شيراك إلى مثواه الأخير وسط حضور دولي وفرنسي لافت

30 رئيس دولة وحكومة شاركوا في الجنازة الرسمية

جانب من جنازة شيراك في كنيسة «سانت سولبيس» أمس (إ.ب.أ)
جانب من جنازة شيراك في كنيسة «سانت سولبيس» أمس (إ.ب.أ)
TT

شيراك إلى مثواه الأخير وسط حضور دولي وفرنسي لافت

جانب من جنازة شيراك في كنيسة «سانت سولبيس» أمس (إ.ب.أ)
جانب من جنازة شيراك في كنيسة «سانت سولبيس» أمس (إ.ب.أ)

ووري الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، الثرى بعد ظهر أمس، في مقبرة مونبارناس، إلى جانب ابنته لورانس التي تُوفيت عام 2016، إنفاذاً لرغبة أرملته برناديت، التي أرادت مراسم دفنه في إطار عائلي محض.
وفي الساعة الثالثة بعد ظهر أمس، تجمّدت الحركة في المدارس والجامعات والإدارات الرسمية، عملاً بدقيقة صمت طلبها الرئيس الفرنسي حداداً وتكريماً للرئيس الراحل، إضافة إلى إعلان أمس يوم حداد رسمي. ومنذ انطلاقة الجمهورية الخامسة، أصبح شيراك رابع رئيس متوفى، بعد الجنرال شارل ديغول (1970)، وجورج بومبيدو (الذي مات في قصر الإليزيه عام 1974 قبل إنهاء ولايته)، وفرنسوا ميتران (1996).
وجاء إنزال شيراك إلى مثواه الأخير بعد خمسة أيام، برز خلالها تعلق الفرنسيين بذكرى رئيسهم المتوفى بشكل لم تعرفه فرنسا منذ رحيل الجنرال ديغول. وبدأ أمس بمراسم دينية خاصة وبحضور عائلة شيراك وعدد محدود من المقربين منها في كنيسة «سان لويس» في قصر الأنفاليد. وبعد ذلك، بدأت مراسم التكريم الرسمية العسكرية بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون، في الساحة الرئيسية للأنفاليد حيث يرقد رفات الإمبراطور نابليون بونابرت تحت القبة الشهيرة. وبيّن استطلاع للرأي أن الفرنسيين أخذوا يقارنون بين شيراك وبين نابليون، كما أنهم رأوا في الرئيس الأسبق صنواً للجنرال ديغول، بطل فرنسا الحرة.
ووصل نعش الرئيس الراحل يحمله على الأكتاف عشرة عسكريين بينهم حراسه السابقون الشخصيون، ووُضع أرضاً فيما اصطفت على جوانب الساحة المجموعات العسكرية التي تمثل جميع أسلحة القوات المسلحة الفرنسية التي أدت له التحية العسكرية. وانحنى الرئيس ماكرون مطولاً أمام النعش، فيما انطلقت موسيقى الحرس الجمهوري التي عزفت «موسيقى الموت»، وأتبعتها بموسيقى النشيد الوطني الفرنسي. وبعد انتهاء المراسم العسكرية، نُقل النعش إلى كنيسة «سان سولبيس» الواقعة على بُعد رمية حجر من منزل شيراك. وعلى الطريق الممتدة من الأنفاليد إلى ثاني أكبر كنيسة في باريس بعد كاتدرائية «نوتردام» المحترقة، تجمهر الفرنسيون على جانبي الطرقات لإلقاء نظرة أخيرة على نعش شيراك الذي لُفّ بالعلم الفرنسي مثلث الألوان، ونُقل في موكب رسمي مهيب.
ومرة أخرى، أظهر الفرنسيون تعلقهم واحترامهم لهذا السياسي الذي أحبوه بعد مماته أكثر مما حبهم له في أثناء حياته. وخلال ساعات تسجية النعش في الأنفاليد، تدفق ما لا يقل عن سبعة آلاف فرنسي بعضهم جاء من مناطق بعيدة للانحناء أمام جثمانه، فيما قررت عدة مدن وهيئات تكريم ذكراه في احتفالات لاحقة. وكان لافتاً تعليق الرئيس السابق فرنسوا هولاند، بقوله أمس، إن فرنسا «سيدة التناقضات: هي تريد ملوكاً لكنها تقطع رؤوسهم، ترذل (قادتها) أحياءً وتمجّدهم أمواتاً».
