ذرائع حوثية إضافية لابتزاز التجار في صنعاء ونهبهم

متاجر تشكو فرض 20 % من دخلها إتاوات إضافية للميليشيات

TT

ذرائع حوثية إضافية لابتزاز التجار في صنعاء ونهبهم

من جديد، عاودت الميليشيات الحوثية استهداف التجار وأصحاب المحال التجارية الصغيرة في العاصمة صنعاء، من خلال ابتزازهم وتهديدهم وفرض عليهم مبالغ مالية طائلة تحت مسميات حوثية غير قانونية.
وأفاد تجار وأصحاب محال تجارية في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الانقلابية نفذت مطلع الأسبوع الحالي حملات ابتزاز ومداهمة استهدفت «محال الحلاقة والكوافير والمخابز ومغاسل الملابس» وأجبرتهم تحت قوة التهديد والسلاح على دفع مبلغ مالي على كل محل تجاري بنسبة 20 في المائة من الدخل تحت مسمى «الخُمس».
وأكد التجار قيام الميليشيات الحوثية بالمرور على محالهم على متن أطقم مسلحة، وتهديدهم بأسلوب مهين في حال عدم التزامهم بدفع المبلغ المالي المطلوب. مشيرين إلى أن تلك الميليشيات لم تستثنِ في حملتها الشعواء حتى النساء العاملات في محال الكوافير لكسب مصدر رزق لهن ولأسرهن.
وشكا عدد من التجار وأصحاب المحال التجارية، من حملات الابتزاز والنهب الحوثية المتكررة في حقهم. وأكدوا رفضهم تلك الجبايات المتواصلة التي تتجدد كل يوم. مطالبين برفع ظلم وجور الميليشيات الواقع عليهم.
وقالوا في أحاديث متفرقة مع «الشرق الأوسط»، «إن المبالغ غير القانونية التي تفرضها الميليشيات عليهم واقعة تحت مسميات وعناوين عدة، منها: (الخُمس، والمجهود الحربي، والضرائب، والزكاة، والمساهمة في إحياء العشرات من المناسبات الحوثية الطائفية)».
واستمراراً لمسلسل الميليشيات الإجرامي في حق التجار وأصحاب المحال التجارية الصغيرة والباعة المتجولين ومنتسبي القطاع الخاص كافة في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لبسطتها، أصدرت الميليشيات الانقلابية أول من أمس تعميماً جديداً يلزم تجار العاصمة صنعاء بمنع تداول الفئات النقدية بالطبعة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، وتعميماً آخر يفرض على التجار دفع إتاوات وجبايات مالية تحت مسمى «قوافل الغذاء لدعم جبهات الميلشيات»، مهددة في الوقت ذاته كل من يتقاعس عن دفع تلك المبالغ ومخالفة تعاميم الحوثيين بإغلاق محاله ومصادرة أمواله ذات الطبعة الجديدة.
وكشفت مصادر محلية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الميليشيات الحوثية ألزمت جميع تجار العاصمة بعدم التعامل بالفئات النقدية من العملة المحلية المطبوعة حديثاً، حيث هددت في الوقت نفسه المخالفين بمصادرة أموالهم.
ويعاني تجار كُثر وأصحاب محال تجارية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى واقعة تحت سيطرة الانقلابيين، من جور وتعسف وبطش الجماعة الحوثية، التي تمارس في حقهم وبصورة مستمرة أبشع أنواع الابتزاز والنهب والسلب والمصادرة منذ انقلابها على الشرعية واقتحامها العاصمة صنعاء في 2014.
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية من عمر الانقلاب الحوثي، فرضت الجماعة الإرهابية جبايات وإتاوات مالية عدة على عدد من التجار والباعة المتجولين في مناطق سيطرتها عبر حملات ميدانية مسلحة.
وعلى الصعيد ذاته، أشار مراقبون محليون، في حديثهم مع «الشرق الأوسط»، إلى أن التعميم الحوثي الأخير يكشف عن نية الميليشيات لمعاودة شن حملة لنهب ملايين الريالات من مصارف وشركات تجارية في مناطق سيطرتها، بذريعة التعامل بالفئات النقدية الجديدة.
وبدورهم، أكد اقتصاديون محليون الانعكاسات السلبية المترتبة على إجراءات الميليشيات، التي تؤدي إلى مضاعفة معاناة المواطنين معيشياً وشح السيولة النقدية الذي يهدد استمرار أداء القطاع المصرفي والتجاري.
وندد الاقتصاديون، الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار انتهاكات وجرائم الجماعة الحوثية بحق التجار ومن تبقى من القطاع الخاص في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة لقبضة الجماعة.
وقال الاقتصاديون، إن الميليشيات فرضت الجبايات المالية الأخيرة تحت اسم «الضرائب»، في حين الهدف الرئيسي منها تمويل ما تسميه دعم الجبهات وعملياتها القتالية التي تشنّها ضد الشعب اليمني. وأكدوا وقوف قيادات حوثية عليا وراء تلك الجبايات والإتاوات التي تفرض بقوة السلاح على المواطنين اليمنيين في مناطق سيطرتها.
وبحسب الاقتصاديين المحليين، تجني قيادات الميليشيات الإرهابية عشرات الملايين على حساب ما تفرضه من إتاوات وجبايات غير قانونية على التجار والباعة المتجولين، خصوصاً الفئات ذات الدخل المتدني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.