المتاحف الافتراضية... البديل الذكي للسياحة الثقافية

تعد حلاً مؤقتاً لتخطي الحاجزين الزماني والمكاني

المتاحف العربية والعالمية  لرقمنة محتوياتها
المتاحف العربية والعالمية لرقمنة محتوياتها
TT

المتاحف الافتراضية... البديل الذكي للسياحة الثقافية

المتاحف العربية والعالمية  لرقمنة محتوياتها
المتاحف العربية والعالمية لرقمنة محتوياتها

«للسفر 7 فوائد» مقولة يؤمن بها عشاق الترحال والتعرف على مختلف الثقافات، لكنه يتطلب الكثير من الإجراءات والترتيبات والحصول على التأشيرات وإنفاق رسوم باهظة، وأحياناً كثيرة الانتظار في طوابير طويلة أمام المتاحف العريقة؛ لذا لجأت بعض المتاحف إلى تقديم خدمة التجول في متاحف افتراضية عبر شاشات الهواتف الذكية. ومؤخراً أعلنت مصر تصميم أضخم مشروع لرقمنة وتوثيق الآثار المصرية عبر العصور باستخدام أحدث أجهزة التصوير الضوئي بأشعة الليزر، لوضع خريطة رقمية تفاعلية للقطر المصري ليتم نشرها من خلال بوابة مصر للعالم الرقمية.
عبر هذه البوابة يمكن للسائحين من خارج مصر وداخلها زيارة المواقع الأثرية وأكثر من 80 متحفاً متنوعاً بتقنية «الواقع الافتراضي» كنوع من أنواع الترويج السياحي المواكب للتطور التقني. لكن هل باتت الجولات السياحية الافتراضية بديلاً عن الواقعية؟
قبل أعوام لم تكن رفاهية التجول في أروقة المعابد والمساجد الأثرية ورؤية نقوشها وأنت في مخدعك على بعد آلاف الأميال متاحة، إلا أن كل ذلك بات متاحاً بكل سهولة ويسر. قد تكون بالفعل الجولات الافتراضية حلاً مؤقتاً لتقريب المسافات وتخطي الحاجزين الزماني والمكاني، أو بديلاً لمن يعانون من الرهبة في حجرة المومياوات الفرعونية بالمتحف المصري بالتحرير، لكنها لا تشبع الرغبة لدى عشاق التراث من الاقتراب منه وتأمله وجهاً لوجه والتقاط الصور التذكارية معه، تماماً كما يحرص ملايين البشر على زيارة تابوت توت عنخ آمون وتمثاله النصفي والتقاط صورة سليفي معه؛ لأن زيارة المتاحف لا تعتبر مجرد زيارة عابرة، بل رحلة عبر الأزمنة والعصور وجولة لاكتساب المعرفة والفكر والحصول على الدهشة برؤية آثار عمرها آلاف السنين.
يقول الأثري المغربي الدكتور الشرقي دهمالي، الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف، عضو لجنة الأخلاقيات في المجلس الدولي للمتاحف، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لا شك أن الجولات الافتراضية باتت تلاقي رواجاً كبيراً في مختلف أنحاء العالم، وتحرص على تصميمها كبرى المتاحف، فمن جهة هي توفر الجهد والوقت والأموال للسائح، وفي الوقت نفسه تعتبر وسيلة تحافظ على سلامة المقتنيات من بعض الأضرار المترتبة على كثرة الزيارات».
ويلفت دهمالي إلى الجانب الآخر قائلاً: «لكن لاحظنا وجود خطورة تعتري تصميم جولات افتراضية بدقة عالية، وبخاصة أن عصابات تهريب الآثار تستغل التعرف على تفاصيل الخزانات وأماكن الممرات في مخططاتها سواء للسرقة أو التزييف؛ لذا تحرص الكثير من المتاحف على ألا تكون الجولة بجودة عالية».
«لا غنى عن زيارة المتاحف في محيطها الثقافي والأثري» هكذا يؤكد دهمالي، مضيفاً: «فالزيارات الافتراضية لا تُغني بأي حال عن متعة التجول بين الآثار والاستماع لشرح المرشد السياحي والتواصل البشري معه ومع الزوار من مختلف الثقافات، فهي تجربة ترفيهية وتثقيفية متكاملة وتعتمد على التواصل البصري والحسي المباشر».
ويرى دهمالي، وهو مدير متحف تاريخ الاتصالات في المغرب، أن «المتاحف الافتراضية لها جمهورها من الشباب والأطفال، وكانت موضوعاً لاحتفالية اليوم العالمي للمتاحف 2018». ويذهب إلى أن «تجربة الجولات الافتراضية ليست معممة في المتاحف المغربية، بل دشنها متحف الاتصالات بتقنية 360 درجة؛ إيماناً بأن التوثيق التقني ضروري بكل حال؛ فهو حفظ للذاكرة الإنسانية عبر الفضاء الافتراضي».
أما عن تجربة المتاحف المصرية، فيؤكد الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن «متحف مكتبة الإسكندرية اعتمد هذه التقنيات في وقت مبكر، وقطع في تصميم الجولات الافتراضية شوطاً كبيراً، حيث يحقق موقع المتحف على الإنترنت زيارات كبيرة من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن استخدام التقنية ثنائية الأبعاد في تصميم لوحات تجسد أبرز القطع للمكفوفين».
يقول عبد البصير: «المتاحف تواكب التطور الرقمي الذي أصبح جزءاً من حياة السائح والزائر اليومية؛ لذا صممنا جولات للمتحف ومقتنياته الفريدة، وأيضاً نقوم برقمنة العملات اليونانية النادرة والتي تمكن الزائر الافتراضي من تفحص العملة ومعرفة تاريخ صكها ومعلومات عنها بكل اللغات، ولا يزال العمل مستمراً على رقمنة المقتنيات».
ويضيف «الجولات الافتراضية تقضي على عامل البعدين المكاني والزماني، وبخاصة للباحثين وعشاق الآثار؛ فهي توفر عليهم سفر آلاف الأميال، رغم أنها لا تفي بكل التجربة، لكن من أهم مميزاتها أن الزائر يمكنه الحصول على صور عالية الجودة من المقتنيات عبر دفع اشتراك مالي لتصله الصورة وهو في منزله، وهناك تجارب رائعة في متاحف الأقصر ومعابدها، حيث يمكن للزائر الاستمتاع بالصوت والصورة بتقنية عالية».
فكرة أخرى أطلقها في مصر أمين متحف الحضارة الدكتور عبد الرحمن عثمان تحت شعار «متحفي في فصلك» كمبادرة دمج فيها خصائص الزيارة الواقعية والافتراضية معاً، حيث يقوم بالتعاون مع منصة «مايكروسوفت» التعليمية ببث جولات مصورة في متاحف مصر عبر تقنية الفيديو كول ونقلها مباشرة للطلاب من مختلف أنحاء العالم؛ كونهم يعيشون تجربة إيجابية يتفاعلون فيها مع أمناء هذه المتاحف والخبراء من خلال البث المباشر.



أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
TT

أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)

تشكّل رحلات السفر هواية للبعض، إذ يجدون فيها مساحة للتغيير والترويح عن النفس. وهناك قسم آخر من الناس يُعدّون من الركاّب الدائمين، فطبيعة عملهم تتطلب منهم التنقل المستمر بين بلد وآخر.

عندما يحين موعد حجز مقعد الطائرة، هناك من يشترط الجلوس قرب النافذة، وغيرهم يفضل قسم درجة رجال الأعمال (بزنس)، فيما لا تهتم شريحة ثالثة لهذا الأمر، فتجلس على المقعد الذي يُحجَز لها من دون نقاش.

درجة رجال الاعمال لمحبي الراحة التامة (الشرق الاوسط)

ولكن بعض الأشخاص يبحثون عن المقعد الأكثر أماناً، فأيّ مقعد نختار من أجل رحلة سفر ممتعة؟

يقول الكابتن الطيار هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط» إن لكلٍّ منّا مقعده المفضل في الطائرة. كما أن الطائرات تسهّل لنا هذه الخيارات حسب أقسامها. فهندستها صُمّمت كي تقدّم أفضل الخدمات، وذلك كي يُمضي الراكب رحلته براحة.

ومن بين هذه الأقسام «البزنس» الذي يؤمِّن لصاحبه الرفاهية. الخدمات مقابل المبلغ المرتفع الذي يدفعه الراكب، تشمل المقاعد الفخمة والمريحة ونوعية الضيافات والطعام الفاخر.

بالنسبة إلى العائلات الذين يصطحبون معهم مولودهم الجديد، تخصِّص لهم شركات الطيران أحواضاً أو أسرَّة خاصة بأطفالهم، فينعمون بنوم عميق طيلة الرحلة من دون أن يتسببوا بإزعاج لباقي الركاب.

المقاعد في الدرجة الاقتصادية في مؤخرة الطائرة (الشرق الاوسط)

فيما الثنائي المسافر يفضّل حجز مقعدين مجاورين كي يمضيا الرحلة معاً، فيتسامران أو يتابعان فيلماً سينمائياً، كي يمرّ الوقت بسرعة.

ولكن ماذا عن الأشخاص الذي يفتّشون عن المقعد الأكثر أماناً؟

يردّ الكابتن هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا إلا التأكيد أن الطائرة في جميع أقسامها آمنة. ولكن إذا أردنا أن نفصّل الأمر علمياً واستناداً إلى علم الفيزياء يمكننا الركون إلى معلومات معينة. وهناك دراسات قامت بها شركات طيران معروفة مثل «بوينغ» تشير إلى هذا الموضوع، وتبين من خلالها أن المقاعد الموجودة في القسم الأخير من الطائرة هي الأكثر أماناً». ويتابع أرتينيان: «منطقياً، جميعنا نعلم أن الصندوق الأسود الذي يحفظ المعلومات عن سير كل رحلة يوجد في آخر الطائرة. وهو الوحيد الذي يبقى سليماً في حال تعرّضت الطائرة لحادث ما. وكذلك ندرك جيداً أنه في حال سقوط الطائرة، فهي تهوي نحو الأسفل بدءاً من الجهة الأمامية، فيكون ذنب الطائرة آخر قسم منها يحطّ على الأرض، ولذلك كلما كان مقعدنا قريباً من الجهة الخلفية نكون في أمان أكبر».

كابتن الطيران هاروت أرتينيان (الشرق الاوسط)

قد يعلّق البعض على هذا الأمر بأن ركاب «البزنس» يدفعون تكلفة مرتفعة ويواجهون خطراً أكبر. يعلّق كابتن هاروت أرتينيان: «لا يمكننا التفكير بهذه الطريقة. ففي حال تعرّضت الطائرة لحادث، هناك نسبة تفوق 85 في المائة أن يلاقي جميع الركاب حتفهم. وتأتي مقصورة قائد الطائرة ومساعده في مقدمة هؤلاء. ولكن البعض يعتقد أن فرصة النجاة بنسبة 10 أو 15 في المائة قد تكون متاحة. ولذلك يبحث عن المقعد الأكثر أماناً في الطائرة».

أرتينيان اسم مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي. وعبر حسابه «بايلوت هاروت» على «إنستغرام» و«تيك توك» يقدم نصائح ومعلومات في موضوع الطيران، ويقسم الطائرة إلى ثلاثة أقسام: «درجة رجال الأعمال (بزنس) الخاص بالرفاهية. والقسم الوسط بين جناحي الطائرة الذي يعد الأفضل لعدم التأثر بالمطبات الهوائية. والقسم الأخير الذي يُحفَظ فيه الصندوق الأسود. ويحبّذ بعض الركاب الجلوس فيه لأنه قريب من صالة الحمام.

ويؤكد أرتينيان في سياق حديثه أن الطائرة تصنع مقابل تكلفة مرتفعة جداً تفوق ملايين الدولارات. ولذلك يأخذ صنّاعها بعين الاعتبار تأمين كل عناصر الراحة والأمان. ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «جميع مقاعد الطائرة تؤمِّن الراحة لركابها. فيكون الهدوء والسكينة عنوانها لإمضاء رحلة مريحة. وفي حال كانت قديمة الصنع فقد يتأثر ركابها بالضجيج الذي تُصدره محركاتها. ولكن في الصناعات الحديثة للطائرات يغيب هذا الموضوع عنها».