ولماذا لا يمتلئ الشعر العراقي بالدم؟

ولماذا لا يمتلئ الشعر العراقي بالدم؟
TT

ولماذا لا يمتلئ الشعر العراقي بالدم؟

ولماذا لا يمتلئ الشعر العراقي بالدم؟

لم يترك كلكامش ابناً طليقاً لأبيه
لم تنقطع مظالمه عن الناس ليل نهار
أهذا جلجامش راعي أوروك المسورة
أهو راعينا القوي الكامل الجمال والحكمة.
لم يترك جلجامش عذراء طليقة لأمها
ولا ابنة المقاتل ولا عروس الشاب.
(من ملحمة «كلكامش»)
- - -
أو ما تذكر ما فعلت بالأرض أنانا
ملأت جميع آبار البلاد بالدم
ملأت جميع الأحراش والبساتين بالدم
صار العبيد حين يحتطبون
لا يشربون إلا دماً
والإماء إذا ما جئن للتزود بالماء،
لا يملأن جرارهن إلا بالدم
فتأمل ماذا فعلت أنانا
(من «أنانا والبستاني»)
ربما لم يمتلئ شعرٌ في التاريخ بالدم، كالشعر العراقي، قديمه وحديثه، منذ ملحمة «كلكامش» و«أنانا والبستاني»، مروراً بالجواهري والسياب إلى آخر شاعر قد يُقتل الآن في شوارع العراق السابحة بالدم... تغلب الدم على نشيد الحرية والحب، والتغني بالمستقبل الموعود، إلا في مراحل قليلة. فما تنتهي مذبحة حتى تبدأ أخرى. كأن المذابح تتناسل. ما إن ينتهي بعض عقد مستقر نسبياً منذ استقلال العراق الاسمي 1934 ـ حتى نختمه بمشنقة. وربما لا نعثر حتى في الأدب الكولونيالي، على كميات الدم الهائلة السائلة في الشعر العراقي، وحتى في مرحلة الفاشية. كانت فترات في التاريخ وقد عبرت رغم دمويتها الرهيبة. لكن نادراً، ما يتواصل الدم، ويعبر القرون، وينضح من العروق، فائراً كأنه انبثق من الجرح أمس فقط، كما في العراق.
قلنا لسذاجتنا، إن مسيل الدم سيتوقف بعد 2003، فقد صار في العراق أخيراً شيء يسمونه، الديمقراطية. سنكتب أدباً آخر، يرتفع فوق الرصاص والدم، والأسواط والسجون. أدب يعانق الألم والشوق الإنسانيين. سنفعل كذا وكذا. سنرمم على الأقل ما تهدم، وما انكسر فينا أولاً.
لكن جاء الوحوش مرة أخرى. من أين جاءوا. كأنهم كانوا يختبئون في غابات التاريخ السوداء الموحشة، منتظرين الفرصة الملائمة ليزحفوا إلى شوارعنا، وأحيائنا، ومدننا، ودواخلنا ليملأوها أدغالاً وروثاً وطيناً... ودماً.
الدم العراقي لا يزال يسيل في الشوارع، منذ خمسة آلاف سنة، منذ كلكامش مروراً بالحجاج وصدام حسين وصولاً إلى عادل عبد المهدي، خريج فرنسا، لكن الأقرب إلى هؤلاء منه إلى بلاد روسو وفولتير. كم قطرة دم جرت، خلال ثلاثة أيام فقط، في سواقي أور، بلد كلكامش، ومدينة عادل عبد المهدي - يا للمفارقة المضحكة -. استيقظت الناصرية وكأنها في عام 1991، حين اجتاح حرس صدام الجمهوري المدينة الثائرة مثل أخواتها الجنوبية، ولم يترك فيها سوى القبور الجماعية. ولكنها في صباح الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، استيقظت وفي خاصرتها الهشة اللحم سكين ابنها «البار». الرجل الذي كان قد حمل السلاح عام 1967 لإسقاط السلطة، عاد قامعاً. أهي سيكولوجية القامع والمقموع، مرة أخرى؟ اللاجئ لأربعين سنة، الحامل درجتي ماجستير من فرنسا في الاقتصاد والسياسة، الذي قلنا عنه لا بد أنه تعلم شيئاً من بلاد النور والحب والثقافة، عاد وهو لا يحمل في جيبه المترهل سوى رصاص صدام حسين، ولم يحفظ من دروس سوى القمع والقتل.
لماذا لا يمتلئ الشعر العراقي دماً؟



ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)
TT

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)

توفي أكبر رجل معمر في العالم عن عمر ناهز 112 عاماً.

