انتهاكات حوثية لم تستثنِ المقربين من الجماعة

يمنية تنظر إلى مباني المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تنظر إلى مباني المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انتهاكات حوثية لم تستثنِ المقربين من الجماعة

يمنية تنظر إلى مباني المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تنظر إلى مباني المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)

واصلت الميليشيات الحوثية، المدعومة إيرانياً، تدابيرها القمعية بحق سكان العاصمة المختطفة صنعاء خلال الأيام الماضية، دون أن تستثني حتى المقربين من الجماعة أو المهادنين لها.
وفي حين أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الجماعة أقدموا على خطف العشرات من المدنيين في صنعاء وذمار والحديدة على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر»، التي أنهت الحكم الإمامي في 1962، استمر عناصر الميليشيات في ترويع المدنيين وصولاً إلى المقربين منهم.
وذكرت المصادر أن عناصر تتبع القيادي صالح الشاعر، المعيّن من قبل الحوثيين حارساً قضائياً مزعوماً على أموال المعارضين لانقلابها، خطفت قبل يومين الناشط والمحامي عبد الوهاب الشرفي المعروف بدفاعه عن الجماعة في القنوات الفضائية.
وذكر مقربون من الشرفي أن عناصر مقنعين دهموا منزل الأخير، واعتدوا عليه بالضرب، واقتادوه إلى مقر المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء المعنية بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.
وبث ناشطون يمنيون صوراً للشرفي وهو في معتقل الجماعة، وعلى وجهه آثار الاعتداء من قبل عناصر الجماعة، في مشهد يؤكد أن الانتهاكات الحوثية لا تستثني حتى المقربين منها.
كان الشرفي دوّن منشوراً على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» انتقد فيه القيادي الحوثي صالح مسفر الشاعر، المقرب من زعيم الجماعة، بسبب الاستحواذ على أموال المئات من أتباع الحكومة الشرعية ومناهضي الانقلاب الحوثي بشكل مخالف للقانون، من دون وجود أي حسيب أو رقيب.
في السياق القمعي نفسه، أقدم مسلحو الجماعة على نهب جمعية تابعة لنجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في حي حدة جنوب صنعاء، بعد ساعات من رفع العلم الجمهوري على مقر الجمعية للاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر».
وأكد ناشطون في حزب «المؤتمر الشعبي» أن عناصر الجماعة الحوثية اقتحموا مقر جمعية «كنعان لفلسطين» التي يترأسها يحيى صالح، وقاموا بنهب محتويات الجمعية من أجهزة ومستندات، فضلاً عن السيطرة على مقر الجمعية.
وعلى الرغم من عدم مجاهرة نجل شقيق صالح بعدائه للجماعة الحوثية التزاماً بخط قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين في صنعاء للميليشيات، إلا أن ذلك لم يشفع له عند الجماعة، ولا لقيادات الحزب المتحالفين مع الانقلاب.
في سياق متصل طالب ناشطون يمنيون، في بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، الجماعة الحوثية، بالكف عن تدابيرها القمعية بحق السكان، داعين إلى سرعة الإفراج عن رجل الأعمال والخبير الاقتصادي أحمد ثابت العبسي المخفي في سجون الجماعة منذ أكثر من شهرين.
وأكدت مصادر مقربة من العبسي، الذي يرأس واحداً من أهم المصارف اليمنية الخاصة، أن الجماعة الحوثية لم تسمح لأسرته بزيارته على الرغم من ظروفه الصحية المتدهورة.
في غضون ذلك، أكدت مصادر حقوقية أن عناصر الجماعة الحوثية اعتقلوا أربعة أشخاص على الأقل في مدينة الحديدة على خلفية احتفالهم بذكرى ثورة «26 سبتمبر»، كما اعتقلوا آخرين في صنعاء لمجاهرتهم بالاحتفال بهذه الذكرى التي ترى فيها الجماعة تهديداً وجودياً لانقلابها.
وعلى الرغم من التقارير الحقوقية التي تدين الجماعة الحوثية جراء أعمالها القمعية، بما فيها القتل والخطف والإخفاء للمناهضين لها، إلا أن الجماعة تواصل شتى أنواع الانتهاكات بدم بارد، وفق ما يقوله الناشطون اليمنيون.
وكانت الجماعة أطلقت، قبل يومين، في صفقة محدودة لتبادل الأسرى مع الحكومة الشرعية، الناشط عبد الله الشنفي المختطف منذ ثلاث سنوات، حيث ظهر في صور بثها حقوقيون في حالة صحية حرجة بسبب تعرضه للتعذيب في معتقلات الجماعة.
وتشير تقارير حقوقية يمنية وأخرى دولية إلى وفاة أكثر من 150 يمنياً في سجون الميليشيات، بسبب ما تعرضوا له من تعذيب نفسي وجسدي على يد عناصر الجماعة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.