بومبيو يحض دول العالم على الانضمام للضغط على طهران

الجبير: لا يمكن للمجتمع الدولي الصمت أمام تهديدات إيران ونبحث خيارات اقتصادية وعسكرية للرد على الهجوم على «أرامكو»

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يلقي كلمة حول إيران على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يلقي كلمة حول إيران على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك أمس (رويترز)
TT

بومبيو يحض دول العالم على الانضمام للضغط على طهران

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يلقي كلمة حول إيران على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يلقي كلمة حول إيران على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك أمس (رويترز)

حض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دول العالم للانضمام إلى استراتيجية أقصى الضغوط على إيران، موجها انتقادات حادة للدور الإيراني في المنطقة وخاصة الهجوم الأخير على منشأتي النفط في السعودية، معتبرا أن إيران «لا تستجيب إلا بالقوة» وتعهد بتكثيف الضغوط على إيران وحرمانها من موارد النفط، ومحذرا في الوقت نفسه من تبعات انتهاك العقوبات على النظام الإيراني.
وشدد بومبيو أن الهجمات على أرامكو هي عمل حربي على السعودية وهجوم على الاقتصاد العالمي، وصرح أن «إيران هي المعتدية وليست ضحية بأي شكل من الأشكال»، كما تهكم من تصريحات أدلى بها الرئيس الإيراني حسن روحاني لفوكس نيوز وقال إن «روحاني بائس وإيران لا تستجيب إلا بالقوة»، وأعرب عن أسفه «لمن يستمع تصريحات روحاني وظريف ويعتقد أن كلامهما حقيقي».
وبدوره، قال عادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الإنسانية إن السعودية تملك الأدلة على ضلوع إيران في الهجمات على «أرامكو»، وإن الأدلة أثبتت أن الهجوم تم بمعدات إيرانية الصنع، معتبراً أن الهجوم كان عملاً حربياً، ليس فقط ضد السعودية، وإنما ضد المجتمع الدولي.
وقال الجبير، أمام الحاضرين في ندوة «متحدون ضد إيران» بنيويورك، لدينا فريق يقوم بالتحقيقات، ونعلم أن الهجمة جاءت من الشمال، وليس من الجنوب، ونعمل الآن على تحديد الموقع الذي خرجت منه الهجمات، وسنرى ما ستخرج به التحقيقات من نتائج، ولدينا قائمة من الخيارات، تشمل خيارات اقتصادية وعسكرية للرد على تلك الاعتداءات الإيرانية.
وإيران دأبت على التدخل وتمويل الجماعات الإرهابية لزعزعة استقرار جيرانها على مدى 40 عاماً، وتطلق الصواريخ، وقامت بتفجير السفارات الأميركية، واغتيال الدبلوماسيين، ودعم الإرهاب. وقال: «لا بد من تحميل إيران المسؤولية عن تصرفاتها، ولا بد من عواقب لتلك الهجمات، ولطالما تهربت إيران من عواقب تصرفاتها، وآن الأوان لوضع حد لهذه التصرفات».
وقال الجبير إن السعودية تتشاور مع حلفائها حول الخيارات والخطوات التالية. وأشاد ببيان الدول الأوروبية الثلاث في إدانة إيران وتحميلها المسؤولية عن الهجمات على «أرامكو».
وانتقد الجبير الاتفاق النووي المبرم في 2015، مشيراً إلى أنه كان في صالح إيران، وسمح لها بالحصول على الأموال، ولم يسمح بنظام تفتيش قوي، حيث كانت إيران تعمل على برنامجها النووي في أماكن سرية. كما استنكر تصريحات القادة الإيرانيين بالرغبة في الحوار مع السعودية، وفي الوقت نفسه يقومون بأعمال إرهابية ضد المملكة، متسائلاً: «ما هذا النوع من الدبلوماسية؟!».
واستنكر مطالب روحاني بجلاء القوات الأجنبية من منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن السبب الأساسي في وجود تلك القوات هو الحماية من العدوان الإيراني، و«إيران تريد رحيل تلك القوات حتى يتسنى لها تنفيذ هجماتها ضدنا».
ومن جهته نوه بومبيو في كلمته أمام مؤتمر نظمته مؤسسة «متحدون ضد إيران النووية»، المقام لمدة يومين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، أن «إيران لديها أكثر من أربعة عقود من العدوان ضد شعبها وجيرانها وضد الحضارة ولم تتراجع خطوة عن العدوان حتى خلال مفاوضات الاتفاق النووي وقامت بضح الأموال إلى (حزب الله) و(حماس) والحوثيين وميليشيات عراقية، وواصلت إيران دعم تلك الميليشيات حتى بعد الاتفاق النووي».
