مطالبات عراقية بالتحرك ضد إسرائيل بعد اتهامها بقصف معسكرات «الحشد»

سياسيون وخبراء يدعون إلى إلغاء الاتفاقية مع واشنطن

TT

مطالبات عراقية بالتحرك ضد إسرائيل بعد اتهامها بقصف معسكرات «الحشد»

في وقت لا تزال فيه السلطات العراقية تتكتم على الزيارة التي يقوم بها حالياً مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض إلى واشنطن، جاء إعلان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن اتهام إسرائيل بضلوعها خلف استهداف عدة معسكرات للحشد الشعبي في بغداد ومحافظات ديالى وكركوك والأنبار. وفيما يرتبط العراق باتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 2008 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، فإن مهمة الفياض التي لم يكشف النقاب عنها في بغداد زادت من وتيرة الغموض فيما يمكن أن تقدم عليه بغداد من إجراءات بعد إعلان عبد المهدي أن «التحقيقات أثبتت أن إسرائيل قصفت معسكرات الحشد».
لكن وفقاً لما يقوله الخبير الأمني سعيد الجياشي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن «نتائج التحقيق لم تعلن بشكل رسمي بعد»، مبيناً أن «الإعلان عنها رسمياً سيحدد عملياً الخطوة التالية التي ينبغي أن تلجأ إليها بغداد، لأن المجتمع الدولي بحاجة إلى أدلة ملموسة حتى تكون بمثابة دليل إدانة». وأضاف الجياشي أن «إعلان رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة يعد من الناحية السياسية بمثابة اتهام على صعيد التداول الإعلامي، غير أن الدليل المادي يبقى مرتبطاً بإعلان نتائج التحقيق».
يذكر أن قيادات الحشد الشعبي كانت أعلنت منذ البداية عن اتهام إسرائيل بالضلوع في عمليات استهداف معسكراتها، غير أنها تناقضت في كيفية قصف إسرائيل تلك المعسكرات. ففيما أعلن أحد قياديي الحشد مؤخراً أن الطائرات انطلقت من الأراضي السورية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فإن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الذي ألغي منصبه في الهيكلة الجديدة للحشد، قال إن الطائرات تم إدخالها عن طريق أذربيجان، وهو ما نفته الحكومة الأذربيجانية رسمياً.
عبد المهدي، من جانبه، لم يكشف تفاصيل القصف، وما إذا كانت عملية القصف تمت عن طريق طائرات «درون» أم طائرات مقاتلة أم صواريخ، وهو ما عناه الخبير الأمني سعيد الجياشي بالأدلة المادية.
لكن أستاذ الأمن الوطني ورئيس مركز «أكد» للدراسات المستقبلية الدكتور حسين علاوي، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء قال إن هنالك تلميحات من دون دلائل ملموسة لأطراف تريد إشعال الحرب في العراق والتأثير على منجز النصر العسكري الكبير في البلاد»، مضيفاً أنه «لا يزال ينتظر نتائج التحقيقات الفنية واكتمال الأدلة المادية التي ما زالت على ما يبدو لم تكتمل من كل جوانبها حتى اللحظة». وأضاف علاوي أن «موضوع الهجمات على المنشآت العسكرية العراقية لن يتكرر، لأن هنالك استحضارات عراقية بمساعدة التحالف الدولي بعد أن بدأ العراق يؤشر إلى ذلك بصورة واضحة».
إلى ذلك، أكد حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي والقيادي في التيار الصدري لـ«الشرق الأوسط»، رداً على سؤال بشأن احتمالات الرد العراقي المتوقع، أن «العراق وضعه هش حالياً مثلما يعرف الجميع والحكومة قلقة من المظاهرات فضلاً عن وجود انقسام بالرأي بين السياسيين ووضع المنطقة المتشنج، ولذلك فإنه لم يبقَ أمام العراق سوى المحافل الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي». وأضاف الزاملي أن «على الحكومة العراقية إحراج الجانب الأميركي الذي ترتبط الحكومة العراقية معه باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تلزم أميركا بالدفاع عن العراق وحفظ سيادته وحماية حدوده وأجوائه أمام أي استهداف خارجي، فضلاً عن مساعدته من خلال التعاون بتبادل المعلومات». وأوضح الزاملي أن «الأميركيين تنصلوا عن وعودهم أمام العراق، وهذا واجب الحكومة والبرلمان بإلزام واشنطن بهذه الاتفاقية، وإذا لم تلتزم الإدارة الأميركية بذلك فإنه يتعين على العراق إلغاء هذه الاتفاقية».
وفيما يرى الخبير القانوني أحمد العبادي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حول خيارات الرد العراقي على إسرائيل، أنه «ليس أمامه سوى اللجوء إلى المجتمع الدولي وتقديم شكوى بموجب القانون الدولي عن انتهاك إسرائيل لسيادته»، فإن فرات التميمي عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي يقول، في معرض رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، إن «العراق وبعد هذا التطور الخطير من خلال تصريحات رئيس الوزراء بتورط إسرائيل في قصف معسكرات الحشد الشعبي، فإنه يجب التحرك باتجاه المنظمات الدولية بدءاً من مجلس الأمن الدولي، لأن ما حصل إنما هو اعتداء سافر يمس سيادة دولة مستقلة وذات سيادة». وأضاف أن «الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية لأن هناك اتفاقية إطار استراتيجي بين البلدين كان يجب أن تكون هي حامية للأجواء العراقية عبر ما تمتلكه من أجهزة الرادار وقواعد قريبة من الحدود الإسرائيلية». وأشار إلى أن «الشكوى التي ينبغي تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي لا بد أن تقترن بأدلة ثبوتية بناء على معلومات فنية يقدمها الخبراء المعنيون، عندها تستطيع وزارة الخارجية القيام بدورها في تقديم الشكوى إلى المجتمع الدولي، وعدّ ذلك بوصفه عدواناً على البلد، كما ينبغي التحرك على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن الجامعة العربية من أجل تحقيق إجماع عربي ودولي بهذا الشأن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.