إطلاق نار على المحتجين في بغداد... والأمم المتحدة تطالب بالتحقيق

عشرات القتلى ومئات الجرحى في العاصمة ومحافظات الجنوب

TT

إطلاق نار على المحتجين في بغداد... والأمم المتحدة تطالب بالتحقيق

أطلقت قوات الأمن العراقية أمس النار على عشرات المتظاهرين في وسط بغداد في اليوم الرابع من حركة احتجاجية قتل خلالها 46 شخصا في البلاد، حسب اخر حصيلة نشرت أمس.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أطلقت قوات الأمن النار على المحتجين الذين يرفعون عدة مطالب منها رحيل المسؤولين «الفاسدين» ووظائف للشباب. وبدأت الاحتجاجات الثلاثاء في بغداد وامتدت إلى كل الجنوب تقريبا. وقال مسؤولون إن مئات الجرحى سقطوا أيضا.
وصباح أمس كانت شبكة الإنترنت مقطوعة في الجزء الأكبر من البلاد.
وفي وقت سابق امس نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن علي البياتي، عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، أمس، أن حصيلة القتلى بلغت 38شخصا، بينهم 3 من رجال الأمن، والمصابين 1610، منهم 359 من رجال الأمن، كما تم اعتقال 257 شخصا والإفراج عن 209. وفي وقت سابق أمس، ذكرت المفوضية عدد القتلى بلغ 31شخصا، فيما كان متحدث باسم البياتي قد أفاد أول من أمس بمقتل 25 شخصا بينهم عنصران بقوات الأمن، وإصابة 1484 شخصا بينهم 401 من رجال الأمن.
وشهدت محافظة ذي قار سقوط أكبر عدد من القتلى خلال المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة التي تجتاح البلاد حاليا في المحافظات العراقية التي تقطنها أغلبية شيعية، للمطالبة بمحاربة الفساد وحل أزمة البطالة وتحسين الخدمات، حسبما أفاد المتحدث باسم البياتي.
إلى ذلك، حضّت الأمم المتحدة السلطات العراقية أمس على التحقيق سريعاً وبشفافية في مسألة استخدام قوات الأمن القوّة بحق المتظاهرين ما أسفر عن مقتل العشرات. وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارتا هورتادو في تصريحات للصحافيين في جنيف: «ندعو الحكومة العراقية للسماح للناس بممارسة حقهم بحرية التعبير والتجمّع السلمي».
وأفادت هورتادو بأن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تأكّد بشكل مستقل من مقتل 12 شخصاً في بغداد، مضيفة أن «المئات أصيبوا بجروح وفق التقارير، بينهم عناصر من قوات الأمن».
وأضافت: «تم اعتقال عشرات المتظاهرين رغم الإفراج لاحقاً عن معظمهم». وقالت هورتادو: «نشعر بالقلق من التقارير التي تشير إلى أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحيّة والرصاص المطاطي في بعض المناطق، وأنها ألقت قنابل الغاز المسيل للدموع كذلك مباشرة على المحتجين»، مشددة على أن «استخدام القوة» في التعامل مع المظاهرات يجب أن يكون في الحالات «الاستثنائية» فقط.
وأفادت: «ينبغي الامتثال لدى استخدام القوة للقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان»، مؤكدة على وجوب عدم استخدام الأسلحة النارية «إلا كحل أخير للحماية من أي تهديد وشيك بالقتل أو الإصابة البالغة». وتابعت: «ينبغي التحقيق بشكل فوري ومستقل وشفاف في جميع الحوادث التي تسببت سلوكيات قوات الأمن فيها بوفيات وإصابات». وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أن مطالب المتظاهرين باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية «مشروعة». وقالت هورتادو: «يجب الاستماع لشكاوى الناس».
وأعربت الأمم المتحدة كذلك عن قلقها البالغ بشأن اعتقال ثلاثة صحافيين على الأقل، أفرج عن اثنين منهم لاحقاً، محذّرة من أن ذلك يحمل خطر «ردع صحافيين آخرين من نقل الأحداث المرتبطة بالوضع». ونوهت هورتادو إلى أن انقطاع خدمة الإنترنت عن أجزاء واسعة من البلاد يشكّل مصدر قلق، مشددة على أن عمليات «قطع الإنترنت على نطاق واسع تتناقض على الأرجح مع حرية التعبير».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».