طلبة الجامعات الجزائرية يرفضون انتخابات «تنظّمها العصابة»

في وقت خرج فيه الآلاف من طلبة الجامعات الجزائرية إلى الشوارع في مظاهراتهم الأسبوعية، للتعبير عن رفضهم الانتخابات الرئاسية التي يصر الجيش على تنظيمها نهاية هذه السنة، لا تزال قضية فرار البرلماني رجل الأعمال بهاء الدين طليبة إلى خارج البلاد، تثير جدلاً حاداً، وسط حديث عن وجوده في بلد أوروبي حيث يعتزم طلب اللجوء السياسي.
وبدأت مظاهرات الطلبة في العاصمة الجزائرية صباح أمس، عندما غادر عدد كبير منهم مقر «الجامعة المركزية» باتجاه «ساحة البريد المركزي»، على بعد أمتار قليلة، حيث تجمّعوا كما جرت العادة منذ قرابة 7 أشهر، للمطالبة بـ«تغيير النظام جذرياً». ورفع المحتجون شعارات حادة ضد قائد الجيش الجنرال قايد صالح، الذي دأب على شن هجمات ضد من يسميهم «أذناب العصابة»، في إشارة إلى محسوبين على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
كما طالب المحتجون أمس، بالإفراج عن عشرات النشطاء السياسيين الذين سجنتهم السلطات في الأشهر الماضية بسبب التعبير عن مواقف تنتقد ما يعدونه تدخلاً من الجيش في السياسة، أو بسبب رفع الراية الأمازيغية خلال المظاهرات، وهي قضية مثيرة للجدل. وهتف المتظاهرون باسم كريم طابو ورجل الثورة لخضر بورقعة وسمير بلعربي وفضيل بومالة، وهم من أبرز نشطاء الحراك ويواجهون اتهامات بـ«إضعاف معنويات الجيش».
وأكد الطلبة المحتجون أمس، رفضهم الشديد لانتخابات قالوا إنها من «تنظيم العصابة»، في إشارة إلى الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، التي عدّوها «مناورة من السلطة لإطالة عمرها». كما هاجموا «السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية» التي تأسست بقانون لتعويض وزارة الداخلية في تنظيم شؤون الانتخابات. غير أن ضعف الإمكانيات المادية والبشرية لهذا الهيكل الجديد، الذي يرأسه وزير العدل سابقاً محمد شرفي، جعله خاضعاً للحكومة في أعماله التي بدأت منذ شهر. ويواجه أعضاؤه غضباً في ولايات الداخل، حال في بعضها دون تنصيب مكاتب له.
وتم أمس رفع شعار جديد في مظاهرة الطلبة يقول إن «عليكم تشديد المراقبة على طليبة وليس الطلبة»، في إشارة إلى البرلماني ورجل الأعمال بهاء الدين طليبة، الذي غادر الجزائر هارباً عبر الحدود التونسية (شرق)، بعد أيام قليلة من تصويت البرلمان بالأغلبية على طلب وزير العدل رفع الحصانة البرلمانية عنه، تمهيداً لمحاكمته بتهم رشى دفعها مقابل ترشيحه للبرلمان في صفوف «جبهة التحرير الوطني».
وقد أكد طليبة بنفسه بأنه تعرض للابتزاز من طرف نجل أمين عام سابق لـ«جبهة التحرير»، إذ طلب منه رشوة، حسب زعمه، لإدراج اسمه على لائحة المرشحين في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2017. يشار إلى أن «جبهة التحرير» هي حزب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وتملك الأغلبية في البرلمان وفي أغلب المجالس الولائية والبلدية.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن البرلماني الأربعيني دخل إلى تونس بفضل مساعدة مهرّبين. وأوضحت أنه لم يكن محل قرار قضائي يمنعه من السفر إلى الخارج، وكان مقرراً أن يقف بين يدي قاضي التحقيق، غداً (الخميس)، بمحكمة في العاصمة للرد على تهم فساد. وعُرف طليبة بقربه الشديد من محيط الرئيس السابق، وكان أحد أبرز ممولي حملة انتخابات الرئاسة عام 2014 لفائدة بوتفليقة.
وداهمت قوة تابعة للدرك أول من أمس، مقر إقامة البرلماني بعنابة (600 كلم شرق العاصمة)، حيث توجد أعماله وأهم استثماراته. وصادرت وثائق وأغراضاً يُعتقد أنها ذات صلة بقضايا فساد. وسجنت السلطات، منذ عزل بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، عدة رجال أعمال يُزعم أنهم تربّحوا في فترة حكمه بفضل المال العام، من بينهم علي حداد مالك أكبر شركة مقاولات الذي تم اعتقاله وهو هارب من مركز حدودي مشترك مع تونس.