التنسيق المصري ـ القبرصي ـ اليوناني شرق المتوسط يثير غضب أنقرة

السلطات التركية تُقصي إمام أوغلو من اجتماع حول زلزال إسطنبول

أتراك يبيتون في خيم بعد زلزال إسطنبول الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
أتراك يبيتون في خيم بعد زلزال إسطنبول الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

التنسيق المصري ـ القبرصي ـ اليوناني شرق المتوسط يثير غضب أنقرة

أتراك يبيتون في خيم بعد زلزال إسطنبول الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
أتراك يبيتون في خيم بعد زلزال إسطنبول الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

عبّرت تركيا عن قلقها تجاه التنسيق المصري - اليوناني - القبرصي الوثيق في شرق البحر المتوسط، في ظل الضغوط التي تتعرض لها بسبب أنشطتها غير القانونية للتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة، وسط رفض إقليمي ودولي واسع.
وأعلنت وزارة الخارجية التركية، رفضها «الكلي» لما قالت إنه ادعاءات وردت في بيان مشترك لوزراء خارجية مصر واليونان وقبرص عقب اجتماع ثلاثي عقدوه، الجمعة، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، في بيان: «نرفض كليا الادعاءات التي لا أساس لها ضد بلدنا في البيان المشترك الذي نشر بعد الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية مصر واليونان وقبرص في نيويورك... ليس لدول المنطقة أي سلطة أو مسؤولية أو كلمة تقولها حول قضايا بحر إيجة وقضية قبرص، ولا فرصة لنجاح الخطوات التي تحاول تجاهل وعزل تركيا والقبارصة الأتراك شرق المتوسط، عبر مسوغات سياسية». واعتبر أكصوي أن «إرسال اليونان رسائل إلى تركيا تبدي فيها رغبة للتعاون في الوقت الذي تصدر فيه (ادعاءات لا أساس) لها ضد بلدنا يدل على عدم مصداقيتها».
وأدان وزراء خارجية مصر وقبرص واليونان، سامح شكري ونيكوس كريستودوليديس ونيكوس دندياس، في بيانهم الأفعال غير القانونية التي تقوم بها تركيا في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط، وبالأخص أنشطة الحفر المتصاعدة والاستفزازية وغير القانونية، والمسح الزلزالي والوجود العسكري في المناطق البحرية لقبرص. وشددوا على أن الأفعال التركية تقوض الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات لإيجاد تسوية للقضية القبرصية قابلة للتطبيق وشاملة، وتزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط.
وردّ المتحدث التركي بدعوة الدول الثلاث (مصر واليونان وقبرص) إلى «مواجهة الحقائق السياسية والاقتصادية والجغرافية في المنطقة، واتّباع سياسات تعاون تنسجم مع هذه الحقائق»، قائلا إنه «لا يوجد غير ذلك وسيلة أخرى لضمان استقرار شرق البحر المتوسط وتحقيق تسوية عادلة ودائمة لقضية قبرص».
واعتبر أكصوي أن «جميع المشاريع في منطقة شرق المتوسط التي لا تضم تركيا والقبارصة الأتراك لن تكون فاعلة نهائيا»، مؤكدا أن بلاده «ستستمر في الدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق المتوسط».
ومنذ 1974 تعيش جزيرة قبرص انقساما بين شطرين، تركي في الشمال ويوناني في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة اليونانيون خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة لحفاظها على الوجود العسكري التركي. وتتركز مفاوضات توحيد شطري الجزيرة التي تجري تحت إشراف الأمم المتحدة حول 6 محاور رئيسية، هي: الاقتصاد، وشؤون الاتحاد الأوروبي، والملكيات، وتقاسم السلطة (الإدارة)، والأراضي، والأمن والضمانات. ويطالب الجانب القبرصي التركي ببقاء الضمانات الحالية حتى بعد التوصل إلى الحل المحتمل في الجزيرة، حيث يؤكد أن الوجود العسكري التركي فيها شرط لا غنى عنه بالنسبة إليه، وهو ما يرفضه الجانب اليوناني.
وأرسلت تركيا 4 سفن بحث وتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، في المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، كما أعلنت الحكومة القبرصية ذلك، وسط رفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول منطقة شرق المتوسط، وهو ما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات «رمزية» على تركيا في مجال النقل الجوي، وتخفيض المساعدات المالية في إطار مفاوضاتها لنيل عضويته.
وتتعلّل تركيا بوجود حقوق للشطر الشمالي من قبرص في ثروات شرق المتوسط من أجل القيام بأعمال تنقيب عن النفط والغاز في منطقة تقول قبرص إنها تقع في حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة، وتدّعي تركيا أنها ضمن جرفها القاري.
على صعيد آخر، قال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو أمس إنّه لم تتم دعوته لحضور اجتماع حكومي يناقش الإجراءات اللازم اتخاذها بعد تعرض أكبر مدن البلاد لزلزال قوته 5.7 درجة على مقياس ريختر الخميس.
وهزّ زلزال، مركزه في سيليفري عند شواطئ بحر مرمرة وعلى بعد نحو 80 كيلومتراً غرب إسطنبول، المدينة التي يسكنها نحو 15 مليون نسمة الخميس، مسببا ذعرا دفع السكان لإخلاء منازلهم. كما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص بجروح طفيفة، بحسب السلطات.
وعقدت السلطات التركية اجتماعا لوضع خطة استجابة للكوارث في إسطنبول بعد الزلزال، برئاسة نائب الرئيس فؤاد أقطاي، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، والذي انتخب رئيسا لبلدية إسطنبول في يونيو (حزيران) الماضي، إنّه لم يحضر الاجتماع بسبب عدم توجيه الدعوة له. وقال في تصريحات صحافية في إسطنبول: «أريد أن أناشد مسؤولي الدولة. الانتخابات انتهت، إنها باتت خلفنا». وأضاف: «الأولوية عندي هي الزلزال. فلنجد حلولا سويا».
وفاز إمام أوغلو بالانتخابات في مارس (آذار)، قبل أن يتم إلغاء نتائج الانتخابات بعد مزاعم تزوير قدمها حزب العدالة والتنمية الحاكم ليحقق لاحقا فوزا حاسما في الإعادة في يونيو. وهذ أول مرة تسيطر المعارضة على إسطنبول التي كانت تحت سيطرة حزب الرئيس رجب طيب إردوغان لنحو 25 عاما. وفي سياق متصل، قالت وسائل إعلام تركية إن حراس رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، الشخصيين ألقوا القبض على شاب تركي يدعى «إبراهيم آي» (27 عاما) أثناء محاولته دخول مكتبه بالقوة عبر النافذة بعد فشله في مقابلته. ولم يكن إمام أوغلو موجودا في مكتبه وقت الحادث، وأبلغ مكتبه الشاب بأنه غير موجود وأنه لن يتمكن من مقابلته، فحاول بعد ذلك التسلل إلى مكتبه من الشرفة بعد أن اختبأ بين الأشجار، لكن حراس الأمن اكتشفوا الأمر. وعقب الإمساك به، أخرج الشاب شفرة حلاقة، مهدداً بإلحاق الضرر بنفسه، لكن عناصر الأمن سيطروا على الموقف. وعلق إمام أوغلو على الحداث بأنه لا يعرف الشاب، ولم يسبق له رؤيته، وأنه يعتقد أنه يعاني من اضطرابات نفسية.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.