السيسي يطمئن المصريين... وإخفاق دعوات التظاهر

الرئيس يلوح بتفويض جديد... ووقفة تأييد ضخمة لمؤيديه

وقفة تأييد ضخمة لمؤيدي الرئيس السيسي في منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة) أمس (إ.ب.أ)
وقفة تأييد ضخمة لمؤيدي الرئيس السيسي في منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة) أمس (إ.ب.أ)
TT

السيسي يطمئن المصريين... وإخفاق دعوات التظاهر

وقفة تأييد ضخمة لمؤيدي الرئيس السيسي في منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة) أمس (إ.ب.أ)
وقفة تأييد ضخمة لمؤيدي الرئيس السيسي في منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة) أمس (إ.ب.أ)

أخفقت الدعوات التي أطلقها مناوئون للسلطة في مصر في حشد المتظاهرين، أمس، فيما أظهر الداعمون للرئيس عبد الفتاح السيسي، حضوراً لافتاً عبر وقفة تأييد ضخمة شهدتها القاهرة، وبثّت وسائل إعلام محلية مشاهد لمشاركة الآلاف من المواطنين فيها.
وفي إشارة لإجراءات جديدة قد يتخذها، لوّح الرئيس المصري بإمكانية دعوته «الملايين» للخروج في «تفويض جديد» مشابه لما حدث إبان «ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013» عندما طلب من مواطنيه مساندته لمواجهة «الإرهاب»، والمضي قدماً بمسار إزاحة سلطة حكم تنظيم «الإخوان» والرئيس الأسبق محمد مرسي.
وعلّق السيسي لأول مرة بشكل مباشر، على الاحتجاجات النادرة والمحدودة التي شهدتها مصر، قبل أسبوع، ورأى في تصريحات عقب وصوله إلى القاهرة في ساعة مبكرة من صباح أمس، عائداً من نيويورك بعد مشاركته في أعمال الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنها تعبر عن محاولات «كذب وافتراء عبر كتائب إلكترونية تعمل لرسم صورة مزيفة عن الواقع وخداع المصريين».
وقال السيسي، في مقطع فيديو مصور بثّته وسائل إعلام محلية وصفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وظهر أمامه مئات من المواطنين الذين استقبلوه بهتافات مؤيدة لدى عودته من أميركا، إن «ما حدث قبل ذلك ما ينفعش يتعمل تاني» (في إشارة على ما يبدو لأحداث «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»)، مضيفاً: «لا تقلقوا من شيء... لا تقلقوا من شيء... مصر زي الفل، وكل حاجة كويسة (جيدة) جداً».
وحالة التفاعل الأخيرة في مصر، تأتي في أعقاب حملة من الفيديوهات الرائجة، بدأ بثّها ممثل ومقاول مصري مقيم في إسبانيا يدعى محمد علي، ونشطاء آخرون، واعتبرت «مسيئة» للجيش، وعلّق الرئيس المصري على بعض ما جاء في مقاطع علي، وقال إنه «كذب وافتراء».
وعندما سئل السيسي عن انطباعه بشأن مظاهرات التأييد التي استقبلته، أجاب: «أقول للمصريين، يوم ما هطلب منكم كما حدث يوم التفويض عام 2013 (ثورة 30 يونيو) رسالة للعالم كله، تنزل الملايين، لكن مش أقل من كده».
وفي نهاية نهار أمس، بثّ علي، الذي كان قد دعا للتظاهر، فيديو، يستحثّ فيه مؤيديه للمشاركة. وقال مخاطباً إياهم: «إنزلوا، لازم الناس تشوف، والإعلام العالمي يشوف المصريين في الشارع»، ومضيفاً في نبرة صارخة: «اتعبوا يوم علشان البلد (...) هنكسل يوم».
بدورها، نقلت وسائل إعلام محلية مصرية، مشاهد تجمعات ضخمة لمؤيدي الرئيس السيسي، في منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بمنطقة مدينة نصر (شرق القاهرة)، وحمل بعضهم صوراً للرئيس، فضلاً عن التلويح بالأعلام. وأمسك آخرون بلافتات تشير إلى انتمائهم لمحافظات مصرية مختلفة. وفي منتصف منطقة تجمعات المؤيدين، نُصب مسرح كبير محاط بالأضواء والسماعات الضخمة، وتحدث عدد من الفنانين إلى الحضور، كما أدى مطربون عدداً من الأغاني الوطنية. وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة في منطقة وسط القاهرة، فيما أغلقت إدارة مترو «أنفاق القاهرة» 4 محطات رئيسية قريبة من ميدان التحرير، وأبلغت الركاب أنها «مغلقة للصيانة».
وفي رسالته لمواطنيه، قلّل السيسي من أثر دعوات التظاهر المعارضة، وقال: «إحنا جامدين أوي إن شاء الله، والبلد جامدة أوي بكم (المصريين)»، وزاد محذراً: «يا مصريين خذوا حذركم لن يتركوكم تنجحوا... الحكاية حرب بينا وبينهم، هم مجموعة صغيرة، ونحن الشعب كله»، في إشارة على ما يبدو إلى تنظيم «الإخوان».
وعلى صعيد قريب، أعلن النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، مساء أول من أمس، أن النيابة العامة بدأت إجراء «تحقيقات موسعة في وقائع التحريض على المظاهرات بالميادين والطرق العامة بعدد من المحافظات، وما تبعها من أحداث لكشف حقيقة تنظيمها والمشاركة فيها»، في إشارة إلى المظاهرات النادرة والمحدودة التي شهدتها مدن مصرية يومي 20 و21 من سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقال النائب العام إن «النيابة العامة استجوبت عدداً لا يتجاوز 1000 متهم من المشاركين في تلك المظاهرات في حضور محاميهم، كما بادرت بالتحفظ على تسجيلات آلات المراقبة، الكائنة بنطاق أماكن تلك المظاهرات ومداخلها ومخارجها بمختلف المحافظات، وفحص صفحات وحسابات المتهمين على مواقع التواصل الاجتماعي».
كما أفاد أن «بعض المتهمين اعترفوا باشتراكهم في مظاهرات ببعض المناطق في 5 محافظات، وكشفت اعترافاتهم عن أسباب مختلفة دفعتهم للتظاهر، منها سوء أحوال بعضهم الاقتصادية، بينما أرجع بعض المعترفين اشتراكهم في المظاهرات إلى خداعهم من قبل صفحات أُنشئت على مواقع التواصل الاجتماعي منسوبة لجهات حكومية ورسمية، تدعو المواطنين للتظاهر واكتشافهم بعد ضبطهم عدم صحة تلك الصفحات».
ونوّه النائب العام كذلك إلى أن قوات الأمن ألقت «القبض على عناصر أجنبية بمحيط أماكن المظاهرات بمحافظة القاهرة، منهم فلسطينيّ اعترف بانضمامه لتنظيم (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني، وآخر هولندي ضبطت بحوزته طائرة مسيرة لاسلكياً تطير على مسافات مرتفعة»، موضحاً أن «النيابة العامة ما زالت تستكمل إجراءات التحقيق وصولاً للحقيقة وتحقيقاً لدفاع المتهمين، عبر مشاهدة تسجيلات آلات المراقبة (...) ليفرج عمن وضعوا أنفسهم بمواضع الشبهات غير قاصدين ارتكاب جرائم، ولينال كل مرتكبٍ لجريمة جزاءه العادل».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».