الانتقادات لبطولة ألعاب القوى تثير الشكوك حول قدرة الدوحة على تنظيم مونديال 2022

من الأجواء الحارة ونسبة الرطوبة العالية وصولاً إلى عزوف الجماهير عن الحضور للملاعب

العداءة الصينية يوجي تلطف درجة الحرارة بالماء (رويترز)
العداءة الصينية يوجي تلطف درجة الحرارة بالماء (رويترز)
TT

الانتقادات لبطولة ألعاب القوى تثير الشكوك حول قدرة الدوحة على تنظيم مونديال 2022

العداءة الصينية يوجي تلطف درجة الحرارة بالماء (رويترز)
العداءة الصينية يوجي تلطف درجة الحرارة بالماء (رويترز)

ألقت الانتقادات التي طالت بطولة العالم لألعاب القوى المقامة حاليا في الدوحة من ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة وعزوف الجماهير من الحضور إلى الاستاد، بكثير من الشكوك حول قدرة الإمارة الخليجية على تنظيم ناجح لمونديال 2022 لكرة القدم.
ورغم أن البطولة تقام في شهر أكتوبر (تشرين الأول) فإنها عانت من انسحابات كثيرة خاصة لأبطال منافسات العدو للمسافات الطويلة بسبب الأجواء الحارة المرهقة، وكان المشهد في اليومين الأول والثاني لافتا بغياب الكثير من العداءات اللامعات.
وشنت العداءة البريطانية دينيز لويس المتوجة بذهبية مسابقة السباعية في أولمبياد سيدني 2000 هجوما لاذعا على الاتحاد الدولي بسبب إسناده التنظيم للدولة القطرية، معتبرة أنه «خذل العدائين بشكل هائل».
وأضافت «لم أتوقع أن يكون الأمر بهذا السوء. نريد رؤية الناس. الرياضيون يستحقون الجمهور لكي يبرزوا أفضل ما لديهم».
ورفض العداء الأميركي الأسطوري مايكل جونسون الذي يعمل معلقا لصالح هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، اعتبار أن ضعف إقبال الجمهور يعود إلى فضائح المنشطات التي واجهتها ألعاب القوى مؤخرا وقال: «الفشل في جذب جماهير جديدة لا علاقة له بالمنشطات، بل بالتنظيم والأجواء المحيطة. تواجه رياضة الدراجات الهوائية مشكلة منشطات ضخمة لكنها لا تزال تحظى بالشغف!».
وكان المشهد لافتا عندما توج كل من الأميركي كريستيان كولمان والجامايكية شيلي - آن فرايزر - برايس بذهبية سباق 100 متر. وهما السباقان اللذان يعدان من الأبرز في كل بطولة عالمية لـ«أم الألعاب»، أمام مدرجات نصفها فارغ.
أتت علامات الاستفهام حول ضعف الحضور الجماهيري في مدرجات استاد خليفة الدولي المجهز بنظام تبريد يحد من تأثير الحرارة الخارجية المرتفعة، بعد الانتقادات التي طالت سباقات المسافات الطويلة (الماراثون و50 كلم و20 كلم مشيا) التي أقيمت على كورنيش العاصمة القطرية، وشهدت انسحابات كثيرة بسبب الظروف المناخية الصعبة، والمخاطر الطبية التي قد يتعرض لها المتنافسون.
هذا المشهد لم يكن مثاليا بالنسبة إلى الاتحاد الدولي لألعاب القوى، أو صورة يرغب رئيسه البريطاني سيباستيان كو في أن تطبع انطلاق ولايته الثانية بعد إعادة انتخابه الأربعاء الماضي قبل يومين من انطلاق البطولة التي تستمر حتى السادس من أكتوبر.
هذه أيضا ليست صورة تريدها ألعاب القوى في أول بطولة عالمية بعد اعتزال العداء الأسطوري الجامايكي أوساين بولت الذي ينسب إلى جاذبيته الشخصية وموهبته الرياضية، فضل استقطاب أعداد كبيرة من المشجعين. ويتسع استاد خليفة، أحد الملاعب الثمانية المضيفة لنهائيات كأس العالم في كرة القدم 2022 لنحو أربعين ألف متفرج. لكن السعة الإجمالية تم تقليصها إلى 20 ألفا خلال مونديال القوى، ورغم ذلك لم يستطع المنظمون بيع أكثر من نصف التذاكر وكان العدد الأكبر في افتتاح الألعاب الجمعة (11 ألف شخص فقط).
