الأمم المتحدة تدعو لتحقيق «سريع وشفاف» في مقتل متظاهرين بالعراق

جانب من تظاهرات العراق (أ.ف.ب)
جانب من تظاهرات العراق (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو لتحقيق «سريع وشفاف» في مقتل متظاهرين بالعراق

جانب من تظاهرات العراق (أ.ف.ب)
جانب من تظاهرات العراق (أ.ف.ب)

حضّت الأمم المتحدة السلطات العراقية اليوم (الجمعة) على التحقيق سريعاً وبشفافية في مسألة استخدام قوات الأمن القوّة بحق المتظاهرين ما أسفر عن مقتل العشرات.
وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارتا هورتادو في تصريحات للصحافيين في جنيف «ندعو الحكومة العراقية للسماح للناس بممارسة حقهم بحرية التعبير والتجمّع السلمي».
وجاءت دعوتها بينما تواصلت الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن في اليوم الرابع من الاحتجاجات الواسعة التي أسفرت عن مقتل 34 شخصاً، وفق حصيلة أحصتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وأفادت هورتادو أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تأكّد بشكل مستقل من مقتل 12 شخصاً في بغداد، مضيفة أن «المئات أصيبوا بجروح وفق التقارير، بينهم عناصر من قوات الأمن».
وأضافت «تم اعتقال عشرات المتظاهرين رغم الإفراج لاحقاً عن معظمهم».
واندلعت المظاهرات احتجاجاً على الفساد والبطالة وغياب الخدمات في بغداد الثلاثاء قبل أن تمتد إلى مناطق الجنوب، في حين بدت المحافظات الشمالية والغربية هادئة نسبياً.
وتعد الاحتجاجات غير مسبوقة نظراً لعفويتها الواضحة واستقلاليتها في بلد عادة ما تخرج المظاهرات فيه بدعوة من شخصيات سياسية أو دينية.
وقالت هورتادو «نشعر بالقلق من التقارير التي تشير إلى أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحيّة والرصاص المطاطي في بعض المناطق، وأنها ألقت قنابل الغاز المسيل للدموع كذلك مباشرة على المحتجين»، مشددة على أن «استخدام القوة» في التعامل مع المظاهرات يجب أن يكون في الحالات «الاستثنائية» فقط.
وتابعت «ينبغي الامتثال لدى استخدام القوة للقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان» مؤكدة على وجوب عدم استخدام الأسلحة النارية «إلا كحل أخير للحماية من أي تهديد وشيك بالقتل أو الإصابة البالغة».
وأضافت هورتادو «ينبغي التحقيق بشكل فوري ومستقل وشفاف في جميع الحوادث التي تسببت سلوكيات قوات الأمن فيها بوفيات وإصابات».
وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أن مطالب المتظاهرين باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية «مشروعة».
وقالت هورتادو «يجب الاستماع لشكاوى الناس».
وأعربت الأمم المتحدة كذلك عن قلقها البالغ بشأن اعتقال ثلاثة صحافيين على الأقل، أفرج عن اثنين منهم لاحقاً، محذّرة من أن ذلك يحمل خطر «ردع صحافيين آخرين من نقل الأحداث المرتبطة بالوضع».
ونوهت هورتادو إلى أن انقطاع خدمة الإنترنت عن أجزاء واسعة من البلاد يشكّل مصدر قلق أيضا، مشددة على أن عمليات «قطع الإنترنت على نطاق واسع تتناقض على الأرجح مع حرية التعبير».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.