«ناسداك» الأميركية تتشدد مع طروحات الشركات الصينية الصغيرة

«ناسداك» الأميركية تتشدد مع طروحات الشركات الصينية الصغيرة
TT

«ناسداك» الأميركية تتشدد مع طروحات الشركات الصينية الصغيرة

«ناسداك» الأميركية تتشدد مع طروحات الشركات الصينية الصغيرة

رغم نفي مستشار كبير بالبيت الأبيض تقارير حول بحث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إدراج شركات صينية في وول ستريت، بدأت شركة «ناسداك» في شن حملة إجراءات صارمة ضد الطروحات العامة الأولية للشركات الصينية الصغيرة، من خلال تشديد القيود وإبطاء وتيرة عملية الموافقة، تبعاً لما كشفته وثائق تنظيمية وإفادات مسؤولين تنفيذيين بشركات وآخرين ببنوك استثمارية لـ«رويترز». وأمس، وصف بيتر نافارو، مستشار البيت الأبيض التجاري، التقارير التي تناولت بحث الإدارة الأميركية لحظر الإدراج بأنها «أخبار كاذبة»، مستعيرا التعبير الأشهر للرئيس الأميركي في تعليق لشبكة «سي إن بي سي»، قائلا إن «أكثر من نصف (هذه التقارير) غير دقيقة أو خاطئة».

لكن التقارير أسفرت عن تراجعات في البورصات العالمية منذ يوم الجمعة الماضي، خشية تأثير مثل هذا الحظر على المستثمرين.
من جهتها، تأتي محاولة «ناسداك» لتقييد العروض الصينية الأولية بسوق الأسهم في وقت ينتهي الحال بعدد متزايد من هذه العروض بجمع الجزء الأكبر من رأس المال عبر العرض العام الأولي من مصادر صينية، وليس مستثمرين أجانب، بحسب تقرير لـ«رويترز».
والملاحظ أن معظم أسهم الشركات الصينية الصغيرة تبقى في أيدي مجموعة محدودة من العناصر الداخلية، وذلك لأن مستوى السيولة الضئيل المرتبط بها يجعلها غير جذابة أمام كثير من المؤسسات الاستثمارية الضخمة التي تسعى «ناسداك» لتلبية احتياجاتها.
على سبيل المثال، عندما جمعت شركة «111 إنك» الصينية العاملة بمجال الدواء عبر الإنترنت، 100 مليون دولار خلال عرضها العام الأولي في «ناسداك»، العام الماضي، جرى بيع الأسهم بصورة أساسية لمعارف للمسؤولين التنفيذيين بالشركة، حسبما ذكر الرئيس التنفيذي للشركة، ليو جونلينغ، في مقابلة أجرتها معه «رويترز».
وتعتبر الحاضنة الرقمية «رهون هولدينغ» والمؤسسة التعليمية «بوكسين ليمتد» وشركة إنتاج مستلزمات الحيوانات الأليفة «دوغنيس إنترناشونال كورب»، بعضا من الأمثلة على شركات صينية أدرجت في مؤشر «ناسداك» خلال العامين الماضيين؛ مع إقدام أعداد أكبر من المستثمرين الصينيين على شراء أسهم بتلك الشركات عن المستثمرين الأميركيين، تبعاً لما أفادته مصادر قريبة من الشركات. ولم تستجب أي من الشركات المذكورة لطلبات التعليق التي تقدمنا بها لهم.
من جهتها، قالت المتحدثة الرسمية باسم «ناسداك»: «من بين السمات المحورية في أسواق رؤوس الأموال لدينا أننا نقدم فرصة مشاركة عادلة وغير تمييزية لجميع الشركات المؤهلة. ويخدم الإلزام القانوني الذي يجبر جميع أسواق الأسهم الأميركية على فعل ذلك في خلق أسواق نشطة توفر فرصاً استثمارية متنوعة أمام المستثمرين الأميركيين».
ورفضت المتحدثة الرسمية باسم «ناسداك» التعليق بشكل محدد على تأثير التغييرات التي أدخلت على قواعد الإدراج على العروض العامة الأولية لشركات صينية صغيرة داخل الولايات المتحدة.
وفي وقت يتفاقم التوتر بين الولايات المتحدة والصين حول قضايا التجارة والتكنولوجيا، يأتي تعمد «ناسداك» لتقييد العروض العامة الأولية لشركات صينية صغيرة بمثابة نقطة الاشتعال الأحدث في إطار العلاقات المالية بين أكبر اقتصاديين بالعالم.
جدير بالذكر أن أسهم الشركات الصينية المدرجة بالولايات المتحدة انخفضت بحدة يوم الجمعة الماضي، في أعقاب ورود تقارير حول أن البيت الأبيض يدرس شطب شركات صينية من أسواق الأسهم الأميركية. وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية، السبت، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا تدرس وضع عوائق أمام قدرة الشركات الصينية على إدراج أسهمها في سوق الأسهم الأميركية «في الوقت الحالي».
وقال مصدر قريب من «ناسداك» إن التغييرات التي أقرت في قواعد الإدراج ليست نتاج مناقشات مع البيت الأبيض. جدير بالذكر أن متحدثاً رسمياً باسم البيت الأبيض رفض التعليق على الأمر.
من ناحية أخرى، طرح مشرعون أميركيون في يونيو (حزيران)، مشروع قانون، لم يجر تمريره بعد، من شأنه إجبار الشركات الصينية المدرجة في أسواق الأسهم الأميركية على الخضوع لرقابة تنظيمية، بما في ذلك فتح الباب أمام مراجعات مالية، وإلا واجهت هذه الشركات عقوبة الشطب من سوق الأسهم.
تجدر الإشارة إلى أن «ناسداك» اقترحت للمرة الأولى تغيير قواعد الإدراج في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وبدأ سريان التغييرات بالفعل الشهر الماضي.
من ناحيته، قال رالف دي مارتينو، رئيس شركة «شيف هاردين إل إل بي» الأميركية القانونية، والتي تقدم المشورة لشركات صينية بخصوص العروض العامة الأولية لها: «بات قلق ناسداك بخصوص ضآلة السيولة وارتفاع تقلبات السوق بسبب مثل هذه العروض العامة الأولية الصينية، واضحاً للغاية منذ منتصف عام 2018».
يذكر أن قواعد الإدراج الجديدة في «ناسداك» رفعت متطلبات متوسط حجم التجارة للسهم، ودعت إلى استثمار 50 في المائة على الأقل من حاملي أسهم الشركة بحد أدنى 2.500 دولار في العرض العام الأولي.
كما أعلنت «ناسداك» في يونيو أنها ربما ترجئ الإدراج الأميركي لأي شركة لا يبدو أن لها روابط قوية بما يكفي بأسواق رأس المال الأميركية، بما في ذلك عدم وجود شركاء بها أو عمليات أو أعضاء إداريين أو أعضاء بمجلس الإدارة على صلة بالولايات المتحدة.
المعروف أن شركات صينية صغيرة تسعى وراء تنفيذ عروض عامة أولية لأنها تسمح لمؤسسيها وداعميها بالحصول على نقد، وتكافئهم بدولارات أميركية لا يمكنهم الحصول عليها بسهولة بسبب القيود الصينية على رؤوس الأموال. أيضاً، تستغل الشركات مكانتها باعتبارها مدرجة في مؤشر «ناسداك» لإقناع جهات الإقراض داخل الصين بتمويلها، وغالباً ما تحصل على دعم من السلطات المحلية الصينية.
جدير بالذكر أنه على خلاف الحال مع «ناسداك»، تفرض سوق الأسهم الصينية معايير قاسية للإدراج تحول دون إقدام بعض الشركات التي تمنى بخسائر على طرح عروض عامة أولية. أيضاً، تنظر الشركات الطامحة في تنفيذ عروض عامة أولية إلى سوق أسهم هونغ كونغ المجاورة باعتبارها أكثر صرامة مقارنة بـ«ناسداك».
ويذكر أن شركات صينية جمعت أكثر عن 70 مليار دولار داخل سوق الأسهم الأميركية منذ عام 2000، تبعاً لما أوضحته بيانات مؤسسة «ريفينيتيف». وفي الوقت الذي نجحت شركات صينية عملاقة مثل «علي بابا غروب» العاملة بمجال التجارة الإلكترونية و«بينغدودو إنك» و«جيه دي دوت كوم» في اجتذاب مستثمرين كبار داخل سوق الأسهم الأميركية، افتقرت الكثير من الشركات الصينية الصغيرة إلى الشعبية. ويعود السبب الأكبر وراء ذلك إلى «السجل الرديء» لهذه الشركات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أسهم العروض الأولية الصينية التي جمعت 200 مليون دولار أو أقل جرى تداولها بنسبة 38 في المائة أقل عن المتوسط منذ عرضها العام الأولي حتى 31 يوليو (تموز) في غضون الـ18 شهراً الأخيرة، وذلك مقارنة بارتفاع بنسبة 13.9 في المائة للشركات الأميركية من ذات الحجم، تبعاً لما أفادته بيانات مؤسسة «ديلوجيك». علما بأن 19 شركة صينية قدمت عرضاً عاماً أولياً عبر «ناسداك» خلال عام 2018، بارتفاع عن 8 خلال عام 2017.
من ناحية أخرى، وفي أعقاب تغيير قواعد الإدراج، واجهت العروض العامة الأولية لشركات صينية أصغر فترات انتظار أطول وتدقيقاً أكبر من جانب «ناسداك» قبل السماح لها بالمضي قدماً في عرضها العام الأولي، تبعاً لما أفادته مصادر مطلعة لـ«رويترز».
الملاحظ أن غالبية الشركات الصينية الصغيرة الساعية لطرح عروض عامة أولية داخل الولايات المتحدة ليس لها وجود تجاري بالأخيرة أو تحظى علامتها التجارية بشهرة فيها، وعليه تحول تعيين مواطنين أميركيين أعضاء في مجلس الإدارة إلى تكتيك تنتهجه هذه الشركات حالياً لضمان الموافقة على إدراجها، تبعاً لما ذكرته مصادر صينية تنفيذية.
جدير بالذكر أن سوق نيويورك للأسهم، وهي سوق الأسهم الأميركية الكبرى الأخرى، تمعن النظر حالياً في إجراءات إدراج شركات صينية، تبعاً لما أفاد به مصدر مطلع. ومع هذا، فإنها لم تقر حتى الآن تغييرات بقواعد الإدراج على غرار «ناسداك».



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.