بغداد تعلن تدابير اجتماعية في محاولة لتهدئة الاحتجاجات

TT

بغداد تعلن تدابير اجتماعية في محاولة لتهدئة الاحتجاجات

أعلنت الحكومة العراقية، صباح أمس، سلسلة تدابير اجتماعية استجابة لطلبات المتظاهرين، وذلك في محاولة لوضع حد لاحتجاجات شعبية تخللها مقتل نحو 100 شخص في أقل من أسبوع؛ بحسب أرقام رسمية.
وفي ختام جلسة استثنائية؛ أعلنت حكومة عادل عبد المهدي، التي تواجه أكبر تحدٍّ منذ توليها مسؤولياتها قبل نحو عام، في وقت مبكر أمس قراراً يشمل 17 تدبيراً اجتماعياً تتراوح بين مساعدات إسكان، وتقديم منح إلى شباب عاطلين من العمل، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
كما قررت الحكومة إنشاء مائة ألف مسكن. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأت السلطات المحلية في عدد من المناطق هدم منازل تقع في أحياء غير نظامية يعيش فيها 3 ملايين عراقي شيّدوا مباني بلا ترخيص فوق أراضي تابعة للدولة.
علاوة على ذلك؛ أمرت الحكومة بإنشاء «مجمعات تسويقية حديثة»، في محاولة لخلق فرص عمل، خصوصاً بين الشباب الذين يعاني واحد من بين كل 4 منهم من البطالة في العراق.
وتعدّ البطالة ضمن فئة الشباب المحرّك الأول للحركة الاحتجاجية التي بدأت الثلاثاء، وهي مسألة حساسة في العراق؛ حيث أحرق شاب نفسه خلال سبتمبر في الكوت (جنوب) بعدما تمت مصادرة عربته للبيع المتجوّل.
كما قرر مجلس الوزراء منح 150 ألف شخص من العاطلين ممن لا يملكون القدرة على العمل منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار (150 دولاراً) لكل شخص ولمدة 3 أشهر.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية، قرر مجلس الوزراء كذلك فتح باب التطوع للشباب في الجيش من 18 إلى 25 عاماً عبر البوابة الإلكترونية أو مراكز الاستقبال في المحافظات بدءاً من منتصف الشهر الحالي، وكذلك قيام وزارتي الدفاع والداخلية باتخاذ الإجراءات الأصولية لإعادة المفسوخ عقودهم في المحافظات كافة.
وتقرر تولي وزارة التربية اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع المحاضرين المتطوعين وإدراج التخصيصات المالية المطلوبة ضمن موازنة 2020 وفقاً للحاجة والتخصص، وأن تتولى وزارة الزراعة اتخاذ الإجراءات الأصولية لإعفاء الفلاحين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية المترتبة بذمتهم سابقاً.
وقرر مجلس الوزراء اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية شهداء وشمولهم بالقوانين النافذة ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك. وكلف المجلس وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة بما في ذلك العلاج خارج العراق إذا تطلب الأمر ذلك.
وبحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان الرسمية في العراق، فقد قتل 99 شخصاً على الأقل منذ الثلاثاء وأصيب نحو 4 آلاف. وغالبية المتظاهرين القتلى أصيبوا بالرصاص، وفق مصادر طبية كانت قد أشارت الجمعة الماضي إلى أنّ 6 عناصر شرطة قتلوا منذ بداية المظاهرات.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية إثر دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تندد بالفساد والبطالة وتراجع الخدمات العامة في بلد يعاني من نقص مزمن في الكهرباء ومياه الشرب، وخرج في نهاية 2017 بعد إعلان «النصر» على تنظيم «داعش» من نحو 4 عقود من الصراعات. ويتركز هذا الحراك بالأساس في بغداد وجنوب البلاد. ويقدّم المتظاهرون الحراك العفوي على أنّه «غير حزبي» مقارنة بالتحركات السابقة.
إلى ذلك، قرر مجلس محافظة بغداد، أمس الأحد، قبول استقالة محافظ العاصمة العراقية فلاح الجزائري من منصبه. وقال رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العضاض إن «مجلس محافظة بغداد صوت على قبول استقالة المحافظ فلاح الجزائري وفتح باب الترشح لمنصب المحافظ لمدة 5 أيام».
وكان الجزائري، الذي ينتمي إلى «حزب الدعوة» بزعامة نوري المالكي، قد شغل منصب محافظ العاصمة بغداد نهاية العام الماضي. ولم يتضح بعد سبب استقالة الجزائري؛ حيث تأتي إثر موجة المظاهرات التي شهدتها العاصمة، فيما يشير آخرون إلى أنها لأسباب صحية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».