ساد هدوء نسبي شوارع بغداد نهار أمس، غداة ليلة دامية من المواجهات بين الشباب المحتجين وقوات الأمن، سقط فيها 18 قتيلاً، حسب مصادر من الشرطة العراقية وأخرى طبية.
ورغم الهدوء كان الترقب سيد الموقف؛ خصوصاً أن الاحتجاجات تشتد ليلاً، بينما استمر الاستنفار الأمني؛ خصوصاً في ظل مخاوف من نزول أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى الشارع.
وفي مدينة الناصرية؛ حيث لقي ما لا يقل عن 18 شخصاً حتفهم خلال الأيام الماضية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي على متظاهرين، وقالت مصادر طبية إن 24 شخصاً أصيبوا في الاشتباكات التي وقعت ليلاً، بينهم سبعة من رجال الشرطة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن الشرطة أن المحتجين أضرموا النار أيضاً في مقار عدد من الأحزاب السياسية في الناصرية. ومن بين هذه المقار مكتب حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، الذي هيمن على الحكومة منذ عام 2003 حتى انتخابات عام 2018.
وذكرت الشرطة أن العنف اندلع مجدداً في الديوانية، وهي مدينة أخرى جنوبي بغداد، ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل.
إلى ذلك استنكر «مركز ميترو» للدفاع عن حقوق الصحافيين، اقتحام مقرات عدد من القنوات الفضائية وإغلاق بث أخرى، مضيفاً: «نحن على تواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، للكشف عن الممارسات الوحشية ضد المدنيين وحرية الصحافة والرأي في العراق». وقال مدير «مركز ميترو»، رحمن غريب، لشبكة «رووداو» الإعلامية: «نتابع الأوضاع الأخيرة في بغداد والمحافظات الأخرى التي تشهد مظاهرات متواصلة، والعنف الممارس من قبل القوات الأمنية الحكومية والقوات غير المنضبطة وغير المعروفة التي تمارس العنف ضد المدنيين والصحافيين».
وأوضح أن «هنالك حملة تستهدف القنوات الناقلة للحقيقة، فالحكومة تريد حجب المعلومات عن المواطنين، وكذلك الحصيلة الدقيقة للضحايا وما يدور في المستشفيات، وهذا دليل على العنف الممارس ضد المتظاهرين». وتابع: «نحن ندين هذه السلوكيات، ونطالب بفتح القنوات المغلقة لإتاحة المعلومة للمواطنين، وحتى لم تم غلق القنوات، فإن هذا السلوك عقيم؛ لأن شبكات التواصل كفيلة بالكشف عن الحقيقة».
وحول اتهام مسلحين مجهولين باقتحام مقرات عدد من القنوات، قال غريب: «حتى لو لم تكن قوات حكومية، فإنها مدفوعة من الحكومة لممارسة العنف بقرار حكومي غير رسمي». وأشار إلى أن «(مركز ميترو) على تواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الصحافيين، للكشف عن الممارسات الوحشية ضد المدنيين وحرية الصحافة والرأي في العراق».
ويتداول الشارع العراقي معلومات عن أن الملثمين الذين اقتحموا مكاتب القنوات الفضائية وحطموا أجهزة البث «ميليشيات إيرانية»، بينما أكدت مصادر أن قناصة يتموضعون فوق أسطح مبانٍ على جانبي الشارع المؤدي من مقر وزارة النقل إلى منطقة «الباب الشرقي» الذي يسلكه عادة المحتجون.
وكانت قناة «العربية الحدث»، قد أعلنت الليلة قبل الماضية، أن مسلحين ملثمين هاجموا مكتبها في بغداد مستقلين 3 سيارات، واعتدوا على الصحافيين، وحطموا المعدات والهواتف، ما أدى إلى إصابة أحد العاملين فيها بجروح خطيرة، بعد «تعرضه للضرب».
وفي السياق نفسه، أعلنت قناة «دجلة» اقتحام مبناها من قبل 50 عجلة، وإبرام النار فيه، والاعتداء على الإعلاميين وطردهم من القناة.
كما قالت «إن آر تي عربية»، إن «مهندسين تابعين لميليشيات مسلحة مرتبطة بهيئات نظامية، دخلوا المبنى وأوقفوا ترددات البث».
كما هوجم مقر قناة «الفرات» التابعة لتيار الحكمة المعارض، بزعامة عمار الحكيم، بقذيفة «هاون».
وبعد شعورها بأن مطالبات المحتجين تتجاوز تحسين الخدمات وإيجاد فرص العمل ومحاربة الفساد إلى تغيير النظام، بات الذعر يهيمن على القوى السياسية، سواء المعارضة للحكومة (مثل تيار الحكمة) أو الموالية لها (مثل كتلة الفتح)، وحتى تلك التي تسعى لترك مسافة من عدم الرضا، وبينها تحالف «سائرون» الذي يدعمه مقتدى الصدر.
وفي هذا السياق، يؤكد قيادي في تحالف «سائرون» طلب عدم نشر اسمه، أن «الاحتجاجات هدفها إسقاط النظام وليس إصلاحه كما هو معلن». وأضاف: «جميع القوى السياسية تشعر بالقلق؛ خصوصاً أن الاحتجاجات تتركز في بغداد والمحافظات الشيعية». وقال: «إن العملية السياسية فقدت شرعيتها في نظر أغلب الأوساط الشعبية».
الذعر يهيمن على القوى المعارضة للحكومة العراقية والموالية لها
بعد شعورها بأن هدف الاحتجاجات تغيير النظام وليس إصلاحه
الذعر يهيمن على القوى المعارضة للحكومة العراقية والموالية لها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة