى عربيـة جديـدة، والتوصـل إلـى حلـول مبتكـرة وآليـات فعالـة لمستقبل مزدهر لمختلــف القضايــا الحضريــة والاقتصاديــة والاجتماعيــة والبيئيــة».
وأشار إلى أن تنظيم المنتــدى يهدف إلــى نشــر التوعيــة حــول التنميــة الحضريــة المســتدامة، وتبــادل الخبــرات بيــن الــدول العربيــة، وعــرض التجــارب الرائــدة للتعــرف علــى أفضــل الممارســات فــي مجــال وضــع ومتابعــة تنفيــذ وتقويـم خطـط وبرامـج الإسـكان والتنميـة الحضريـة، وذلـك لتعزيـز أواصـر التكامـل الإقليمـي، واستخلاص القضايـا الرئيسـية، وربطهـا مـع التوجهـات الدوليـة.
وأكد أن المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية يكتسب أهمية قصوى نتيجة التحديات التي تواجهها المنطقة العربية في مجال الإسكان والتنمية، كونه يمثل آليــة إقليميــة للتشــاور تجمــع بيــن مختلــف صناع القرار والمهتميــن.
ومن جهته، أشاد فيكتور كيسوب، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بالمبادرات الجديدة للإسكان ذوي الدخل المنخفض في الإمارات والبحرين، وتوسعات المدن المخطط لها في مصر والسعودية، ونشوء كثير من المدن الذكية العربية، وإلقاء الضوء على النهج المبتكرة المعتمدة لإعادة بناء مدن أفضل.
ولفت إلى أن الدول العربية تمتلك إمكانات غير عادية لتصبح نموذجاً يحتذى به في الأجندة الحضرية الجديدة، وتنفيذ هدف التنمية المستدامة الحضرية، من خلال تبادل الخبرات والسياسات والتشريعات، مشيراً إلى أن تبني الاستراتيجية الإقليمية العربية للإسكان والتنمية الحضرية 2030، وخطة تنفيذها هذا العام، هو التزام مهم للغاية.
كان ماجد الحقيل، وزير الإسكان السعودي، قد أكد في وقت سابق أن الوزارة سعت إلى أن يكون هناك برنامج حكومي يعنى بالدعم السكني، ويمتاز بوضوحه وشفافيته وتنوع حلوله وخياراته، مشيراً إلى أن هذا التوجّه أثمر عن إطلاق برنامج «سكني» الذي قدم خدماته لمئات الآلاف من الأسر، وأسهم في تملكها للمسكن الأول.
وأوضح خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن أعمال المنتدى العربي الوزاري الثالث للإسكان والتنمية الحضرية أن برنامج «سكني»، منذ إطلاقه في عام 2017، يعمل على إعلان المستهدفات بداية كل عام، وإعلان نتائجه بشكل شهري، منوهاً بأن البرنامج اكتسب رضا المواطن نظراً للحلول المتعددة والميسرة المُقدمة لكل الشرائح.
وأضاف: «برنامج (سكني) يستهدف تمكين الأسرة السعودية من تملك المسكن الأول، ضمن خيارات وحلول سكنية وتمويلية متنوعة تلائم جميع الفئات، إذ تشمل الحلول الوحدات السكنية الجاهزة، وكذلك الوحدات تحت الإنشاء، بالشراكة مع المطورين العقاريين، وأيضاً الأراضي المجانية والبناء الذاتي، وذلك بالاستفادة من القرض العقاري المدعوم بنسبة 100 في المائة، بالشراكة مع الجهات التمويلية. ومن خلال شراكة فاعلة مع المطورين العقاريين المؤهلين، تم طرح عشرات المشاريع السكنية، ضمن بيئة متكاملة شاملة لمختلف المرافق والخدمات اللازمة، في مقابل تكامل منظومة التمويل العقاري، بما أسهم في تسهيل رحلة التملك السكني».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».