اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا وأميركا الوسطى إلى حيز التنفيذ

التوترات الاقتصادية العالمية تثير قلقاً مضاعفاً في سيول

يثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين مخاوف كبرى في كوريا الجنوبية... سواء على المستوى الحكومي أو في الأسواق (أ.ب)
يثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين مخاوف كبرى في كوريا الجنوبية... سواء على المستوى الحكومي أو في الأسواق (أ.ب)
TT

اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا وأميركا الوسطى إلى حيز التنفيذ

يثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين مخاوف كبرى في كوريا الجنوبية... سواء على المستوى الحكومي أو في الأسواق (أ.ب)
يثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين مخاوف كبرى في كوريا الجنوبية... سواء على المستوى الحكومي أو في الأسواق (أ.ب)

أعلنت وزارة التجارة في كوريا الجنوبية أمس أن البلاد أبرمت اتفاقية للتجارة الحرة مع مجموعة من دول أميركا الوسطى، وأنها سوف تدخل حيز التنفيذ جزئياً هذا الأسبوع. وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة أنباء (يونهاب) الكورية الجنوبية، إنه من المقرر أن تدخل اتفاقية التجارة الحرة لكوريا الجنوبية مع هندوراس ونيكاراغوا حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء؛ كخطوة أولى من اتفاقية التجارة الحرة الشاملة التي تغطي 5 دول في أميركا الوسطى، هي كوستاريكا والسلفادور وبنما وهندوراس ونيكاراغوا.
وصدق البرلمان الكوري الجنوبي على اتفاقية التجارة الحرة في شهر أغسطس (آب) الماضي. فيما ستدخل اتفاقية التجارة الحرة مع الدول الثلاث المتبقية حيز التنفيذ في المستقبل القريب بمجرد الانتهاء من الإجراءات المحلية.
وتعد اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا ودول أميركا الوسطى السادسة عشرة من نوعها التي وقعت عليها كوريا الجنوبية، وتكتسي معنى خاصاً لأنه تم من خلالها تشكيل شبكة للتجارة الحرة بين كوريا الجنوبية وجميع دول القارة الأميركية.
وبموجب الاتفاقية، سترفع كوريا الجنوبية ودول أميركا الوسطى الجمارك على الفور أو تدريجياً على أكثر من 95 في المائة من المنتجات المتداولة. ومع الأخذ في الاعتبار الاحتجاجات من المزارعين المحليين، فإن الأرز لا يدرج في الصفقة. ومن المقرر أيضاً الحفاظ على الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية الحساسة الأخرى أو تخفيضها على مدار فترة طويلة.
وقالت الوزارة إن «اتفاقية التجارة الحرة ستساعد كوريا الجنوبية على توسيع شحناتها إلى سوق أميركا الوسطى، ليس فقط من المنتجات الرئيسية مثل السيارات والصلب، ولكن أيضاً مستحضرات التجميل والسلع الطبية». وأضافت أنه استناداً إلى العلاقات الاقتصادية القوية، من المتوقع أن توسع الشركات الكورية الجنوبية من مشاركتها في مشاريع حكومية، مثل مشروعات البنية التحتية والطاقة والإنشاءات في أميركا الوسطى أيضاً.
وفيما يخص التوترات التجارية القائمة بين كوريا واليابان، قالت سيول إن تأثيرات إلغاء اسم كوريا الجنوبية من قائمة الدول البيضاء اليابانية كانت محدودة. وجاء ذلك في تقرير قدمته وزارة المالية والتخطيط الاثنين لنائب البرلمان لحزب كوريا الحرة المعارض الرئيسي «بارك ميونغ جيه»، حيث أشار التقرير إلى أنه من الصعب حل النزاعات التجارية القائمة بين واشنطن وبكين في القريب العاجل بسبب الفجوة الكبيرة في وجهتي نظر الجانبين، وتشابكها مع القضايا الأمنية والسياسية.
كما قالت الحكومة الكورية إنه من الصعب التوقع بحل النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في القريب العاجل، معربة عن قلقها من احتمال انخفاض صادرات البضائع الوسيطة للصين.
والجدير بالذكر أن الصين تعد أكثر دول العالم من حيث حجم الصادرات الكورية إليها والاستيراد منها، فيما تعد الولايات المتحدة ثاني أكثر دول العالم استيراداً للمنتجات الكورية وثالث أكثر دول العالم التي تستورد منها كوريا الجنوبية.
وقال التقرير إن النزاعات التجارية بين واشنطن وبكين ستؤثر بشكل مباشر على صادرات أشباه الموصلات والمنتجات الإلكترونية الكورية والبضائع الوسيطة للصين. وأضاف أن الحكومة الكورية ستبذل جهودها لتنويع الأسواق وإيجاد أسواق جديدة للمنتجات التصديرية الكورية.
وكان استطلاع نُشرت نتائجه الأحد، توقع انخفاض الصادرات الكورية الجنوبية للشهر العاشر على التوالي في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذلك في ظل انخفاض أسعار بطاقات الذاكرة، العمود الفقري لرابع أكبر اقتصاد في آسيا.
وخلصت خدمة «يونهاب إنفوماكس» المتعلقة بالشؤون الاقتصادية التابعة لوكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إلى أنه من المتوقع انخفاض الصادرات بنسبة 10.3 في المائة في سبتمبر، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، لتصل إلى 45.5 مليار دولار. بينما من المتوقع أن يصل الفائض التجاري هذا العام إلى 5.2 مليار دولار.
وكانت صادرات كوريا الجنوبية قد تراجعت بنسبة 21.8 في المائة خلال أول 20 يوماً من شهر سبتمبر. فيما تراجعت الصادرات بنسبة 13.6 في المائة في أغسطس (آب) الماضي، مقارنة بنفس الشهر من عام 2018.
ونما الإنتاج الصناعي الكوري بنسبة 1.2 في المائة خلال يوليو (تموز) الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه، كما زاد قطاع الخدمات بنسبة 1 في المائة خلال نفس الفترة. بينما تراجعت مبيعات التجزئة في كوريا الجنوبية بنحو 0.9 في المائة خلال يوليو الماضي للشهر الثاني على التوالي، كما انخفض الاستثمار في البناء بنحو 2.3 في المائة خلال نفس الفترة. فيما انخفض مؤشر ثقة المستهلكين حول الأوضاع الاقتصادية إلى أدنى مستوى في 31 شهراً ليسجل 92.5 نقطة خلال أغسطس الماضي.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»