وُلد جون تينيسوود في ليفربول في 26 أغسطس (آب) 1912، وأصبح أكبر رجل معمر في العالم في أبريل (نيسان)، وفق ما أعلنت عائلته وموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، الثلاثاء.

قالت عائلته في بيان نقلته صحيفة «الإندبندنت»، إن جون تُوفي يوم الاثنين في دار رعايته في ساوثبورت، ميرسيسايد، «محاطاً بالموسيقى والحب».

وقالت العائلة: «كان جون يحب دائماً أن يقول شكراً. لذا، نيابة عنه، شكراً لجميع أولئك الذين اعتنوا به على مر السنين، بمن في ذلك مقدمو الرعاية له في دار رعاية هوليز، وأطباء الأسرة، وممرضات المنطقة، والمعالج المهني، وغيرهم من موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية».

وعاش تينيسوود، الذي ترك وراءه ابنته سوزان وأربعة أحفاد وثلاثة من أبناء الأحفاد، ليكون رابع أكبر رجل بريطاني في التاريخ المسجل.

وقالت عائلته: «كان لدى جون العديد من الصفات الجميلة. كان ذكياً وحاسماً وشجاعاً وهادئاً في أي أزمة، وموهوباً في الرياضيات ومحادثاً رائعاً».

وأضافوا: «انتقل جون إلى دار رعاية هوليز قبل عيد ميلاده المائة بقليل، وكان لطفه وحماسه للحياة مصدر إلهام لموظفي دار الرعاية وزملائه المقيمين».

في وقت سابق من هذا العام، أخبر موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية أنه لا يشعر «باختلاف» لبلوغه 112 عاماً.

وقال: «لا أشعر بهذا العمر، ولا أشعر بالإثارة تجاهه. ربما لهذا السبب وصلت إلى هذا العمر. أنا فقط أتعامل مع الأمر بصدر رحب مثل أي شيء آخر، لا أعرف على الإطلاق لماذا عشت كل هذه المدة».

وأضاف: «لا أستطيع التفكير في أي أسرار خاصة لدي. كنت نشيطاً للغاية عندما كنت صغيراً، كنت أمشي كثيراً. لا أعرف ما إذا كان ذلك له علاقة بذلك. لكن بالنسبة لي، أنا لا أختلف عن أي شخص. لا أختلف على الإطلاق».

بخلاف تناول السمك والبطاطا المقلية كل يوم جمعة، لم يكن جون يتبع أي نظام غذائي معين، وقال: «أنا آكل ما يقدمونه لي وكذلك يفعل الجميع».

جون تينيسوود، الذي ولد في العام الذي غرقت فيه السفينة «تيتانيك»، عاش الحربين العالميتين، وكان أكبر رجل في العالم من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية. عمل في منصب إداري في هيئة رواتب الجيش.

بالإضافة إلى الحسابات والتدقيق، كان عمله يتضمن مهام لوجيستية مثل تحديد مكان الجنود العالقين وتنظيم الإمدادات الغذائية، ثم عمل محاسباً في «شل وبي بي» قبل تقاعده في عام 1972.

وكان تينيسوود من مشجعي نادي ليفربول لكرة القدم طيلة حياته، وقد وُلد بعد 20 عاماً فقط من تأسيس النادي في عام 1892 وشهد جميع انتصارات ناديه الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي و17 من أصل 19 فوزاً بالدوري.

التقى تينيسوود بزوجته بلودوين في حفل رقص في ليفربول، واستمتع الزوجان معاً لمدة 44 عاماً قبل وفاة بلودوين في عام 1986.

وأصبح أكبر رجل على قيد الحياة في أبريل (نيسان) عن عمر 111 عاماً، بعد وفاة خوان فيسينتي بيريز عن عمر 114 عاماً من فنزويلا.