صعدت مصر برلمانياً مع إثيوبيا، أمس، بعد تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على أحد الفروع الرئيسية لنهر النيل، وتقول القاهرة إنه يهدد حصتها من المياه. وقالت لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري، إنها تعتزم «إحداث حالة تصعيد برلماني ودبلوماسي كبرى، تبدأها باستدعاء السفير الإثيوبي بالقاهرة للبرلمان لإبلاغه بمخاوف مصر»، وكذلك «إعداد سلسلة خطابات إلى البرلمانات الدولية حول تجاوز إثيوبيا للقانون الدولي، ورفع شكاوى للهيئات الإقليمية والدولية ومنظمات حقوق الإنسان».
وأعلنت وزارة الموارد المائية بمصر، أول من أمس، وصول المفاوضات لـ«طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية». وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تصريح متزامن، إن بلاده ستواصل «اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية حقوقها المائية»، مشددا على أن «الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل». وتبني أديس أبابا السد، الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، منذ عام 2011. بهدف أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميغاواط، ووفقاً للمخطط سيتم الانتهاء من المشروع عام 2023.
وتخشى القاهرة أن تؤدي فترة ملء بحيرة السد إلى الإضرار بحصتها المحدودة من مياه النيل، والتي تقدر بـ«55.5 مليار متر مكعب»، وتعتمد عليها بنسبة تتجاوز 95 في المائة لتأمين حاجاتها المائية.
وأعربت لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب المصري، أمس، عن أسفها حيال التطورات الأخيرة، مؤكدة «مخالفة الجانب الإثيوبي للمادة الخامسة من نص اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس (آذار) 2015. وكذلك الأعراف المتبعة دولياً في بناء السدود على الأنهار المشتركة».
وأعلن النائب طارق رضوان، رئيس اللجنة، في بيان له، عزم اللجنة «استعمال كافة الأدوات الممنوحة المكفولة لديها، لإحداث حالة تصعيد برلماني ودبلوماسي وسياسي كبرى، تبدأها باستدعاء السفير الإثيوبي بالقاهرة إلى البرلمان لإبلاغه بتخوف مصر جراء التصعيد غير المبرر والمتعمد من قبل الدولة الإثيوبية».
وأضاف أن اللجنة بصدد «إعداد سلسلة خطابات من البرلمان إلى البرلمانات الدولية والأوروبية والأفريقية حول تجاوز إثيوبيا للقانون الدولي والقانون الدولي للمياه في مسألة سد النهضة، ورفع شكاوى للهيئات الإقليمية والدولية ومنظمات حقوق الإنسان حول تهديد إثيوبيا لحق الإنسان المصري في الحياة بالانتقاص من أحقية مصر في مياه النيل مما يهدد بالعطش ملايين المواطنين ويمنع وصول المياه للأراضي والمنازل في شمال الدلتا».
وتجري مصر وإثيوبيا، بمشاركة السودان، مفاوضات مكوكية منذ نحو 8 سنوات، من دون التوصل إلى نتيجة. وسبق أن أعربت مصر عن تطلعها لقيام الولايات المتحدة بدور فعال في الأزمة، بعد تصريحات للبيت الأبيض تضمن دعم الولايات المتحدة لمصر والسودان وإثيوبيا في السعي للتوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية السبت الماضي إن «مصر ترحب بمطالبة الولايات المتحدة الأطراف الثلاثة بإبداء حُسن النية للتوصل لاتفاق يحافظ على الحق في التنمية الاقتصادية والرخاء، ويحترم بموجبه كل طرف حقوق الطرف الآخر في مياه النيل».
كما أشار الرئيس السيسي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى انفتاح بلاده على كل جهد دولي للوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق المطلوب.
غير أن خيار مصر تدويل الأزمة يظل «أمرا شديد التعقيد»، بحسب الخبير السياسي مالك عوني، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن استعانة مصر بطرف آخر للوساطة «أمر لن يخلو من مساومات صعبة وربما خطرة قد تضطر مصر لمواجهتها في ظل السياقات الإقليمية».
ودعا عوني مصر حال اللجوء إلى خيارات الوساطة «الموازنة بين أي الأطراف الثلاثة الأكثر جدوى في الاستعانة به في كل خطوة من خطوات ضغوط محسوبة ومتنوعة ينبغي ممارستها وتصعيدها في مواجهة إثيوبيا». كما استبعد خياري التحكيم والقضاء الدوليين باعتبارهما «مرهونين بموافقة الأطراف ذات الصلة، وهو الأمر غير المتوقع أن تقبل به إثيوبيا من الأساس»، على حد قوله.
تصعيد برلماني مصري ضد إثيوبيا بعد فشل مفاوضات {سد النهضة}
تصعيد برلماني مصري ضد إثيوبيا بعد فشل مفاوضات {سد النهضة}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة