تفاقم الأزمة المالية يهدد بإضرابات تشلّ لبنان غداً

موزعو المحروقات والأفران يراهنون على اتصالات مع الحكومة

يواجه لبنان إضراباً لمحطات توزيع المحروقات غداً الاثنين (إ.ب.أ)
يواجه لبنان إضراباً لمحطات توزيع المحروقات غداً الاثنين (إ.ب.أ)
TT

تفاقم الأزمة المالية يهدد بإضرابات تشلّ لبنان غداً

يواجه لبنان إضراباً لمحطات توزيع المحروقات غداً الاثنين (إ.ب.أ)
يواجه لبنان إضراباً لمحطات توزيع المحروقات غداً الاثنين (إ.ب.أ)

يهدد تفاقم الأزمة المالية في لبنان بتحركات اعتراضية تشل البلاد غداً الاثنين، إثر إعلان نقابات لقطاعات حيوية مثل توزيع المحروقات والأفران عن إضرابات في حال لم تحل الحكومة، في مهلة تنتهي مساء اليوم الأحد، أزمة انحسار العملة الصعبة والمطالبة بتأمينها لغرض استيراد البضائع والسلع الأساسية.
ودفع عدم توافر الدولار في الأسواق المحلية إلى تهافت الطلب عليه خلال الأسبوعين الماضيين، ما رفع من قيمته مقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية، فيما طالب مستوردون من موزعين تأمين المدفوعات بالعملة الصعبة، وهو ما وضع البلاد أمام أزمة قد تنفجر في الشارع غداً الاثنين في حال عدم تدخل الحكومة لحلها.
وتقول الحكومة ومصرف لبنان إن لا أزمة في توافر العملة الصعبة. وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأسبوع الماضي، أن لديه احتياطياً من العملة الأجنبية يكفي لتغطية السوق وللحفاظ على قيمة العملة المحلية، فيما رأى مسؤولون ووزراء أن جزءاً من الأزمة «مفتعل». ورغم ذلك، تنامى الإقبال على العملة الأجنبية، واتُخذت إجراءات لتغطية هذا النقص، ما دفع بالقطاعات الحيوية إلى مطالبة الحكومة بالتدخل لإعادة الأمور إلى مسارها السابق لتجنب البلاد أزمة معيشية تنتج عن الإضرابات.
وأعلن نقيب أصحاب محطات توزيع المحروقات سامي البراكس، أمس، أن المحطات منحت الحكومة مهلة حتى مساء الأحد لحل الأزمة، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه في حال لم تستجب الحكومة وتجد حلاً لإعادة انتظام المدفوعات للشركات المستوردة كما كان الأمر في السابق، فإن المحطات ستضرب عن العمل يوم الاثنين.
وقال البراكس: «نحن نبيع المحروقات بالليرة المحلية، وكنا نشتريها بالعملة المحلية أيضاً. الآن تطالبنا الشركات المستوردة بدفع ثمن المحروقات بالدولار». وأضاف: «نحن لا علاقة لنا بكيفية دفع الشركات المستوردة لفواتيرها. ما نريده هو أن نشتري بالليرة ونبيع بالليرة، وهو النظام الذي نعتمده منذ وقت طويل»، لافتاً إلى أن جدول تحديد أسعار البيع الذي تصدره الحكومة أسبوعياً «هو بالليرة أيضاً، ونحن نلتزم به». وقال البراكس إنه في حال عدم التوصل إلى حل لإعادة الأمور إلى سابق عهدها، عبر البيع والشراء بالليرة، فإن الإضراب سينفذ يوم الاثنين.
وينسحب التلويح بالإضراب على الأفران التي تزود لبنان بالخبز، إذ اعتبر نقيب أصحاب الأفران كاظم إبراهيم أن القرار بالتوقف عن العمل ينتظر نتائج المداولات بين المطاحن والمصرف المركزي. وأكد إبراهيم في حديث إذاعي أنّ نقابة الأفران ستجتمع الاثنين لتحديد موعد التئام الجمعية العمومية. ورأى أنّ الوضع قد يصل إلى طريق مسدودة، إذ إن القوانين التي وضعتها الدولة «غير قابلة للتطبيق».
وكان مصرف لبنان احتوى الاحتجاجات التي ظهرت قبل أسبوعين، بإصدار تعميم يوم الثلاثاء الماضي أعلن فيه أنه يمكن للمصارف التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية (بنزين، مازوت، غاز) أو القمح أو الأدوية، الطلب من مصرف لبنان تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار الأميركي على أن تتقيّد بأن تفتح لكل عملية موضوع الاعتمادات المستندية حسابات خاصة لدى مصرف لبنان، وأن تقدّم لمصرف لبنان نسخة عن المستندات المتعلقة بكل اعتماد مستندي سيما نص بوليصة الاعتماد المستندي واتفاقية التمويل الموقعة بين المصرف المعني وعميله بهذا الشأن. وعلى المصرف أن يقدّم إلى مصرف لبنان المستندات المثبتة لاستيفاء المتوجبات من العميل وفقاً لاتفاقات التمويل.
وتحاول الحكومة محاصرة أزمة الدولار عبر سلسلة إجراءات، إلى جانب المخرج المالي الذي اتخذه مصرف لبنان، ومن بينها ضبط أسعار بيع القطع النقدية الأجنبية في الأسواق عبر الصرافين، وإلزامهم بالسعر الرسمي مع هامش ربح صغير. واستدعى جهاز أمن الدولة صرافين اثنين في البقاع (شرق لبنان) أول من أمس، ما دفع الصرافين في المنطقة لتنفيذ احتجاج على استدعائهم، والتلويح بالإضراب الذي كان معداً للتنفيذ يوم الاثنين، قبل احتوائه من قبل القصر الجمهوري.
وأعلنت نقابة الصرافين في لبنان تعليق الإضراب الذي كان مقرراً الاثنين بعدما تلقت اتصالاً من المدير العام لرئاسة الجمهورية لعقد اجتماع بين النقابة والرئيس ميشال عون.
وقال نقيب الصرافين إلياس سرور لـ«الشرق الأوسط» إن الإضراب ألغي إلى حين اللقاء بالرئيس عون يوم الثلاثاء «لأن مصلحة البلد تهمنا»، لافتاً إلى أنه في ضوء اللقاء «ستتحدد الخطوات المقبلة».
وأوضح سرور أن الصرافين يعملون في سوق حرة، يحددها العرض والطلب، وهم خاضعون رقابياً للجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، مشيراً إلى أن هدف تحركهم هو «أن نعود رقابياً إلى وصاية مصرف لبنان الذي يقوم بفرض عقوبات علينا في حال مخالفة القانون تصل إلى حد الإغلاق، ولا نكون خاضعين لرقابة جهاز أمني». وقال: «الأزمة تتحمل مسؤوليتها المصارف، ولسنا من يتحمل المسؤولية. نحن مجرد نتيجة للأزمة ولسنا سبباً لها». وقال إنهم يطالبون بتحييدهم عن الموضوع، وبفك أيدي الأجهزة الأمنية عنهم، مشدداً على «أننا لا قدرة لنا بالتلاعب بالدولار ولسنا مسببين للأزمة ولا علاقة لنا بها».
وأعلنت النقابة تراجعها عن الإضراب يوم الاثنين، مؤكدة رفضها وشجبها الاستدعاءات و«الإجراءات العشوائية بحق الصرافين واعتبارهم مكسر عصا فيما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية ولما يجري من تخبط في سوق القطع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».