حول العالم

حول العالم
TT

حول العالم

حول العالم

بولغار
تعتبر المدينة الواقعة على ضفاف نهر الفولغا، واحدة من أقدم مدن روسيا وتختبئ داخل جمهورية تتارستان ذات الحكم الذاتي. وكان الملك الأسطوري خان كوبرات، رأس إمبراطورية بروتو بلغار، خلف وراءه 5 أبناء اختار كل منهم طريقاً منفصلة. وكان الأكثر نجاحاً بينهم أسباروخ الذي أسس بلغاريا التي نعرفها اليوم، وكوتراغ الذي سافر شمالاً على امتداد الفولغا وأسس نسله بولغار. وباتت المدينة عاصمة مملكة فولغا بلغاريا على نحو متقطع ما بين القرنين الـ8 والـ15، وعام 922م، اعتنق بلغار الفولغا الإسلام، ولا تزال بولغار مزاراً دينياً مهماً للتتار المسلمين حتى اليوم.
تتميز المدينة بثراء بالغ من حيث التنوع الثقافي والتاريخي أهّلها لأن تكون على قائمة الـ«يونيسكو» للتراث الإنساني. وتزخر بمساجد أثرية وأضرحة وحمامات عامة وقلاع، بجانب متحف أثري قيم.
أفضل سبيل لزيارة المدينة عن طريق قازان، عاصمة تتارستان. ويمكن الوصول إليها عبر نهر الفولغا. أما أشهر المزارات فهو المسجد الكبير والضريح الشرقي الذي يعود تاريخه إلى 700 عام ويضم رفات نبلاء البلغار. كذلك النصب التذكاري الذي يحيي ذكرى تحول المدينة للإسلام، ويضم أكبر نسخة مطبوعة من القرآن الكريم في العالم وتبلغ زنتها 500 كيلوغرام!

جسر مابو
هذا واحد من المزارات التي تعكس الجانب المظلم للسياحة، ذلك أن سبباً مأساوياً يقف وراء الشهرة التي يحظى بها، حيث يتدفق الزوار عليه لمعايشة تجربة السير فوقه.
يعود تاريخ إنشاء الجسر القائم في عاصمة كوريا الجنوبية سيول، والمطل على نهر هان لعام 1970.
وفي العقدين الأخيرين، ذاعت شهرة الجسر بسبب الارتفاع الشديد في حالات الانتحار عبر القفز منه إلى النهر، حتى أطلق الناس عليه «جسر الموت». وبذلت حكومة كوريا الجنوبية محاولات حثيثة لوقف حالات الانتحار، منها مبادرة عام 2012 تضمنت تغيير اسم الجسر ليصبح «جسر الحياة»، ووضع لافتات عليه تبث التفاؤل وأنوار مرتبطة بمجسات تضيء بمجرد رصد حركة إلى الجوار؛ كي لا يرى أي شخص مهموم نفسه محاطاً بالظلام من كل جانب، ولافتات لتذكير المارين على الجسر أن هناك أناساً على استعداد للإنصات لهم ومعاونتهم.

وادان
مدينة تاريخية في موريتانيا يبلغ عمرها نحو 800 عام، وبنيت على جرف فوق هضبة آدرار. كانت في وقت مضى مركزاً لقوافل الجمال التي كانت تسافر محمّلة بالذهب والتمر والملح، بجانب كونها مركزاً دينياً وثقافياً. وبفضل مكانتها التاريخية وكونها نموذجاً يعكس الصورة التقليدية لحياة وثقافة الترحال في منطقة غرب الصحراء الكبرى، بما تضمه من منازل تاريخية قديمة ومسجد مركزي بمئذنة مربعة الشكل مميزة، أدرجت «اليونيسكو» وادان على قائمة مواقع التراث العالمي. أما أقرب المدن إليها فهي شنقيط، الواقعة على بعد 93 كيلومتراً. وبدأت منطقة آدرار بأكملها تجتذب معدلات متزايدة من السياحة خلال العقد الأول من القرن الحالي، وبخاصة فرنسا، بمتوسط 14.000 سائح سنوياً.
وبعد سنوات من تراجع السياحة بحدة بسبب تردي الأوضاع الأمنية بعد ذلك، بدأت تستعيد عافيتها من جديد تدريجياً العام الماضي.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».