خلافات تطيح أحد أبرز قادة محاربة «داعش» في العراق

عبد المهدي أعفى قائد قوات مكافحة الإرهاب من مهامه

TT

خلافات تطيح أحد أبرز قادة محاربة «داعش» في العراق

أثار قرار لرئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، بنقل قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، إلى دائرة الإمرة في وزارة الدفاع، ردود فعل واسعة في مختلف الأوساط. وفيما هناك من رأى أن هذا الإجراء أمر طبيعي طبقاً للسياقات العسكرية، فإن خبراء وسياسيين آخرين رأوا أنه يأتي على خلفية خلافات عميقة داخل جهاز مكافحة الإرهاب الذي يقوده الفريق أول الركن طالب شغاتي.
كان مصدر أمني أعلن، أمس، أن عبد المهدي أحال قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إلى إمرة وزارة الدفاع. ويعد الساعدي من القادة البارزين الذين شاركوا في عمليات التحرير الأخيرة لعدد من محافظات العراق، وتسنم عدة مناصب قيادية في القوات الخاصة العراقية وجهاز مكافحة الإرهاب، كان آخرها منصب قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب.
والساعدي خريج الكلية العسكرية الأولى، ويعد من الأوائل في دورته، وقد تدرج بالرتب العسكرية إلى حين نقله إلى جهاز مكافحة الإرهاب وأصبح رئيس أركان قوات مكافحة الإرهاب، وأشرف على تخريج الكثير من مقاتلي العمليات الخاصة. كما لعب دوراً بارزاً في عمليات قتال «داعش» منذ معركة الرمادي مركز محافظة الأنبار في 2014 لحين تحرير مدينة الموصل عام 2017، ويعد أكثر قادة محاربة تنظيم «داعش» شعبية في العراق. وكان من بين من تم تداول أسمائهم كمرشح لرئاسة الوزراء العام الماضي.
الساعدي، من جانبه، وطبقاً لتصريح صحافي له أمس، عد القرار «إهانة» له كضابط ومقاتل، وكشف عن تفاصيل حواره مع القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي عقب القرار. وقال الساعدي إنه «لا يعرف سبب صدور هذا القرار». وأضاف أنه «اتصل برئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، واستفهم عن سبب القرار»، وما إذا كان له موقف ضده، مشيراً إلى أن عبد المهدي «رد بالنفي، وقال له أنت ضابط كفؤ وجيد»، لافتاً إلى أنه «استغرب حديث عبد المهدي، وأجابه بالقول: هل هذا جزاء خدمتي الجيدة إذن؟». كما عد الساعدي أمر إحالته إلى إمرة وزارة الدفاع «عقوبة وإساءة وإهانة له، ولرتبته العسكرية»، مشدداً بالقول: «لم أجلب رتبتي من الشارع، وجميع الضباط في قيادة القوات الأمنية الآن تدربوا على يدي في كلية الأركان». وقال الساعدي إن «القائد العام للقوات المسلحة له كامل الصلاحيات بإصدار الأوامر العسكرية، لكن كان يمكن له أن يحيلني على التقاعد، وكنت نفذت الأمر فوراً»، موضحاً أن «حقيبة وزارة الدفاع كانت قد عرضت عليه سابقاً من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لكنه رفضها، حيث لا تزال المعارك مستمرة ضد تنظيم (داعش)». وبشأن التسريبات حول وجود خلافات مع الفريق أول ركن طالب شغاتي، قائد جهاز مكافحة الإرهاب، قال الساعدي، إن «شغاتي هو من طالب عبد المهدي بإبعاده عن الجهاز في كتاب شخصي وسري، دون معرفة الأسباب»، على حد تعبيره، لكنه أشار إلى أن «تسلمه لقيادة قوات جهاز مكافحة الإرهاب ضربت مصالح البعض، بعد أن اكتشف وجود 200 شخص (فضائي)».
وفي هذا السياق، أوضح الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما قام به رئيس الوزراء أمر طبيعي في السياقات العسكرية»، موضحاً أن «نقل الضباط وتدويرهم داخل المؤسسة العسكرية أمر طبيعي، بل هو مهم في إصلاح المنظومة الأمنية». ورداً على سؤال عما إذا لم تكن لهذا القرار دوافع أخرى، قال الزاملي «لا توجد له على حد علمي أي دوافع طالما هو أمر معمول به داخل أجهزة الدولة ومنها المؤسسة العسكرية».
في السياق نفسه، أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد استقرار الوضع الأمني في العراق باتت بعض المفاصل الأمنية تشهد حالة من الترهل الوظيفي»، مبيناً أن «مثل هذا الوضع يستدعي من القائد العام للقوات المسلحة القيام بعمليات تدوير وظيفية». وأضاف أن «الفريق عبد الوهاب الساعدي لن يترك فقط في دائرة الإمرة، بل هناك منصب ينتظره أمني أو إداري، وبالتالي لا يعد إبعادًا له مثلما بدأت تروج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي».
لكن الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي، له وجهة نظر أخرى، ففي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول، إن «مثل هذه السياقات الإدارية والعسكرية تبدو غير مدروسة نفسياً في إحالة القائد عبد الوهاب الساعدي وضباط آخرين إلى الإمرة». وأضاف الهاشمي أن «الحرب على (داعش) لا تزال مستمرة، وبالتالي فإن تجميد رموز النصر في هذا الوقت يعد في الواقع خللاً كبيراً يحفز معنويات العدو، ويضعف ثقة المواطن بقرارات القيادة العسكرية».
من جهته، أكد رئيس «المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية والأمنية» الدكتور معتز محي الدين، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «التغيير مطلوب في القوات المسلحة بمختلف صنوفها، وبالتالي فإن الوزير الحالي للدفاع يعرف كل القيادات الموجودة، التي احتلت أماكن مهمة خلال العمليات السابقة التي حاربت (داعش)، خصوصاً قيادات جهاز مكافحة الإرهاب». وأضاف أنه «بصرف النظر عن أي أمر يمكن أن يقال، فإنه لا بد من وضع استراتيجية جديدة للأمن الوطني والدفاع، ولذلك فإن هذا التغيير عادي يمكن أن يحدث في أي وزارة أمنية»، مبيناً أن «الأمر نفسه حصل بالنسبة لوزارة الداخلية حين عمل وزير الداخلية الحالي على تغيير قيادات مهمة في مختلف مفاصل الوزارة». وأوضح محي الدين أنه «لا ينبغي النظر إلى الموضوع على أنه يمكن أن يترك تأثيراته على الأمن الوطني، غير أن هناك أحاديث وتصريحات صدرت من بعض أعضاء البرلمان، وحتى قيادات عسكرية، يختلفون مع هذه الرؤية تضررت من هذه الإجراءات، لا سيما بعد أن تم تقريب قيادات وإبعاد أخرى».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.