خامنئي يشكك في «الوساطة» الأوروبية والوكالة الدولية تحذر من توسع التخصيب

المرشد الإيراني علي خامنئي يلتقي أعضاء مجلس خبراء القيادة في طهران أمس (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي يلتقي أعضاء مجلس خبراء القيادة في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

خامنئي يشكك في «الوساطة» الأوروبية والوكالة الدولية تحذر من توسع التخصيب

المرشد الإيراني علي خامنئي يلتقي أعضاء مجلس خبراء القيادة في طهران أمس (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي يلتقي أعضاء مجلس خبراء القيادة في طهران أمس (أ.ف.ب)

بعد أيام من جهود وساطة دولية على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة لخفض التوتر بين واشنطن وطهران، شكَّك المرشد الإيراني، علي خامنئي، أمس، بجدوي «الوساطة» الأوروبية، مندداً بـ«العداء الواضح» الذي أظهرته بعض الدول الأوروبية «حيال الأمة الإيرانية»، وأظهر تقرير صدر عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، أمس، أن إيران انتهكت مجدداً الاتفاق النووي الموقَّع مع القوى العالمية بتخصيب اليورانيوم بأجهزة طرد مركزي متقدمة، كما تعتزم تركيب المزيد من هذه الأجهزة، وذكرت وكالة الأنباء التابعة لوزارة النفط أن إيران بدأت في فحص إجراءات الأمن في منشآت النفط والغاز، بما يشمل استعدادها للتصدي لهجمات إلكترونية عبر الإنترنت، بعد ورود تقارير إعلامية عن أن واشنطن تدرس شن هجمات عبر الإنترنت على طهران.
ونقل موقع خامنئي قوله، أمس، لحشد من رجال الدين المتنفذين أن «الأوروبيين دخلوا في الظاهر كوسيط وتحدثوا كثيراً، لكن أحاديثهم كانت فارغة المحتوى»، معتبراً أن «دوافع العداء الأوروبي مع الجمهورية الإسلامية لا تختلف كثيراً مع العداء الأميركي»، ومع ذلك قال إن «التحرك(الدبلوماسي) وإبرام العقود لا مشكلة فيها، لكن إطلاقاً يجب ألا نعلق عليهم الآمال».
واعتبر خامنئي أن «الأوروبيين ورغم وعودهم بقوا ملتزمين بالحظر الأميركي، ولم يتخذوا أي إجراء، ومن المستبعَد أن يتخذوا من الآن فصاعداً موقفاً لصالح إيران، ومن هنا، لا بد من قطع الأمل من الأوروبيين»، وتابع أن «الأوروبيين لا يملكون قوة أميركا ولا هيمنتها ولا إمكانيات على مستوى تُذكر، لكن التفكير في أوروبا هو نفسه في أميركا»، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». كما وجه رسالة ضمنية إلى حكومة روحاني وفريق إيران المفاوض بقوله: «الأشخاص الذين تفاوضوا الآن يقولون إن الأوروبيين لم يعملوا بأي من التزاماتهم، وهذا الموضوع أقوى دليل على أنه يجب عدم الوثوق بهم في أي قضية».
وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن خامئني أدلى بتلك التصريحات خلال لقائه نصف السنوي مع أعضاء مجلس خبراء القيادة، الذي تعتبر مهمته الأساسية اختيار خليفة المرشد.
وجاءت مواقفه بعد فشل محاولة أوروبية قادتها فرنسا ووساطات أخرى، منها اليابان، لاحتواء التوتر بين واشنطن وطهران، وكذلك بعدما حملت برلين وباريس ولندن إيران مسؤولية الهجمات التي استهدفت في 14 سبتمبر (أيلول) منشآت نفطية في السعودية.
وتحاول الأطراف المتبقية (بريطانيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا) إنقاذ الاتفاق، إلا أن طهران اتهمت أوروبا مراراً بعدم بذل جهود كافية.
في هذه الأثناء، قالت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، أمس، إنّ إيران أطلقت عملية تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تم تركيبها مؤخراً، في خطوة جديدة، في إطار خفض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقّع عام 2015.
