حملة على رجال الأعمال لـ«دعم الليرة السورية»

TT

حملة على رجال الأعمال لـ«دعم الليرة السورية»

في ظل الحملة التي يشنها ضد مسؤولين وكبار رجال الأعمال لـ«مكافحة فساد»، عقد اجتماع في دمشق حضره رجال أعمال موالون للنظام السوري، في محاولة لدفع مبالغ مالية كبيرة بالدولار الأميركي له تنقذه من حالة الإفلاس المالي التي يعاني منها، وسط مؤشرات على تمرد الغالبية العظمى منهم وامتناعهم عن الدفع.
الاجتماع الذي عُقِد السبت الماضي في فندق «شيراتون» وضم حاكم مصرف سوريا المركزي حازم قرفول، وكلاً من رجال الأعمال سامر الفوز ومحمد حمشو ووسيم القطان والأخوين براء وحسام القاطرجي، إضافة إلى رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع، ناقش مبادرة أعلنها رجال أعمال لدعم الليرة السورية التي تدهور سعر صرفها أمام الدولار الأميركي إلى مستوى قياسي لم تشهده عبر التاريخ، إذ وصل قبل نحو ثلاثة أسابيع إلى 690 ليرة، لكنه تحسن حالياً وبات نحو 635 ليرة، من دون أن ينعكس ذلك على الوضع المعيشي للمواطنين بسبب عدم هبوط الأسعار.
اللافت، حسب ما تحدثت مصادر تواجدت في مكان الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، أن المنظمين وقبل بدء الاجتماع، كانوا حريصين على إخلاء القاعة من ممثلي وسائل الإعلام الذين حضروا لتغطية الحدث، ومن ثم إغلاق القاعة ليستمر الاجتماع أكثر من ساعتين وينتهي بعد ذلك من دون أن يدلي أي منهم بأي تصريح.
ومع شح المعلومات حول ما تم التوصل إليه خلال الاجتماع المغلق، قالت غرفة تجارة دمشق في صفحتها على «فيسبوك»: «أجمع الحاضرون على وضع مبالغ مالية بالدولار، كل حسب قدرته، على أن يتم دفع المبالغ تباعاً وبسعر تدخلي يحدد كل يوم بهدف زيادة سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار»، بينما ذكر موقع «الحقيقة» أنه «تم الإعلان عن أول 10 ملايين دولار قدمها رجل الأعمال سامر الفوز».
كما نقل الموقع عن الفوز تأكيده صحة «الرقم المتداول دفعة أولى والبالغ 10 ملايين دولار»، وقوله إن «أحداً لم يصرح بمبلغه رغم محاولاتنا سحب الأرقام منهم»، لكنه أضاف: «الحقيقة الكل (بدو) يدفع، والدولار سوف ينخفض ويصل إلى الـ500 مبدئياً».
وتشير كلمات الفوز الأخيرة، حسب خبراء اقتصاديين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك «ضغطا كبيرا من قبل حاكم مصرف سوريا المركزي على رجال الأعمال لإجبارهم على الدفع».
الخبراء يرون أن التكتم الشديد على ما حدث داخل الاجتماع «يشير إلى امتناع الكثير من رجال الأعمال عن الدفع»، ويضيف الخبراء: «لو أنهم قبلوا لكانوا أعلنوا كما أعلن الفوز... هم يعتبرون الأمر بمثابة تشليح... سلبطة... رغم أن ثرواتهم الطائلة جمعوها بطرق غير مشروعة وتحت أعين النظام».
وفي تلميح إلى أن هذا الاجتماع وما نتج عنه قد لا ينعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام وعلى الوضع المعيشي للناس، يقول الخبراء: «سبق قبل أسبوعين أن تم تداولت صفحات (موالية) أنباء عن إيداع رجال أعمال 6 مليارات دولار في البنوك الحكومية ولم يحدث تحسن كبير لأن الأمر مجرد كلام».
ورغم مرور عدة أيام على الاجتماع لم يحدث أي تحسن في سعر صرف الليرة، بينما أكدت صفحات موالية أنه حتى الآن لم يتم تمويل صندوق دعم الليرة السورية من قبل المتبرعين.
وبدأت الأنباء عن الحملة التي يشنها النظام ضد مسؤولين وكبار رجال الأعمال بزعم «مكافحة فساد»، بالتداول منتصف أغسطس (آب) الماضي، عندما تحدثت مواقع إلكترونية عن أن الرئيس السوري بشار الأسد، أمر بإجراءات ضد شركات ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف في سوريا، بما في ذلك حصته في «سيريتل»، أكبر مزود للهاتف النقال في البلاد، و«السوق الحرة» العاملة في البوابات الحدودية لسوريا.
وبات الأمر حديث الشارع الموالي، وإن كان يتم همساً في أماكن العمل أو الأماكن العامة أو الغرف المغلقة، خصوصاً مع تداول مواقع إلكترونية لاحقاً نسخة من قرار للمصرف العقاري السوري تفيد بإيقاف جميع العمليات المالية المتعلقة بشركة «سيريتل»، مستثنياً العمليات المالية التي تتعلق برواتب الموظفين.
وتزايد الحديث أكثر عن «حملة مكافحة الفساد» مع الأنباء عن قرار الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير التربية السابق هزوان الوز وزوجته ضمن قائمة ضمت 82 اسماً، أبرزهم معاونه سعيد الخراساني وزوجته، بناء على قضايا فساد قدرت قيمتها بـ350 مليار ليرة سورية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.