وبعد فيض رسائل التعزية من قادة العالم، توافد منذ العاشرة صباحاً ما لا يقل عن 80 شخصية أجنبية إلى كنيسة «سان سولبيس» لحضور المراسم الدينية الرسمية، بينهم ثلاثون رئيس دولة وحكومة. ومن المسؤولين العرب الذين حضروا ملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس وزراء لبنان سعد الحريري، والسودان عبد الله حمدوك، الذين جاوروا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والألماني شتاينماير، والإيطالي ماتاريلا، والأفغاني حميد كرزاي، والمستشارة الألمانية ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وأمير موناكو ألبير، وقادة أفارقة عديدون وعشرات آخرون. ومثّل ملك المغرب الذي تربطه علاقات وثيقة بعائلة شيراك ولي العهد الأمير حسن، بسبب وعكة صحية ألمّت بالعاهل المغربي محمد السادس. كذلك حضر رؤساء دول وحكومات سابقون كانوا على علاقة مع شيراك، أبرزهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، والألماني غيرهارد شرودر، بالإضافة إلى عشرات المسؤولين كان بينهم وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير. وما أدهش الفرنسيين غياب رد الفعل الأميركي الرئاسي، إذ انتظرت الخارجية الأميركية حتى الأحد لإصدار بيان باسم الوزير بومبيو جاء فيه أن شيراك «عمل من غير كلل على المحافظة على القيم والمثل التي نتقاسمها (مع فرنسا)».
فيما شارك في مراسم التشييع نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار خادم الحرمين الشريفين، وعادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء، والدكتور خالد العنقري سفير السعودية لدى فرنسا، بحضور عدد من رؤساء الدول.
ونقل الأمير منصور بن متعب، خلال مراسم العزاء التي أُقيمت في قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية، تعازي خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وللشعب الفرنسي في وفاة الرئيس الأسبق جاك شيراك.
أما على المستوى الفرنسي الداخلي، فقد حضر رؤساء الجمهورية السابقون الثلاثة «فاليري جيسكار ديستان، ونيكولا ساركوزي، وفرنسوا هولاند»، ورؤساء الحكومة ومجلسي الشيوخ والنواب والوزراء وكبار العسكريين وعدد كبير من النواب، وقادة الأحزاب كافة باستثناء رئيسة حزب التجمع الوطني مارين لوبن التي رفضت كلود، ابنة الرئيس شيراك، مشاركتها في مراسم الجنازة. وكان شيراك الذي رفض طيلة حياته السياسية التسامح مع اليمين المتطرف، قد هزم والدها جان ماري لوبن، في الانتخابات الرئاسية عام 2002. كذلك، غاب جان لوك مليونشون النائب ورئيس حركة «المتمردين» اليسارية المتشددة. بيد أن الغائب الأكبر عن المراسم كان برناديت شيراك التي تعاني من مشكلات صحية، ولم تكن قادرة على الحضور وفق مصادر العائلة. وغصّت الكنيسة بألفي مدعو ولكن في غياب الصحافة. وعمدت السلطات إلى نشر شاشات كبيرة خارجية لتمكينهم من متابعة المراسم.
وقالت كلود شيراك، ابنة الرئيس التي عملت إلى جانبه مستشارة إعلامية عندما كان رئيساً للجمهورية، ليلة أول من أمس، إن والدها، حيث هو، «سيكون سعيداً ومتأثراً» من التعاطف الذي أظهره الفرنسيون. وشكرت كلود المعزين في والدها، مضيفةً أن والدتها «شعرت بالعطف لدى رؤيتها» علامات التضامن مع عائلتها.
هكذا تُقلب صفحة رئيس عاش بعيداً عن الأضواء منذ خروجه من قصر الإليزيه عام 2007، كتب عنه الكثير ولا شك أن الكثير سيُكتب عنه في السنوات اللاحقة، لأنه عاش في عصر التغيرات العالمية وسعى خلالها لحماية بلاده من تأثيراتها، مشدداً على أنها قوة كبرى وعامل «توازن» في عالم متحرك.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.