قيادة الجيش الجزائري تنفي تزكية مرشح للرئاسة

نفت قيادة الجيش الجزائري ما يجري تداوله إعلامياً بأن المؤسسة العسكرية «ستخوض معترك الرئاسية بمرشحها»، في إشارة ضمنية إلى رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون الذي ترشح للانتخابات المقبلة في 12 ديسمبر من هذا العام. كما أعلنت حركة «مجتمع السلم»، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، الامتناع عن تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية وفق ما أكد أحد مسؤولي الحركة لوكالة «فرنس برس»، فيما أودعت محكمة أمس ناشطين بارزين ينتميان إلى تنظيم معارض، رهن الحبس الاحتياطي.
وذكر قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح أمس أثناء زيارته منشأة عسكرية غرب البلاد، أن الجيش لم يرشح أحداً للرئاسية، قائلاً في خطاب تابعه عدد كبير من الضباط إن «من بين الإشاعات التي تروج لها العصابة وأذنابها، والتي يجب محاربتها والتصدي لها، هي تلك التي تحاول الترويج إلى أن الجيش الوطني الشعبي يزكي أحد المترشحين للرئاسيات المقبلة، والغرض من ذلك هو التشويش على الاستحقاق الوطني المهم».
وأضاف صالح أن «الشعب هو من يزكي الرئيس المقبل من خلال الصندوق، والجيش الوطني الشعبي لا يزكي أحداً، وهذا وعـد أتعهد به أمام الله والوطن والتاريخ. كما نؤكد مرة أخرى، وانطلاقاً من الصراحة التي علمتنا إياها الثورة التحريرية المباركة، أننا صادقون في أقوالنا ومخلصون في أعمالنا ولن نحيد عن مواقفنا أبداً، وأننا عازمون على مواصلة مواجهة العصابة إلى غاية التخلص من شرورها». والمقصود بـ«العصابة» مسؤولون حكوميون كانوا في مناصب كبيرة خلال فترة حكم الرئيس بوتفليقة (1999 - 2019)، من بينهم شقيقه السعيد ومديرا المخابرات محمد مدين وبشير طرطاق، وقد أدانهم القضاء العسكري الثلاثاء الماضي بـ15 سنة سجناً. كما يوجد رئيسا وزراء سابقان، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعدد من الوزراء السابقين في السجن بتهم فساد.
وقد شاع في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، أن رئيس الوزراء سابقاً، عبد المجيد تبون، هو مرشح الجيش باعتبار أنه خاض حرباً ضد رجال أعمال سجنهم قايد صالح بتهم فساد بعد عزل الرئيس بوتفليقة. وقد تمكن هؤلاء من إزاحة تبون من رئاسة الجهاز التنفيذي بعد شهرين فقد من توليه المسؤولية بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) عام 2017، وأعلن قايد صالح في خطابه أيضاً أنه أصدر تعليمات إلى قادة المناطق العسكرية وقادة القوات المسلحة ومسؤولي المصالح الأمنية لـ«الشروع فوراً في اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لتأمين العملية الانتخابية عبر كافة التراب الوطني، حتى يتمكن شعبنا من أداء واجبه الانتخابي في ظروف يسودها الأمن والسكينة».
من جانبها، امتنعت حركة «مجتمع السلم» (حمس)، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، عن تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية، وفق ما أكد أحد مسؤولي الحزب لوكالة «فرنس برس» أمس. وصرح مسؤول الاتصال في الحزب، عبد الله بن عجيمية، أن «الحركة قررت عدم تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية»، مؤكداً بذلك ما سبق أن تداولته وسائل إعلام. وجاء القرار في نهاية أعمال مجلس الشورى في «مجتمع السلم»، أكبر حزب معارض في البرلمان حيث عدد نوابه البالغ 34 نائباً، من أصل 462. وقال بن عجيمية إن «شروط» تنظيم الانتخابات «مثل الشفافية وتلبية مطالب الحراك الشعبي ليست متوفرة».
وبعد استقالة عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) تحت ضغط الشارع والجيش، تم تحديد الرابع يوليو (تموز) موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، لكن الحركة الاحتجاجية رفضت ذلك واضطرت السلطة لإلغائها لعدم وجود مرشحين. وفي 15 سبتمبر (أيلول) عاد الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح لتحديد موعد 12 ديسمبر (كانون الأول) تاريخاً جديداً للانتخابات رغم المعارضة المستمرة لها في الشارع.
وحركة «مجتمع السلم» المقربة من حركة الإخوان المسلمين، شاركت في السلطة لنحو 10 سنوات في إطار التحالف الرئاسي الداعم لبوتفليقة قبل أن تنسحب في عام 2012. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن 80 شخصاً قاموا بسحب استمارات لجمع 50 ألف توقيع الضرورية للترشح. ومن بين هؤلاء علي بن فليس رئيس الحكومة بين 2000 و2003 في الولاية الأولى لبوتفليقة وعبد المجيد تبون رئيس الوزراء لثلاثة أشهر فقط في عام 2017.
وفي سياق المواجهة بين السلطة والحراك الشعبي المعارض لتنظيم الانتخابات، أودع قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، الشابين المعروفين كريم بوطاطا وحسن قاضي، رهن الحبس الاحتياطي بناء على تهمة «إضعاف معنويات الجيش». وخرج مناضلا جمعية «تجمع - عمل - شباب» من المحكمة إلى السجن، تحت هتافات وتصفيق العشرات من رفقائهم الذين تجمعوا للاحتجاج على الاعتقال الذي تم منذ أسبوع. وكتب حكيم عداد، رئيس التنظيم سابقا، بحسابه على «فيسبوك» قائلا: «تم سجن كريم وحسن لأنهما اختارا الحرية والكرامة... فلا القاضي الذي سجنهم ولا الذين أمروا القاضي بسجنهما، سيهنأون بفعلتهم... لقد خسروا جميعا بينما انتصر الرفيقان». وأكد عداد «عزم النشطاء على مواصلة التعبئة والتجند لإطلاق سراح كل المعتقلين»، وهم عشرات الأشخاص اتهمت النيابة أغلبهم بـ«إضعاف معنويات الجيش»، وهي تهمة مرتبطة بتصريحات ومواقف حادة ضد رئيس أركان الجيش، ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح، صاحب السلطة الفعلية في البلاد. وهدد صالح باعتقال أي شخص يتحرك في الميدان ضد تنظيم الرئاسية المقررة نهاية العام، المرفوضة من طرف الآلاف من المتظاهرين.
من جهتها هددت «السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم انتخابات الرئاسة»، بمتابعة رؤساء بلديات بمنطقة القبائل، في القضاء، لرفضهم مراجعة اللائحة الانتخابية محلياً تماشياً مع مواقف أحزابهم الرافضة لمسعى السلطة تنظيم الاستحقاق.
وصرح إسماعيل بوقرة عضو «السلطة» للإذاعة الحكومية، أمس، أنه «سيتم معاقبة بعض رؤساء البلديات الذين يحاولون منع التحضير للعملية الانتخابية، مخالفين بذلك القانون». وقال أيضاً: «سيتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة للتبليغ عن ذلك للنيابة العامة لتحريك شكوى جزائية ضدهم لكونهم تدخلوا في صلاحيات لا تعنيهم، ورفضوا توقيع بعض استمارات الترشح».
وأعلن الكثير من رؤساء البلديات في ولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة، شرق العاصمة، رفضهم التعاون مع سلطة الانتخابات بخصوص مراجعة اللائحة الانتخابية. وجرى ذلك بناء على توجيهات من حزبين معارضين، ينتمون إليهما، هما «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية».