هل تقع غرف أخبار ووكالات أنباء عالمية «ضحية» إعلام حوثي؟

عنصر أمني يحرس أحد تجمعات الحوثيين المسلحة في صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر أمني يحرس أحد تجمعات الحوثيين المسلحة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

هل تقع غرف أخبار ووكالات أنباء عالمية «ضحية» إعلام حوثي؟

عنصر أمني يحرس أحد تجمعات الحوثيين المسلحة في صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر أمني يحرس أحد تجمعات الحوثيين المسلحة في صنعاء (أ.ف.ب)

تمر 5 أعوام على احتلال الميليشيات الحوثية العاصمة اليمنية صنعاء، حيث كان ذلك في 21 سبتمبر (أيلول) من 2014. تمر الأعوام ولا تزال صنعاء بيد الانقلابيين، ذلك الأمر تجاوز المعلومة، لأن كل المعطيات تثبت ذلك خصوصاً للإعلام الذي يرى بكل الزوايا.
اليمنيون أنفسهم كشفوا في تقارير إعلامية عن تغلغل إيراني في الإعلام اليمني داخل البلاد، وذلك منذ السيطرة الحوثية على صنعاء، وهي الرؤية الإيرانية التي تمسك مفاصل القوة في أي صراع، خصوصاً أنهم ينجحون في خلق صورة ناصعة عن الدولة الإيرانية ومواقفها داخل إيران إلى حد ما.
النهج الذي تسير عليه دعاية الحوثيين تشبه كل ما تتداوله الآلة الإعلامية الإيرانية، حيث تركز على خطابين وتكرس لنفسها حضوراً في وكالات الأنباء وغرف الأخبار لتمرير تلك الرسالة التي تخالف قواعد المهنة باختلاق أكاذيب، خصوصاً مع كل تطور أو حالة انكسار حوثية (إيرانية).
زاد من تبني وجهات النظر الحوثية الإعلامية، توظيف بعض وكالات الأنباء خدمةً للدعاية الحوثية، فما كان من كشف للسعودية حول الأسلحة الإيرانية التي استهدفت معملي بقيق وخريص في شرق البلاد، في 14 سبتمبر الجاري، إلا أن فضح هذه الدعاية، إذ كانت الآلة الإعلامية الحوثية تكرس لأن الميليشيا الحوثية هي من استهدف. ورغم أن كل الأدلة تشير إلى أن الاستهداف قادم من الشمال، ظلت آلة الحوثي تركض نحو محاولة التكريس لوجهة نظرها خدمةً لقضايا الانقلابيين داخل اليمن.
حينها، وصف مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، الحوثيين بأنهم «مشهورون بالكذب كثيراً». وكان الوزير الأميركي قد طالب الصحافيين المرافقين له في رحلته الحالية للسعودية والإمارات بالتباحث بشأن كيفية الرد على الهجوم الإرهابي على منشآت النفط في بقيق وخريص السعوديتين بعد نقل رواية الحوثيين «كما لو أنها رواية صحيحة». وأضاف: «هؤلاء الأشخاص يكذبون، وبغضّ النظر عن مضمون ما تنقلونه عنهم من أخبار، بدل عبارة (الحوثيون يقولون) يجب أن تقولوا (الحوثيون المشهورون بالكذب كثيراً ذكروا ما يلي). هذا أمر مهم».
وتابع بومبيو: «يجب ألا تُنقل عنهم الأخبار كما لو أنها رواية صحيحة، كما لو أن هؤلاء هم أشخاص لا يخضعون تماماً لقوة الإيرانيين، ولا يروجون للإيرانيين، ويدّعون هجمات لم يقوموا بها، وهو ما كان واضحاً هنا، في كلّ مرة تذكر فيها الحوثيين يجب أن تذكر عبارة (الحوثيين المشهورين بالكذب كثيراً)، ومن ثم يمكنك كتابة كل ما يقولونه وهكذا سيكون لديك تقرير جيد».
تداول بعض وكالات الأنباء العالمية أخباراً، أمس، عن استهداف مواقع في مدينة نجران وأسر أكثر من ألفي جندي سعودي. أخذت وكالات الأنباء تلك الرواية التي كان مصدرها متحدث الانقلابيين، وشاعت رغم أن التحالف ومعه الولايات المتحدة وإعلام آخر خارج أروقة المظلة الحوثية، تثبت بالأدلة والمرئيات خلاف تلك الأنباء.
وكالات الأنباء هي المورد الأساس لغرف الأخبار، ويتّبع معظمها معايير إخبارية مشتركة، مع أن دورها آخذ في احتمالية الخطأ لا سيما مع تصاعد وسائل التواصل الاجتماعي، وفق وصف أكاديمي سعودي، مشيراً إلى أن المواد الخام التي تنقلها الوكالات تحتاج إلى مراجعة، كذلك ما تتم إعادة نشره، حيث إن ذلك يكون تبنياً دون أخذ الرأي الآخر.
الدكتور فهد البقمي، أستاذ الإعلام السياسي، يرى أن الحرب الإعلامية «أساس المكسب لأي صراع سياسي»، ويقول: «في اليمن يحرص الحوثيون على استقطاب أخبار واهية غير صحيحة لإشاعة الروح الإيجابية ووضع سياقها في إطار القوة التي ترفع من حضورهم الشعبي». لكن متى يمكن أن تكون الرسالة الدعائية للحوثيين موجّهة إلى الداخل ومتى تصلح أن تكون للخارج؟ يجيب البقمي بأن اشتداد الأزمات يعبّد طريقاً لاختلاق القصة.
ويرى الأكاديمي السعودي أن «الرسالة للداخل تكون من خلال المواقع الإلكترونية التي أثبت الحوثيون عسكرتها، للترويج لانتصارات زائفة»، مضيفاً أن «المواجهة بالشفافية وسرعة الرد تغربل الرسائل وإشاعات الأنباء خصوصاً مع الأخبار في الحروب».
على الصعيد ذاته، يرى المتابع أن قناة «الجزيرة» التي تموّلها قطر، «تحاول التصعيد مع كل تصعيد إخباري من قِبل الميليشيات، خصوصاً في مواقع الجنوب اليمني، وتبرز تقاريرها المضخمة عن الدعاية الحوثية وحتى إن حضر النفي أو التوضيح من قِبل ناقلي الحقيقة من إعلام أو متحدثين أو حكومات».
ومع كل هزيمة حوثية، تتجه أنباؤهم طردياً إلى خلق حالة مغايرة من النبأ الصحيح، خصوصاً أنهم يتورطون في صناعة الوهم حتى في تقارير الأنباء لدى الوكالات، فيما تكرر ويتكرر النفي والإيضاح من التحالف بقيادة السعودية، آخرها عن استهدافات حوثية فيما يسمونه «محور نجران»، لكن العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، يشير وفق الإثباتات إلى أن إعلانات النصر الوهمية الحوثية، هي «محاولات زائفة تنتهجها الميليشيات لرفع الروح المعنوية لمقاتليها».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.