ميسي يستحق لقب الأفضل لأنه يختلف عن الآخرين

حصل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي على جائزة أفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) للمرة السادسة في تاريخه في رقم قياسي لم يسبقه إليه أي لاعب في تاريخ الساحرة المستديرة من قبل. وفي الحقيقة، كان كثيرون يرون أن المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك هو الأحق بالحصول على هذه الجائزة، بفضل الأداء الرائع الذي قدمه خلال الموسم الماضي، وقيادته للمنتخب الهولندي للوصول للمباراة النهائية لدوري الأمم الأوروبية، وقيادته لنادي ليفربول للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، وخسارة لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق نقطة وحيدة عن مانشستر سيتي، بعد منافسة شرسة للغاية على مدار الموسم.
لكن ميسي هو الذي حصل على الجائزة للمرة الأولى بالنسبة له منذ عام 2015. وخلال هذه الفترة، حصل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يهيمن على كرة القدم العالمية إلى جانب ميسي منذ فترة طويلة، على هذه الجائزة المرموقة أربع مرات. لكن رونالدو حل ثالثاً هذا العام، بعد ميسي وفان دايك، ولم يحضر حفل توزيع الجوائز حتى لا يرى غريمه التقليدي وهو يحصل على الجائزة للمرة السادسة ويتفوق عليه، بعدما كانا يتساويان معاً بخمس جوائز لكل منهما. أما بالنسبة لجائزة أفضل لاعبة كرة قدم في العالم، ففازت بها ميغان رابينو بعد أدائها الاستثنائي في كأس العالم الأخيرة للسيدات. وحصل المدير الفني الألماني يورغن كلوب على جائزة أفضل مدير فني في العالم.
وفي آخر أربع سنوات، جاء المركز الأول والثاني في جائزة أفضل لاعب في العالم كالتالي: رونالدو ثم ميسي، رونالدو ثم ميسي، مودريتش ثم رونالدو، والآن ميسي ثم فان دايك. وفي الحقيقة، يشعر عدد من الجمهور (وليس جمهور ليفربول فقط) بخيبة أمل، لعدم فوز فان دايك بالجائزة. وقبل عام ونصف العام فقط، كان المدافع الهولندي البالغ من العمر 28 عاماً يلعب مع نادي ساوثهامبتون الإنجليزي الذي يحتل مركزاً متوسطاً في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه تألق بشكل لافت منذ انتقاله إلى ليفربول وأبهر الجميع بقدراته الدفاعية الفائقة، وأعاد للريدز توازنه في الخط الخلفي، رغم اتفاقنا على أنه لا يمتلك المهارات الفذة أو الإمكانيات المذهلة كتلك التي يمتلكها ميسي، على سبيل المثال.
ويجب الإشارة أيضاً إلى أن هناك عوامل أخرى تتحكم في اختيار أفضل لاعب في العالم، منها بعض الأمور التسويقية وشعبية اللاعب الطاغية في جميع أنحاء العالم. لكن الجمال الحقيقي لكرة القدم يكمن في اللعب الجماعي في حقيقة الأمر. ولا يزال ميسي يمثل علامة تجارية رائجة، لا سيما بالنسبة لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جيانو إنفانتينو. ولا يجب أن ننسى أن ميسي كان قد تعرض للإيقاف عن اللعب الدولي مع منتخب بلاده لمدة ثلاثة أشهر هذا العام بعد اتهامه الحكام في كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) بالتحيز. لكن يبدو أن كل هذه الأشياء يتم نسيانها عندما يتعلق الأمر بليلة من هذا القبيل!
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الفائز بهذه الجائزة هو مَن يحصل على أكبر عدد من النقاط عبر التصويت المباشر، بعد أن يتم اختيار القائمة المختصرة لأفضل ثلاثة لاعبين في العالم من قبل «فريق من خبراء كرة القدم»، والاعتماد على أصوات المديرين الفنيين وقائدي المنتخبات الوطنية عبر العالم، بالإضافة إلى مجموعة من «المشجعين المعتمدين من الاتحاد الدولي لكرة القدم من جميع أنحاء العالم».
وفي نهاية الأمر، كان فوز فان دايك بهذه الجائزة سيشهد ترحيباً من كثيرين، وكان سينظر إليه على أنه «خطوة ثورية»، إن جاز التعبير، نظراً لأن هذا اللاعب يهتم في المقام الأول والأخير باللعب الجماعي ومساعدة فريقه على التطور والتحسن وتحقيق نتائج إيجابية. وإذا كان ليفربول هو أفضل نادٍ في العالم في الوقت الحالي، فمن المؤكد أن فان دايك هو المحرك الأساسي لهذا الفريق وأهم أسباب نجاحه في الفترة الأخيرة، تماماً كما يعد انتصار ليفربول بمثابة انتصار للعب الجماعي على حساب المهارات الفردية.
ورغم كل ذلك، يستحق ميسي الحصول على هذه الجائزة تماماً، نظراً لأنه حقق أرقاماً مذهلة مرة أخرى. فخلال الفترة من 9 يوليو (تموز) 2018 إلى 13 يوليو (تموز) من هذا العام، لعب ميسي 58 مباراة سجل خلالها 54 هدفاً، وقاد برشلونة للفوز بلقب الدوري الإسباني الممتاز، وحصل على «الحذاء الذهبي» كأفضل هدَّاف في الدوريات الأوروبية، كما حصل على لقب هداف دوري أبطال أوروبا.
وفي الفترة نفسها، لعب فان دايك 59 مباراة، وقاد فريقه للخروج بشباك نظيفة في 29 مباراة منها، وحصل على لقب أفضل لاعب في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. أما رونالدو، فسجل 31 هدفاً في 47 مباراة، وفاز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز مع يوفنتوس، كما قاد البرتغال للحصول على لقب دوري الأمم الأوروبية، وهو جهد رائع بالنسبة للاعب يبلغ من العمر 34 عاماً وفي فريق جديد.
ومع ذلك، يجب التأكيد على أن ميسي مختلف تماماً عن جميع اللاعبين الآخرين. صحيح أنه قد أصبح أبطأ من ذي قبل بسبب تقدُّمه في السن، وهو الأمر الذي اضطره لتغيير مركزه داخل الملعب لكي يتغلب على هذا الأمر، لكنه لا يزال موهبة استثنائية تبهرنا دائماً بكل ما هو جديد ورائع. وبكل بصراحة، من الممكن أن نمنح هذه الجائزة لميسي لما قدمه في مباراة واحدة فقط، وأعني بذلك عندما لعب على ملعب ويمبلي أمام توتنهام هوتسبير، عندما راوغ لاعبي الفريق الإنجليزي بكل سهولة ومرر الكرة بين أقدامهم وأمتعنا بمهارات لم نرها من قبل على الملاعب الإنجليزية. وفي الحقيقة، لن نشعر بقيمة ميسي ورونالدو إلا عندما يعلقان قفازيهما ويعتزلان كرة القدم!