معلمو الأردن يستمرون في إضرابهم للأسبوع الرابع

وسط مخاوف من تأجيل الفصل الدراسي الأول

إحدى المظاهرات في عمان التي تقودها نقابة المعلمين في الأردن (أ.ف.ب)
إحدى المظاهرات في عمان التي تقودها نقابة المعلمين في الأردن (أ.ف.ب)
TT

معلمو الأردن يستمرون في إضرابهم للأسبوع الرابع

إحدى المظاهرات في عمان التي تقودها نقابة المعلمين في الأردن (أ.ف.ب)
إحدى المظاهرات في عمان التي تقودها نقابة المعلمين في الأردن (أ.ف.ب)

يدخل إضراب المعلمين الأردنيين أسبوعه الرابع، وسط استعصاء جلسات الحوار مع الحكومة في توصل لنتائج، ووسط تساؤلات حول قانونية استمرار الفصل الدراسي الأول.
وحمل الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين الأردنيين نور الدين نديم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الحكومة «مسؤولية فشل جلسات الحوار، أمام تعنت وزارة التربية والتعليم في رأيها ورفضها الاعتراف بمبدأ علاوة المعلمين الـ50 في المائة، وبين نديم بأن الحكومة لا تقدم مبادرات من شأنها تهدئة ميدان المعلمين، «حتى يعودوا إلى غرف التدريس، شاعرين بأن مطالبهم لقيت تجاوباً بما يحفظ حقوق المعلم ويحصنه أمام تغول متطلبات المعيشة والاستقرار».
وسجل إضراب المعلمين رقماً قياسياً كأطول إضراب نقابي شهدته البلاد، بعد توقف نحو 100 ألف معلم عن التدريس في أكثر من 3500 مدرسة حكومية في محافظات المملكة كافة، وتوقف 1.5 مليون طالبة وطالب عن اللحاق بمدارسهم، وفيما أعربت الحكومة عن أملها «ألا يكون هناك إضراب الأسبوع المقبل وأن يعود المعلم والطالب إلى الغرفة الصفية»، أكد رئيس الوزراء عمر الرزاز ليل الخميس الماضي على أن «علاوة الـ50 في المائة غير واردة، وأن هذه الحكومة لم تلتزم بها، مثلما لم تلتزم بها حكومات سابقة، كما أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح إطلاقاً بهذه الزيادات وبهذا الحجم»، مشيراً بهذا الصدد إلى أن «نفس الحكومة طويل وصدرها واسع للحوار ولكن مصلحة الطلبة فوق كل اعتبار وهذا ما يؤمن به المعلم قبل أي شخص آخر في المجتمع».
وفيما توقف أولياء الأمور عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، أكدت نقابة المعلمين في البلاد أن نسبة التزام منتسبيها بالإضراب بلغت 100 في المائة بمدارس المملكة، طيلة أيام الإضراب.
وأمام تشدد الحكومة في رفضها لمطالب المعلمين، نفذ المئات من معلمي المحافظات الأردنية وقفات احتجاجية أمام مديريات التربية والتعليم، خلال أيام الأسبوع الماضي، وكان أبرزها في محافظة المفرق شرقي البلاد، فيما أعلنت النقابة عن سلسلة وقفات ومسيرات احتجاجية ستنفذها في مناطق المملكة، ضمن خطة تصعيد للضغط على الحكومة.
وتشهد منصات التواصل الاجتماعي انقساماً حاداً في الآراء حول الموقف من إضراب نقابة المعلمين، وفيما عبر أهالي طلبة عن «خشيتهم من تأخر العام الدراسي ومصير أبنائهم خصوصاً في مرحلة الثانوية العامة»، عبر البعض عن مواقفهم التضامنية مع المعلم، حتى «لو استدعى الأمر تأجيل العام الدراسي، أو تعطيل الفصل الأول منه».
ووسط ذلك أكدت نقابة المعلمين أنها ستقرر تعويض الحصص المدرسية للطلبة بعد استجابة الحكومة لمطالبهم وإنهاء الإضراب، على أن يتم تعويض جميع الحصص خلال العطلات الأسبوعية وبعد انتهاء الدوام المدرسي، وخلال العطلة الشتوية بين الفصلين.
وكانت الحكومة قد دفعت نقابة المعلمين إلى واجهة التصعيد، بعد إغلاقها منطقة الدوار الرابع أمام اعتصامهم مطلع الشهر الحالي، مكان إقامة الحكومة، مما تسبب في إغلاقات لطرق رئيسية وحيوية من العاصمة، واعتقال نحو 50 معلماً حاولوا تجاوز نقاط الغلق، تم الإفراج عنهم لاحقاً.
وتتشدد الحكومة برفضها مطالب المعلمين المتمثلة بعلاوة على رواتبهم تقدر نسبتها بـ50 في المائة، وتبرر الحكومة رفضها بعدم توفر مخصصات مالية، في ظل استمرار عجز الموازنة للثلث الأخير من العام المالي الحالي، وارتباط إقرار مبدأ العلاوات المهنية بباقي النقابات التي بدأت تطالب هي الأخرى بالعلاوة.
إلى ذلك أكدت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن خيار الحكومة في اللجوء للقضاء والمطالبة بحل نقابة المعلمين، هو خيار مطروح على طاولة القرار، من دون تحديد موعد لذلك، خصوصاً بعد دفع أولياء أمور طلبة لتسجيل قضايا في المحاكم، واتهام النقابة بتجاوزها للقانون واستخدام الطلبة لتحصيل مكتسبات نقابية. فيما أكدت مصادر أخرى على أن خيار تأجيل الفصل الدراسي الأول الذي بدأ مع مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، بات خياراً مطروحاً، وهو ما اعتبرته النقابة «خياراً خطيراً ومرعباً».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.