مؤسسات رسمية مصرية تدخل على خط «قضية الطفلة ضحية التعذيب»

أثارت واقعة «تعذيب الطفلة جنة» في مصر ردود أفعال شعبية واسعة وتحركات رسمية بعدما شغلت القضية الرأي العام في مصر على مدار الساعات الأخيرة، ففي البرلمان طالب محمد فرج عامر رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب الحكومة بتعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي خاصة المادة التي تنظم عملية الحضانة للأولاد بعد انفصال الأب عن زوجته.
وشدد البرلماني، على ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي، بعد تسببه في حدوث عدد من الأزمات الأسرية. وأعلن الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تكفله بحالة الطفلة «أماني» البالغة من العمر 6 سنوات، شقيقة الطفلة جنة التي قضت نتيجة تعرضها للتعذيب، إذ تكفّل بعلاجها طبيا ونفسيا وتعليمها وتحمل نفقاتها كافة.
وكان الإمام الأكبر علق على الجريمة البشعة بحق الطفلة جنة، قائلاً: «تألمت كثيراً بعد سماع ما ارتكب من جريمة وحشية بحق الطفلة البريئة جنة، تلك الطفلة الملائكية التي تحملت ويلات العذاب على يد من أوكلوا برعايتها، فما تعرضت له من حرق وتعذيب هو فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى».
ووجّهت وزيرة التضامن الاجتماعي بتقديم أوجه الدعم للطفلة وأسرتها، كما وجّهت وكيل الوزارة في الدقهلية وفريق التدخل السريع، بتشكيل فريق للدعم النفسي لبدء جلسات تأهيلية ووضع برنامج طبي لعلاج آثار التعذيب، وذلك بعد قرار النيابة العامة بإيداع الطفلة أماني محمد سمير «شقيقة جنة» إحدى دور الرعاية بالدقهلية.
كما وجّهت وزيرة التضامن بتوفير الخدمات لمحمد سمير حافظ والد الطفلة جنة صاحبة الخمس سنوات، التي قضت نتيجة تعذيب الجدة والخال، وتابعت الوزيرة أنّه تم تسجيل المواطن المذكور في برنامج تكافل وكرامة، وتم حجز كشف طبي له في المجالس الطبية بالمنصورة، فضلا عن تسجيله للحصول على كارت الخدمات المتكاملة للإعاقة، وصرف مساعدة دفعة واحدة بمبلغ 500 جنيه، وتم صرف مساعدة شهرية له بمبلغ 300 جنيه شهريا من مؤسسة التكافل الاجتماعي بالدقهلية، إضافة إلى تدريبه على وظيفة خادم مسجد بساط الدين في القرية التي يقيم بها.
وشغلت قضية «جنة» الرأي العام، بعد دفنها وسط موجة من التعاطف معها ومع والدها كفيف البصر، ودخل المجلس القومي للمرأة على خط القضية، التي تحقق فيها أمام النيابة العامة، لإنقاذ شقيقة للطفلة المتوفاة من جحيم الجدة ونجلها، خوفاً من أن تلقى المصير ذاته.
وبدأت قصة جنة، التي تنتمي إلى قرية بساط الدين بمحافظة الدقهلية (شمال شرقي القاهرة) حينما أدخلت مستشفى شربين العام متأثرة بإصابات متعددة بالجسم وحروق قديمة وحديثة، ليتم تحويلها إلى مستشفى المنصورة الدولي، حيث تطلبت حالتها الصحية بتر ساقها اليسرى، لتبدأ حالتها في التدهور، قبل أن تفارق الحياة أمس، بعد توقف عضلة القلب. وتثار شكوك سيؤكدها أو ينفيها لاحقا تقرير الطب الشرعي، حول تعرض الطفلة للاغتصاب من قبل خالها، وأنه قد تم تعذيبها من الجدة لإرغامها على الصمت. وجاء ذلك بعد أن كشفت الفحوصات المبدئية للطفلة وجود «غرغرينا» بالأعضاء التناسلية الخارجية.
وعلى أثر ذلك، قررت النيابة العامة توقيف الجدة، وابنها على ذمة التحقيقات بتهمة التعذيب والاعتداء الجنسي، ولكن قاضي المعارضات قرر بعد مرور 4 أيام إخلاء سبيل الجدة لحين ورود تقرير الطبيب الشرعي، فاستأنفت النيابة فتقرر تجديد حبس الجدة وابنها 15 يوما على ذمة التحقيقات.
وبحسب ما ستصل إليه نتيجة تقرير الطب الشرعي فإن عقوبة الإعدام قد تطبق على الجدة وابنها إذا ثبت أن الطفلة تعرضت للاغتصاب، وتم تعذيبها كما يقول أحمد مصيلحي المحامي، في «الائتلاف المصري لحقوق الطفل». ويقول مصيلحي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال أكد تقرير الطب الشرعي وجود اغتصاب، فإن عقوبة الخال ربما تكون الإعدام، لارتكابه المواقعة الجنسية مع طفلة تحت وصايته، وهذه حالة تستوجب تشديد العقوبة. ويضيف أن عقوبة الجدة ستكون الإعدام أيضا، إذ ثبت أنها سهلت إجراء هذه الجريمة بالصمت أو إجبار الطفلة على عدم الحديث.
أما في حال عدم وجود اغتصاب، فإن العقوبة ستكون 7 سنوات بتهمة ضرب أفضى إلى موت، وهي تهمة في قانون العقوبات المصري، ولا توجد مادة خاصة تتعلق بتغليظ العقوبة إذا كان المعتدى عليه طفلا.
وتعهد المجلس القومي للمرأة في بيان له مساء أول من أمس، أنه سيتخذ حاليا كافة الإجراءات اللازمة لحماية شقيقة الطفلة جنة، وتقديم كافة سبل الدعم النفسي لها، مضيفا أنه سيتم تقديم تقرير (بحث حالة) للنيابة العامة للنظر في إخراجها من المكان الذي تتعرض فيه للخطر، وفقاً لأحكام المادة 99 مكرر من قانون الطفل. ولفت المجلس إلى أنه «سيتم تسليم الطفلة إلى عائل مؤتمن، أو إيداعها إحدى دور الرعاية لحين زوال تعرضها للخطر».