الجيش الليبي يقصف قلب طرابلس

TT

الجيش الليبي يقصف قلب طرابلس

قصفت طائرات الجيش الوطني الليبي، مقراً لميليشيا مسلحة في قلب العاصمة طرابلس، صباح أمس، بينما قدمت القوات الموالية لحكومة الوفاق حصراً بعملياتها العسكرية على مدار أسبوع، وقالت إنها قتلت ثمانية من «مرتزقة شركة فاغنر الروسية» قبل يومين زعمت أنهم كانوا يتعاونون من قوات الجيش الوطني.
واستيقظت العاصمة في وقت مبكر، أمس، على دوي انفجار هز مناطق عدة متاخمة لطريق الشط، وسط تصاعد لأعمدة الدخان. وقالت عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة «الوفاق» إن طيراناً حربياً تابعاً لقوات الجيش الوطني، استهدف مقر «كتيبة النواصي» بقلب العاصمة. وتتبع «كتيبة النواصي» المعروفة بالقوة الثامنة وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق»، وفق اتفاق الصخيرات الذي أفضى إلى دمج المجموعات المسلحة في المؤسسات الأمنية في العاصمة. ويقع مقر الكتيبة وسط العاصمة بين أعلى أبراجها، مثل برج ذات العماد وماريوت وأبو ليلة.
وقال عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة ترهونة (غرب البلاد) الدكتور محمد عامر إن «الميليشيات تحتمي بالمدنيين وتخزن أسلحتها وعتادها في مواقع مدنية كالمستشفيات والمدارس والفنادق». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش الوطني مؤسسة عسكرية تعمل وفق نظم وآليات، وعندما يتطلب العمل العسكري القيام بعمليات نوعية أو قصف مواقع أو مراكز عسكرية متقدمة، فإن ذلك تحدده طبيعة المعركة وخطط تطهير طرابلس».
وخلفت الضربة الجوية على مقر «كتيبة النواصي» قتيلين على الأقل أحدهما موظف في وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق، وفقاً للوزارة، إضافة إلى إصابة ستة آخرين بجروح متفاوتة. وقال عضو مجلس النواب عن مدينة درنة فرج الشلوي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الجيش الوطني يضرب في الخطوط الخلفية للعدو، وفي الوقت ذاته يستنزف المجموعات الإرهابية خارج المدينة خوفاً على حياة المدنيين».
وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» أمس، عن مقتل 17 من مسلحي تنظيم داعش في قصف نفذته قواتها جنوب غربي ليبيا، في ثالث ضربة جوية خلال الشهر الجاري. وقالت «أفريكوم» في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، أمس، إن الضربة الجوية، التي نفذّت بالتنسيق مع حكومة الوفاق استهدفت عناصر التنظيم جنوب البلاد. ونقل البيان عن مدير الاستخبارات في القيادة الأميركية هايدي بيرغ أنهم سيواصلون ملاحقة «داعش» وإرهابيين آخرين في جنوب ليبيا، «لحرمانهم من الملاذ الآمن للتنسيق والتخطيط للعمليات داخل ليبيا».
وكانت «أفريكوم» أعلنت الأربعاء الماضي، تنفيذ ضربة جوية استهدفت مدينة مرزق جنوبي ليبيا، أسفرت عن مقتل 11 عنصراً يشتبه بانتمائهم إلى «داعش». كما سبقتها بعملية أولى في المنطقة ذاتها.
وعلى المسار السياسي، عقد المبعوث الأممي غسان سلامة، سلسلة لقاءات مع قيادات دولية وأفريقية، تمحورت حول إمكانية حلحلة الأزمة باتجاه عقد المؤتمر الدولي المزمع في ألمانيا هذا العام. وقالت البعثة في بيان، أمس، إن سلامة اجتمع مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن «الطرفين ناقشا الأوضاع في ليبيا ودور المنظمات الإقليمية والجامعة العربية في إيجاد حل للأزمة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».