وجاء في تقرير صادر عن الوكالة التابعة للأمم المتحدة المكلفة مراقبة الامتثال لهذا الاتفاق، أن أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي وُضِعت في موقع نطنز الإيراني «هي بصدد تجميع اليورانيوم المخصّب، أو تستعدّ لتجميعه».
وتحققت الوكالة من أن كل أجهزة الطرد المركزي التي تم تركيبها في الخطين الثاني والثالث تقوم بتخزين أو تستعد لتخزين اليورانيوم المخصب، بحسب «رويترز».
وبموجب الاتفاق المبرم في 2015 بين إيران والقوى الكبرى، يتعيَّن على طهران تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة طرد مركزي أقل تطوراً.
وانسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق في مايو (أيار) الماضي، وأعاد فرض عقوبات على إيران، لكنه ترك الباب مفتوحاً للتوصل إلى اتفاق جديد يشمل برنامج الصواريخ الباليستية والدور الإقليمي الإيراني.
وذكر خامنئي أن بلاده «تستطيع التفاوض مع العالم»، وقال: «طريق التعامل ليس مغلقاً مع أي بلد ما عدا الولايات المتحدة والكيان الصهيوني (إسرائيل)»، لكنه عاد للقول مرة أخرى: «ينبغي عدم الوثوق بأي شكل من الأشكال بالدول التي رفعت راية العداء للنظام الإسلامي، وعلى رأسها أميركا وبعض الدول الأوروبية؛ فهذه الدول أعلنت صراحة عداءها للشعب الإيراني».
وحاولت برلين ولندن وباريس في الأسابيع الأخيرة القيام بوساطة تتيح عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الإيراني حسن روحاني، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكنه رفض من على منبر الأمم المتحدة، أول من أمس (الأربعاء) أي لقاء مع ترمب في نيويورك «تحت الضغط».
ويزداد التوتر بين واشنطن وطهران منذ انسحاب ترمب من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وإعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران.
ومع عجز الأوروبيين عن مساعدة طهران في تجنُّب العقوبات الأميركية، بدأت الجمهورية الإسلامية تقلص تدريجياً تنفيذ التزاماتها الواردة في اتفاق فيينا.
إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء التابعة لوزارة النفط الإيرانية (شانا) أن إيران بدأت في فحص إجراءات الأمن في منشآت النفط والغاز، بما يشمل استعدادها للتصدي لهجمات إلكترونية عبر الإنترنت، بعد ورود تقارير إعلامية عن أن واشنطن تدرس شنّ هجمات عبر الإنترنت على طهران.
وأفادت «رويترز»، أمس، بأن القرار يأتي على أثر نشر تقارير بثّتها وسائل إعلام أميركية بأن الولايات المتحدة تبحث احتمال شنّ هجمات إلكترونية على إيران بعد هجمات وقعت في 14 سبتمبر على منشأتين للنفط في السعودية.
وقال موقع «شانا» إن رئيس منطقة بارس الاقتصادية الخاصة للطاقة تفقَّد المنطقة، والتقى بكبار المديرين، ومنهم مسؤولون عن أمن الإنترنت والاستجابة للطوارئ.
وذكرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن رئيس الدفاع المدني، المسؤول أيضاً عن أمن الإنترنت، دعا لتعزيز الإجراءات الأمنية في المنشآت الصناعية، وقال: «أعداؤنا يعتبرون الفضاء الإلكتروني أحد مجالات التهديد الرئيسية ضد الدول، لا سيما إيران».
ووردت تقارير الجمعة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوع هجوم إلكتروني على بعض مصانع البتروكيماويات وشركات أخرى في إيران، لكن هيئة حكومية مسؤولة عن أمن الإنترنت نفت نجاح الهجوم.



ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».