وأشاد بالموقف البريطاني والفرنسي والألماني الذي حمل إيران مسؤولية الهجمات على منشأتي أرامكو، قائلا إن «البعض انتقد تصريحاتنا أن إيران وراء الهجمات وأننا استبقنا نتائج التحقيقات، لكن الكثير من الدول أشارت إلى اتهام إيران وقالت الدول الأوروبية الثلاث إنه من الواضح أن إيران تتحمل المسؤولية، وهذا أمر جيد أن الدول الأوروبية انضمت للحقيقة وأعلنت الحقائق».
وأشار بومبيو إلى أن الولايات المتحدة ستكثف أيضا جهودها لتثقيف الدول حول مخاطر التعامل مع «الحرس الثوري» الإيراني، وستعمل على تحييده من الاقتصاد الإيراني، مطالباً دول العالم بالانضمام إلى الاستراتيجية التي تتبعها الإدارة الأميركية لتعديل سلوك إيران. وتابع: «الولايات المتحدة ستعزز جهودها لتوعية الدول والشركات على مغبة التعامل مع كيانات مرتبطة بالحرس الثوري، ونحذر من أننا سنعاقبهم إذا واصلت تحدي تهديداتنا».
وأوضح بومبيو أن استراتيجية أقصى الضغوط «تقطع الموارد المالية للنظام الإيراني لإجباره على إبرام اتفاق حقيقي»، مشددا أنه «يتعين على النظام الإيراني وضع مصالح الشعب أولا»، وأعرب عن ثقة بأن ذلك ما يريده الإيرانيون أيضا وستقوم الإدارة الأميركية بمساعدتهم.
وأشار بومبيو إلى فاعلية العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على «قادة لطخت أيديهم بالدماء» وأضاف: «فرضنا عقوبات على قطاعات مثل البتروكيماويات والمصارف لمنع النظام من موارد بملايين الدولارات، وقامت 30 دولة بخفض وارداتها من النفط الإيراني إلى صفر، ونعمل على حرمان إيران من نحو 50 مليار دولار سنويا».
وفيما كانت سيغال ماندلكر نائبة وزير الخزانة الأميركية، خلال المؤتمر، هاجم أكثر من خمسة إيرانيين المسؤولة الأميركية، متهمين واشنطن بـ«فرض عقوبات لتجويع الشعب الإيراني» مما تطلب تدخل رجال الأمن في كل مرة لإخراجهم من القاعة.
ومنذ بداية الجلسة وخلال حديثها عن العقوبات وقف المعارضون ينتقدون العقوبات الأميركية على إيران ويتهمون الإدارة الأميركية بممارسة «الإرهاب».
وتزامنت كلمة ماندلكر مع إعلان الإدارة الأميركية فرض عقوبات على كيانات صينية. وأشارت خلال الجلسة إلى عقوبات متعاقبة ضد «جمال ترست بنك» في لبنان و«حزب الله» والعديد من العقوبات ضد «حماس» و«الحرس الثوري» الإيراني وقالت: «سنلاحق أي انتهاكات وأي تهديدات بقوة ودون هوادة، والهدف هو تكثيف حملة الضغط القصوى للحصول على اتفاق جديد مع إيران». وأضافت: «سنظل نلاحقهم ونضيّق الخناق على إيران ووكلائها حتى لا يجدوا أموالاً لتمويل مخططاتهم في تلك التصرفات الخبيثة، يجب ألا ننسى أنها الدولة الأولى الراعية للإرهاب وكلما ضيّقنا الخناق لن يجدوا أموالاً لتمويل الإرهاب».
من جانبه، شدد الشيخ عبد الله بن راشد بن عبد الله آل خليفة، سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة، على أهمية وقوف المجتمع الدولي في وجه التهديدات الإيرانية، مشيداً بـ«الصبر الاستراتيجي وحكمة الإدارة الأميركية والدول في التعامل مع التصعيد الإيراني». وحرص على التأكيد أن «العودة إلى الاتفاق النووي ليس مقبولاً، وأنه لا بد من الاستمرار في ملاحقة الموارد المالية للنظام الإيراني وبصفة خاصة للحرس الثوري وإلا سيجد طريقة للتحايل».
وقال آل خليفة: «كلما تزايد قيام الدول بتصنيف الحرس الثوري والمركزي الإيراني على قائمة العقوبات والمنظمات الإرهابية أجبر ذلك إيران على تغيير تصرفاتها». وأوضح أن بلاده تساند السعودية وتنسّق مع الجهود الأميركية لمواجهة التهديدات الإيرانية، مشيراً إلى أن البحرين تقع على بعد 200 كليومتر من مدينة بوشهر الإيرانية، وبالتالي في واجهة التهديدات الإيرانية، مطالباً بالتفرقة بين النظام الإيراني والشعب الإيراني الذي يستحق حياة أفضل.
وعرض الوزير البحريني صوراً لأسلحة إيرانية يتم تهريبها إلى البحرين، وسرد العديد من المحاولات الإيرانية لتجنيد وتمويل وكلاء لها، وصوراً لمصانع تصنيع أسلحة في قرى صغيرة داخل البحرين.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».