وتأتي الانتقادات لبطولة العالم لألعاب القوى في وقت ما زالت الشكوك تحوم حول مستقبل مونديال 2022 الذي تحول ملفه المتعلق بفساد التصويت وقضايا الرشاوى إلى المحكمة الفيدرالية الأميركية، وأيضا المحكمة السويسرية حيث مقر الفيفا.
وكان الصحافي جان فرنسوا فورنل قد كتب قبل يومين في صحيفة «لاكروا» الفرنسية أن الدوحة التي بنت دبلوماسيتها على محور الرياضة قد منحت حق تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى وسط ظروف مشبوهة جعلت القضاء الفرنسي يحقق في ملابساتها، كما هو الحال مع اختيار قطر لتنظيم بطولة كأس العالم 2022.
وأشار فورنل إلى أن قاضي تحقيق فرنسي مشهور سيتابع بطولة العالم لألعاب القوى على شاشة التلفاز، من وجهة نظر قضائية أكثر من كونها رياضية.
وحقق القاضي رينو فان رومبيك، المتقاعد منذ نهاية يونيو (حزيران) 2019 حول التجاوزات المالية المتعلقة بالبطولة العالمية. وكان آخر ضحايا القاضي ذائع الصيت في فرنسا، هو رئيس نادي باريس سان جيرمان، القطري ناصر الخليفي، الذي أوقف رهن التحقيق في مارس (آذار) 2019 لمخالفات مالية وشكوك في تقديم رشاوى عام 2011 إلى وسيط آخر ملاحق من القضاء الفرنسي للتأثير في التصويت لتنظيم بطولة العالم لألعاب القوى الذي فازت قطر به.
وإذا كان وقت النقاش حول سحب تنظيم بطولة العالم للقوى من قطر قد فات أوانه، إلا أن مونديال كرة القدم الذي سينظم عام 2022 ما زال محل جدل، خاصة بعدما كشفت صحيفة «صنداي تايمز» قبل عدة أشهر أنها تملك مزيدا من الأدلة على أن بن همام كان هو مهندس مشروع تأمين الأصوات اللازمة لفوز قطر بحق التنظيم، وأنه من أجل ذلك خاض طرقا غير شرعية لشراء الأصوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن اثنين من كبار أعضاء ملف إنجلترا لاستضافة مونديال 2018، قدما أدلة لمحققي الفيفا بأن بن همام توسط لعقد صفقات مبادلة أصوات، وأن هناك الكثير من الرسائل الإلكترونية المكتشفة حديثاً تحمل وثائق مسربة تؤكد أن مكتب بن همام كان يقوم باتصالات من أجل تزوير التصويت لصالح قطر.
ونقلت الصحيفة إحدى رسائل موظفي بن همام جاء فيها: «يمكن للناس أن يقولوا ما يشاءون بشأن العرض، ولكنه فعلها». وأوضحت «صنداي تايمز» أن الرسائل التي سجلت بعد ذلك تثبت أن رجال بن همام كانوا يعملون على التخلص من رسائله وملفاته الشخصية لتدمير الأدلة الحاسمة حول ملف قطر.
وحتى في حال تفادت قطر المحاكمة حول شبهات الرشاوى، فإن الأجواء الحارة التي أزعجت الرياضيين والجماهير في بطولة العالم للقوى الجارية الآن، من شأنها أن تثير الشكوك حول قدرة تنظيم مونديال كرة القدم في أجواء مماثلة.
ولم يجد إعلان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، السويسري جياني إنفانتينو، عن إقامة بطولة كأس العالم 2022 في الشتاء بين 21 نوفمبر (تشرين الثاني) و18 ديسمبر (كانون الأول)، صدى جيدا لدى روابط كرة القدم الأوروبية. وأعلنت الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا معارضتها للفكرة التي من شأنها إضعاف البطولات المحلية والقارية بالقارة، حيث هذا التوقيت يمثل منتصف الموسم الكروي.
ودافع إنفانتينو رئيس الفيفا عن القرار، مشيرا إلى أنه لا يمكن اللعب في الصيف في قطر، وأنه سيعمل على تعويض الأندية الأوروبية ماليا، إلا أن قسما كبيرا من مسؤولي كرة القدم انتقده، لأن المونديال سيأتي في منتصف الموسم الكروي في الدوريات الأوروبية الكبرى وهو الأمر الذي قد يؤثر سلبا على المعدلات البدنية للاعبين.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».