هل تؤجل عمل اليوم إلى الغد؟... إليك التفسير العلمي والعلاج لـ«المماطلة»

أصبحت هناك طرق لعلاج المماطلة (أرشيف - رويترز)
أصبحت هناك طرق لعلاج المماطلة (أرشيف - رويترز)
TT

هل تؤجل عمل اليوم إلى الغد؟... إليك التفسير العلمي والعلاج لـ«المماطلة»

أصبحت هناك طرق لعلاج المماطلة (أرشيف - رويترز)
أصبحت هناك طرق لعلاج المماطلة (أرشيف - رويترز)

هل تقوم من وقت لآخر بتأجيل إحدى المهام المتوجب عليك إتمامها لبضع ساعات أو أيام أو حتى أسابيع طويلة؟ إذا كنت ممن يفعلون ذلك، فلا تقلق. فقد وجد علماء النفس أن «التسويف» أو «المماطلة» ظاهرة طبيعية «شبه عالمية» يجب دراستها وفهمها ومعرفة كيفية التصرف الصحيح حيالها.
ويقول ديفيد بالارد، العضو البارز في الجمعية الأميركية لعلم النفس، إن «المماطلة ليست مجرد تجنب أداء أو تأخير مهمة... لكنها تتضمن أيضاً جانباً ينظر في الجوانب غير العقلانية أو غير الضرورية في المهمة»، حسب ما نقلته مجلة «تايم» الأميركية.
ويضيف ألكساندر روزنتال، الباحث في مجال المماطلة وعالم النفس بمعهد كارولينسكا في السويد، إن المماطلة تحدث في أوقات كثيرة بسبب «عدم وجود قيمة كبيرة مرتبطة بالمهمة، أو عدم وجود وقت كافٍ، أو لأن القيمة التي ستجلبها لا تتناسب مع الوقت المهدور لأدائها».
وتختلف استراتيجيات التغلب على المماطلة اعتماداً على سبب حدوثه في المقام الأول. والخطوة الأولى للتغلب عليها هي تحديد وتصنيف المهام التي تقوم بتأجيلها «هل هناك نوع واحد من الأشياء التي تأجلها دائماً؟ ما نوعية المهام التي تميل إلى تأجيلها، وما هي أنماط تفكيرك حول ذلك؟».
ويؤكد ديفيد بالارد أنه بمجرد حصولك على صورة أوضح عن عاداتك الخاصة حول المهام التي تقوم بتأجيلها في عملك أو دراستك، فسوف تتمتع بفرصة أفضل لإصلاحها.
إذا كان الوقت هو المشكلة، فكثير من الناس بطبيعتهم أكثر إنتاجية في أوقات معينة من اليوم عن غيرها، ويوصي بالارد هنا بجدولة الأيام، «فإذا كنت تعلم أنك تعمل بشكل أفضل في الصباح على أنواع معينة من المهام، فقم بجدولة ذلك الوقت، ولا تحاول أن تفعل ذلك في وقت أصعب عليك أو تشعر فيه بالتعب».
وإذا كانت المشكلة هي قلقك أو خوفك من المهام الكبيرة، فيقول ألكساندر روزنتال إن تقسيم المهمة الكبيرة إلى مهام فرعية أصغر أكثر قابلية للإدارة سوف يزيد فعاليتك الذاتية، وقد يساعدك في الانتهاء منها.
أما إذا كنت ممن يفضلون تأجيل أداء المهمة حتى قبل الموعد النهائي لها بقليل، ففي هذه الحالة يوصي بالارد أيضاً بحل «تقسيم المهمة طويلة الأجل إلى مهام أصغر متعددة»، مع البحث عن طريقة لمكافأة نفسك كلما أتممت مهمة صغيرة، عن طريق القيام بأنشطة ممتعة بالنسبة لك.
أما إذا كنت ممن يسهل تشتيتهم، فيجب عليك أن تحسن بيئة عملك وتجهزها لوضع يسهل عليك فيه التركيز. ويقول بالارد: «ضع هاتفك الخلوي بعيداً، وأوقف تشغيل الإشعارات على الموبايل والكومبيوتر، ولا تترك لديك 10 علامات تبويب (Tab) مفتوحة في الوقت نفسه».
ويقترح بالارد أيضاً التقليل من الانشغال بتعدد المهام في الوقت نفسه، حيث إن الكثير منا يقع في فخ «التوفيق بين مهمتين أو 3 مهام في الوقت نفسه»، وهو أمر غير محبذ ويجعلك دائماً تشعر بأنك وسط سلسلة مهام لا تنتهي، مما يحرمك من الشعور بالرضا عما قمت به. ويقول بالارد: «خذ وقتك لتختتم شيئاً واحداً، ثم تجول واسترح قبل أن تخطو إلى الشيء التالي».
ويشير بالارد إلى أنه في بعض الأحيان، يحدث التسويف كعَرَض لشيء أكثر خطورة، مثل مشاكل الاكتئاب أو القلق. وفي هذه الحالة يُنصح بأن تستشير أحد المحترفين الذين يمكنهم مساعدتك في إدارة هذه المشاكل حتى لا تُعيق أداء عملك.
أما إذا كنت ببساطة تقوم بالمماطلة كنوع من الاستهتار أو «ضرب الأشياء عرض الحائط» فإن الهدوء والتركيز على الاعتناء بنفسك بالنوم والتمارين الرياضية والتغذية السليمة قد تفيدك في هذه الحالة. ويقول بالارد: «ما لا نشعر به غالباً في ذلك الوقت هو أن هذه الاستراحات ستزيد من إنتاجيتنا وتعوض عن الوقت الضائع... فإذا كنت تقوم بعمليات استراحة صغيرة من هذا القبيل، فستكون أكثر كفاءة بعد ذلك».



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.